من ضمن التوصيات التي خرجت عن مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول، مؤتمر للمرأة يعقد تحت مظلة المنظمة في نوفمبر من هذا العام، وهو أمر إيجابي شرط ألا يكون إعادة صناعة (حرملك) إداري يعيش على هامش المسيرة التنموية والحضارية للمجتمع الإسلامي، ويحظى بفتات الاهتمام والميزانيات. وتأتي أهمية هذا المؤتمر بأنه حتماً سيعكس الكثير من التجارب النسائية الإسلامية المتفاوتة، والتي تموضعت فيها المرأة فوق مختلف سلالم التراتبية المهنية فما بين منصب رئيسة الوزراء، إلى امرأة مابرحت تفتقد تمام مواطنتها فوق الأوراق الرسمية بفعل حواجز النوع. لذا نطمح أن يتمكن من بلورة رؤية إسلامية تهتم بتحليل الأهداف العالمية للتنمية المستدامة داخل المجتمع الدولي، في ظل أولويات المنطقة والتجاوب مع الاتفاقيات الدولية الرامية إلى إلغاء التمييز العنصري ضد المرأة، لاسيما أن المؤتمرات التي كانت تنظم كواجهة للمرأة المسلمة لم تكن تناقش قضايا تتعلق بتمكين النساء قدر ما كانت مشغولة طوال الوقت بوضع إستراتيجية (للتصدي للمخططات المشبوهة التي تستهدف المرأة المسلمة) كما كانوا يسمونها. ومن هنا ظل ملف المرأة المسلمة بين يدي تيارات متطرفة حصرت صورة المرأة المسلمة في نطاقين الأول (توفير الدعم اللوجستي للمنظمات الإرهابية، كجمع تبرعات – استقطاب وغسيل أدمغة – المشاركة في مواضع الحروب والقتال) النطاق الثاني كان يبرز من خلال الأنشطة الوعظية (التي كانت تقوم فيها المرأة بنقل وجهة نظر الفقيه إلى المجتمع النسائي وتبريرها وتسويغها، لتعزيز الوصاية عليهن). ولعل هذا الموضوع الذي سيتطلب من منظمة التعاون الإسلامي إدارته بمهارة وحذق حتى لا يستأثر به طيف دون الآخر برؤية أحادية رغم ثراء وتعدد تجربة المرأة المسلمة في مختلف البلدان. ولربما أبرز الموضوعات التي من الممكن أن توضع على أجندة المؤتمر: - تجديد العلاقة بالنص الإسلامي في صورته النقية المصفاة من الركام الذي ظلم المرأة المسلمة عبر التاريخ إلى الدرجة التي فقدت معها خصائصها الإنسانية وأصبحت ضمن بعض التفسيرات تتوازى مع (الدار-الدابة –الثوب). وهذا يتطلب إعادة قراءة التراث واستنطاق ماتم حجبه وطمسه كمشاركتها التأسيسية في مطالع الرسالة عندما نزل الوحي في منزلها، ومشاركتها السياسية أثناء بيعة العقبة الأولى والثانية ومشاركتها التشريعية عبر أم المؤمنين عائشة وأخواتها وحفيداتها من الفقيهات وراويات الحديث الذي يحتشد التاريخ بأخبارهن. -إعادة تموضعات المرأة المسلمة في الفضاء المدني العام كجزء من المنظومة الإنسانية التي تحظى بكل امتيازات المواطنة، وإعادة مراجعة الاجتهادات التي اختطفتها من نطاق الفاعلية، وحجرتها في الحرملك المتخيل، فحضورها ضمن نطاق حشمتها الفاعلة، ومشاركتها ضمن معايير المواهب والخبرات والمؤهلات بات حتمية لا يمكن الاستغناء عنها في مسيرات التنمية للدول المسلمة، دون أن يتدخل في هذا بعد النوع. -تأسيس مدونة تشريعية قانونية خاصة بالمرأة، تحتوي على قراءة شرعية معاصرة لحقوقها مثل استقلالها كمواطنة كاملة الأهلية والحقوق، وقوانين تحميها من الإشكاليات التي تطوقها، كتزويج الطفلات، سن الزواج، إجازات الأمومة، حقوقها داخل الأسرة حقوقها في نطاق العمل وما سوى ذلك كثير من قضايا المرأة المعلقة. -التوصية بفسح حيز للمرأة الفقيهة في مجمع الفقه الإسلامي، فكيف يظل ذلك المجمع يفتي لعموم المجتمع الإسلامي بصورة دورية كل عام، ونصفه غائب أو لربما مغيب. كثيرة هي الأوراق داخل ملف المرأة المتورم، ولعل المؤتمر في نوفمبر القادم يعيد مقاربتها بطريقة شرعية معاصرة، تستنطق المهمل، وتستدني المسكوت عنه في تاريخ المرأة المسلمة. omaimakhamis@yahoo.com لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net
مشاركة :