مفاوضات لشراء "نداء الوطن" اللبنانية لاستعادة التوازن في المشهد السياسي

  • 5/20/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عكس توقف صحيفة “نداء الوطن” عمق الأزمة التي يعيشها القطاع الإعلامي في لبنان، ولاسيما الصحافة الورقية التي شكلت ذاكرة لبنان السياسية والاجتماعية والثقافية، ومع الحديث عن مفاوضات لشرائها وعودة طباعتها، يتجدد الحديث عن إمكانية استعادة الصحيفة لدورها في المشهد السياسي. بيروت - تحدثت تقارير إخبارية لبنانية عن مفاوضات لشراء صحيفة “نداء الوطن” التي أعلنت مؤخرا توقف نسختها الورقية بسبب أزمات مالية، فيما يبدو محاولة لاستثمار اسم الصحيفة التي عرفت بمناهضة حزب الله، والدفاع عن المشروع السيادي للبلاد. وذكرت مصادر مطلعة أن المفاوضات لاتزال جارية ولم يتم الحسم في قرار بيع الصحيفة التي ورغم اكتفائها بالموقع الإلكتروني إلا أنها نجحت خلال السنوات الخمس الماضية بأن تتحوّل إلى ممثلة وناطقة باسم المشروع السيادي المناقض لمشروع “حزب الله” واتجاهاته في المجالات كافةً. وأبلغت الصحيفة العاملين فيها أنها بصدد تعليق إصدار نسختها الورقية، أواخر مارس الماضي، وكانت إحدى المنصات القليلة التي احتفظت بنبض سياسي، بعد توقف صحف أخرى عن الصدور، مثل “السفير” و”المستقبل” و”الحياة” و”الاتحاد” التي صدرت لأشهر قليلة، وتوقفت عن الصدور بوفاة رئيس مجلس إدارتها مصطفى ناصر. ولم تبقَ من عالم الورق سوى؛ صحيفة “النهار”، أقدم وأعرق صحف لبنان المستقلة، و”الأخبار” الناطقة باسم محور الممانعة، و”الشرق” التي يصدرها نقيب الصحافة عوني الكعكي. الصحيفة التي أريد لها أن تعيد الحياة إلى المناخ السياسي لا تزال تنتظر الوعود والتعهدات لإنقاذها ومع احتجاب الصحيفة يُحجب معها عن الرأي العام جانب من الحقيقة، وتحديدا الرأي الآخر في المشهد الإعلامي العام. حيث اختفت الصحف والمجلات الورقية التي كان لبنان ينفرد بها عن غيره من بلدان الوطن العربي إذ كان لبنان الأكثر إصدارا للصحف والمجلات في العالم. وذكرت مصادر أن الصحيفة التي أريد لها أن تعيد الحياة إلى المناخ السياسي وقد تمّ تشكيل فريق من الصحافيين الذين يدورون في هذا الفلك، مع الحرص على التنوع من خلال إضافة أقلام تعكس رأي الفريق الآخر، لاتزال تنتظر الوعود والتعهدات من قبل قوى متعددة لإنقاذها. وكان رجل الأعمال الراحل ميشال مكتّف قد أعاد إصدار “نداء الوطن” في يوليو 2019، بعد قرابة عقدين على توقفها عن الصدور في عام 2000، وتولى رئاسة تحريرها الصحافي بشارة شربل، وضمّ فريقها صحافيين عملوا في مؤسسات إعلامية محلية سبق أن توقفت عن الصدور، ومنها صحيفتا السفير والمستقبل. وذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله، في تقرير مؤخرا، أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بادر إلى إجراء اتصالات شملت معنيّين بوضع الجريدة ورجال أعمال، وأبلغ مقرّبين منه بأنْ لا داعيَ للذعر، ولن يسمح بإقفال الجريدة، وسيضمن استمرار التمويل لها في الفترة المقبلة. وأوضح أنه سيجري اتصالات مع عواصم عربية معنية بدعم الفريق السيادي للمساعدة في معالجة المشكلة. وطلب جعجع تزويده بمعلومات مفصّلة حول طبيعة الأزمة وحجم الديون المتراكمة والعجز المتوقّع للسنوات الخمس المقبلة. ودعا إلى عدم الوقوع تحت ضغط مستثمرين “من خارج خطنا السياسي”. وشدّد خصوصا على ضرورة عدم التفاوض مع المصرفي أنطون صحناوي للاستثمار في الجريدة، كون الأخير يقود حملة منافسة للقوات اللبنانية في بيروت، ولديه تحالفات سياسية خاصة، وسبق أن أوعز إلى نواب قريبين منه للتصويت لمصلحة المرشح سليمان فرنجية في جلسة 14 يونيو. ويعكس توقف الصحيفة عمق الأزمة التي يعيشها القطاع الإعلامي في لبنان، ولاسيما الصحافة الورقية التي شكلت ذاكرة لبنان السياسية والاجتماعية والثقافية. وكان نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي قد عبر عن “ألم مجلس النقابة، والأسف الكبير لتوقف جريدة (نداء الوطن) لأسباب مالية”. وقال إن “هذا الواقع المؤلم يحتم على الدولة وضع خطة متلازمة مع قانون الإعلام الجديد الذي يعمل عليه للحفاظ على قطاع الإعلام والصحافة الوطني، وتحصينه ربطا بأي خطة اقتصادية لأنه لا يجوز اعتبار هذا القطاع قطاعا ثانويا غير انتاجي”. وقال القصيفي إنه أجرى اتصالات مع مسؤولين في الجريدة الذين أملوا في أن يكون توقفها عن الصدور بنسختها الورقية موقتا لأن هناك مساعيَ جادةً قائمة لتوفير تمويل لها يؤمّن استمراها. وفي انتظار بروز نتائج هذه المساعي، فإن العمل يستمر في النسخة الالكترونية للجريدة. وأضاف “لقد اتصلت بمسؤولين في الجريدة وبعدد من الزميلات والزملاء حاملا لهم تضامن مجلس النقابه وأسفه، متمنيا أن تنجح المساعي الناشطة لإعادة إصدار الجريدة في أقرب وقت” وأضاف “أما إذا لم تفلح هذه المساعي، فإننا نصر على منح الزميلات والزملاء في (نداء الوطن) تعويضاتهم كاملة، وفق قانون العمل اللبناني، مع حوافز تمكنهم من الصمود حتى يتدبروا أمورهم. وان هذا هو الحد الأدنى المقبول”. ويؤكد المتابعون أن الأزمة في جزء كبير منها لها علاقة وثيقة بموت الورق. في عالم الإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، اختفى الورق تماماً. رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بادر إلى إجراء اتصالات شملت معنيّين بوضع الجريدة ورجال أعمال، وأبلغ مقرّبين منه بأنْ لا داعيَ للذعر، ولن يسمح بإقفال الجريدة وللأزمة أيضاً علاقة وثيقة بتراجع سوق الإعلانات وبتراجع التمويل السياسي للصحف. إذ لم تعد الأحزاب والدول تهتمّ بتمويل الصحف لتنشر أفكارها ووجهات نظرها أو لتدافع عنها وتروّج لها. بعد أن أصبحت تمتلك وسائلها الخاصّة وإعلامها الخاصّ. وهناك من يرى أن تتحمّل الصحف نفسها جزءاً من المسؤولية عن الأزمة. إذ لم تعد تجذب القرّاء أو تمدّ المهتمّين بالشأن العامّ بجديد. ولم يعد مضمونها مؤثرا منذ زمن بعيد. بعد أن كانت الصحف تساهم في إطلاق التظاهرات والإضرابات وتسقط حكومات وتزكّي شخصيات، ولم يعد للصحف تأثيرها السابق حتى عند أهل الإعلام أنفسهم. وصارت مجرّد ناقل للخبر ووسائل التواصل الاجتماعي أسرع في نقل الأخبار. ففي الستينات كانت تصدر في بيروت كل يوم جريدتان بالفرنسية، صباحية ومسائية، واثنتان بالإنجليزية، وواحدة بالأرمنية، وعدد من الصحف العربية الرئيسية، بينها 3 صحف مسائية، أما المجلات الرائجة في لبنان والعالم العربي فكانت نحو عشر مجلات، بينها أيضاً إنجليزية، وفرنسية، ومنها ما هو الأكثر توزيعا، ونفوذا أيضا. وكان لديها التأثير السياسي المدوي الذي أدى إلى اغتيال أصحابها أحيانا، مثل كامل مروة، وسليم اللوزي، ورياض طه، وتوفيق المتني، وصولا إلى جبران تويني، وسمير قصير. ورغم الانتقادات التي تواجه الإعلام عموما في لبنان إلا أن التعددية تعتبر جزءا أساسيا في طرح جميع الأفكار وتمثيل التيارات السياسية. ويخدم الإعلام الطبقة السياسية في لبنان، وهو الوسيلة الأكثر تأثيرا في تبادل الرسائل بين الزعماء والسياسيين، إذ أصبحت البرامج الحوارية عدّة الدعاية للسياسيين ورؤوس الأموال في ظلّ غياب دور المجلس الوطني للإعلام الذي تأسس في تسعينيات القرن الماضي لمراقبة عمل الوسائل الإعلامية ومحاسبة خرق القوانين والأخلاقيات الإعلامية لجهة المهنية والفساد والارتهان المالي والمحتوى الطائفي والمذهبي. ويتألف أعضاء المجلس من ممثّلين عن الكتل النيابية أي ممثلين عن السلطة السياسية في لبنان.

مشاركة :