صحتك وحياتك في نقطة من لعابك! مدهش.. بين الحين والحين يقدم لنا العلم خبطة أو دفعة قوية في مجال التشخيص والعلاج.. الأسبرين كان خبطة تاريخية وتبعه البنسلين وعائلته.. ثم جاءت المناظير.. وجاء "السونار" وغيرها.. وأخيرا التحليل الجيني.. وأنا أعتقد أنه علم المستقبل.. فمن نقطة من لعاب الشخص يمكن إعداد خريطة تفصيلية للأمراض التي ستصيبه في المستقبل، وتصور أن الشخص يمكن أن يعرف مقدما أنه مثلا سيصاب بفقر الدم.. أو الروماتويد.. أو السرطان، يعرف مقدما المرض وتاريخ الإصابة.. فلا يُفاجأ كما يحدث الآن بالمرض يدهمه بلا إنذار.. إن التحليل الجيني هو جرس إنذار يدق مبكرا ليقول للشخص ماذا يحمل له المستقبل من أمراض أو إصابات مرضية.. الزهايمر والباركنسون والسرطان وغيرها. ونظرا لأهمية هذا الاكتشاف فقد راجت عملية الفحوص الجينية، وبفضل التقنية يتم مسح الحمض النووي بسرعة.. وهكذا دخلت شركات كثيرة لها في هذا المجال وأصبح من الممكن بتحليل نقطة واحدة من اللعاب ترسل بالبريد بمعرفة الطالب مقابل بضع مئات من الدولارات فيصله بالبريد أيضا نتيجة الفحص الجيني. وتنبهت إدارة الغذاء والأدوية الأمريكية لهذا الطوفان الجديد، حيث تتركز الشركات الكبرى في هذا المجال في أمريكا، فبدأت تتخذ خطوات نحو تنظيم العملية.. خاصة بعد أن ظهر بعض التضارب في فحوص معامل التحليلات تماما كما يحدث الآن في التحاليل العادية التي أصبحت من ضرورات الفحص عند أغلب الأطباء. وهناك اتجاهات داخل الإدارة الأمريكية.. اتجاه يمنع بيع الفحوص الجينية للمستهلكين مباشرة، ولكن هناك اعتراضات قوية على هذا الاتجاه على أساس أن من حق الناس أن يعرفوا هذه الفحوص ما داموا يدفعون الثمن.. واتجاه آخر أن تتم هذه الفحوص تحت إشراف حتى يتم بيان الخداع التسويقي الذي تقوم به الشركات المنافسة.. كما يتم التأكد من المعايير التي تتم بها هذه الفحوص منعا من التضليل والخداع. وفي كل الحالات لا بد من سرية هذه التحليلات، حيث لا يعرفها إلا صاحبها.. وهناك إطار صدر عن هيئة الجينات البشرية في المملكة المتحدة يمكن أن يكون قاعدة صحيحة للعمليات كلها.. ولعلنا ننتبه من الآن لهذه التقنية التي ستصلنا بسرعة ونضع ما يلزم لها من ضوابط. وبعد.. ماذا يعد العلم لنا من مفاجآت.. الله أعلم.