منتدى السرديات باتحاد كتاب مصر يناقش 'الشتات' لمجدي جعفر

  • 5/20/2024
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - على مدى أربع ساعات أقام منتدى السرديات باتحاد كُتّاب الشرقية ومحافظات القناة وسيناء ندوة لمناقشة رواية "الشتات" للكاتب مجدي جعفر، أدارها بحنكة واقتدار المبدع والناقد الكبير الدكتور كارم عزيز أستاذ الأدب العبري. وتحت عنوان "جماليات السرد في رواية 'الشتات' للكاتب المصري مجدي جعفر" تحدثت الكاتبة الجزائرية د. فريدة إبراهيم، قائلة تدور أحداث رواية "الشتات" في قرية العايق التي أسسها "النهري العايق" أحد شخصيات الرواية، شاركت عائلته في ثورة عرابي، وبعد هزيمته عاقب المحتل الإنكليزي والخديوي باشا عائلة العايق، فجردت من أملاكها وألقابها المتوارثة باعتبارها سليلة أسرة علوية، فتشتت في أنحاء البلاد، وفيما بعد، استطاع "النهري العايق" استعادة أمجاد عائلته ولمّ شملها حول البركة الواقعة بين الزقازيق والمنصورة، وهي أرض منخفضة ومنبسطة تتجمع عليها المياه الراكدة، واستصلح الأرض، وزرع شجرة القطن، فتجمع الناس حول البركة التي صارت تسمى قرية العايق، وحول البركة نسجت حكايات عجيبة. العجائبي في السرد الروائي وأضافت إبراهيم: غاص الكاتب في العالم المثيولوجي لأهل القرى، المليء بحكايات الجن والعفاريت، الغارق في اللامألوف، وقد شكلت الظاهرة العجائبية ملمحا بارزا في السرد تجسد على مستوى المكان، والشخصيات، والأحداث، قدم الراوي البركة التي تدور فيها الأحداث بشكل مخيف، حيث غاص في عالم الخوارق والعجائب ليحقق وظيفة الإغراء وجذب القارئ، ولم يوظف المكان كخلفية للأحداث فقط، بل جاء محملا بدلالات أسهمت في تطور الأحداث و"خلق المعنى" في الرواية، ثم قدم الراوي تفاصيل الحكايات العجيبة التي حدثت لبعض الشخصيات، كقصة "أم الفَقْرية" التي ولدت بنتا من الجني هذه الأخيرة التي صارت إحدى الشخصيات الفاعلة في الرواية، وشخصية "معزوزة" التي كانت تتردد على البركة، ثم قتلت الجني، وحررت زوجها منه. وبالتوازي مع السرد العجائبي، نهل الكاتب من مادة التاريخ، فرصد فترات تاريخية مختلفة لمصر منذ الاحتلال الإنكليزي والخديوي باشا، وقيام ثورة عرابي، وما تلاها من محاولات للتخلص من الاحتلال. كما طرح قضايا التفاوت الطبقي، والصراع القائم بين أطياف المجتمع الواحد، مسلمين ومسيحيين، وبذلك يكون السرد الروائي قد جمع بين عالمين متباعدين، عالم الواقع الذي استند إليه السرد من خلال الأحداث التاريخية، والاجتماعية، وعالم اللاواقع الذي أضفى على السرد طابعه العجائبي اللا مألوف. وعن فنيات السرد قالت: قدم الكاتب سرده من خلال خطاب روائي متنوع، اعتمد فيه على أساليب تعبيرية متعددة، كالتنويع في الضمائر، والاستعانة بالرسائل التي تعد شكلا من أشكال التواصل بين الشخصيات، بالإضافة إلى الاستعانة بالمتفاعلات النصية الدينية والتاريخية، والأمثال الشعبية بما تمتلكه من تنوع في اللغة، وما تختزنه من دلالات أسهمت في تعدد مستويات لغة السرد، وأكسبته طاقات دلالية مضاعفة، ما أضفى على اللغة جماليتها المميزة. كما حضرت الحوارات الخارجية والداخلية في الرواية، وشكل الحوار الخارجي سمة فنية بارزة، إذ أدى وظائف عدة أهمها تكسير خطية السرد، والتعريف بشخصيات الرواية التي عبرت بصوتها عن آرائها وبلغتها التي جاءت في أغلب الحوارات بالعامية. كما استفاد السرد من الحوارات الداخلية، حيث تنتقل الشخصية من الوعي إلى اللاوعي من خلال أسلوب مباشر حر تبوح فيه بما يعتريها من مشاعر. وأشارت في خلاصة دراستها بأنه: يمكن القول إن رواية "الشتات" استمدت جماليتها من المزج المحقق بين عوالم العجائبي، والتاريخي، والاجتماعي فأكسبها ذلك تعدد مستويات لغتها، وخطاباتها، وأصوات شخصياتها، ولا شك أن ذلك يوفر المتعة المطلوبة لكسب ثقة القارئ. وتحدث الكاتب أحمد عبده عن الرواية وقال بأن مجدي جعفر تحدث بجسارة عن المسكوت عنه بالقرية المصرية، وخاصة في موضوع الجنس، فما يحدث على سطوح الدور في القرى يوازي ما يحدث في بعض الشقق بشارع الهرم، وما يحدث في غيطان الأذرة يقابل ما يحدث بالشقق السرية بشارع محمد علي، وليست القرية بالبراءة والمثالية التي يصورها البعض، وتحدث عن المكان وسطوته في روايتيه "على شفا حفرة" و"الشتات"، والرواية بها أكثر من ثلاثين شخصية، والأحداث كثيرة، واتكأ على التاريخ، وكان يتنقل بين كل فترة تاريخية وأخرى بسلاسة ويسر، وكان للسياسة حضورها الطاغي، وتوظيفه الجيد لفن الرسالة، وخاصة رسالة نوال لأبيها عبده الزيني. وقال الكاتب والناقد بهاء الصالحي في مداخلته "نجح الكاتب في بناء الشخصيات من خلال تعدد الوجوه المعبرة عن حقيقة وقيمة معينة والدليل الأبرز على ذلك تجسيد فكرة المصلحة والتغذي على دماء الآخرين في شخصية سعدون الذي تتجاذبه آلامه وعجزه الشخصي ونجد صدى تلك الآلام وذلك العجز الشخصي في استغلاله لأم الفقرية زائد سكسكه كأدوات للإفساد الاجتماعي، هنا تبقى فكرة تجسيد الشخصية وكونها مرآه للتطور الاجتماعي فعلى سبيل المثال تحول سكسكة من فاعل لجريمة قوم لوط إلى صاحب مقهى حيث يبيع المزاج وكلاهما يستمد الفائض من نقود الفقراء سواء بجسده الدنس أم بما يقدمه من مسكرات. وأضاف الصالحي بأن الكاتب توسع في شخصيات العوالم خاصة ارتباط عبده بك بزوبا وتحويل زوبا لضحية المدنية التي جاء بها الإنكليز لمصر والمؤدية في النهاية للانتحار الأخلاقي والجديد هنا خلق العالمة الأيقونة حيث وفاء عبده بك لزوبة تلك الضحية المزدوجة للمدنية الإنكليزية وللمعلمة لواحظ.  الرائع في تلك الرواية قدرة مجدي جعفر على نسج الشخصيات الهامشية وبيان عوامل تطورها خاصة في شخصيه زوبة وأم الفقرية وكذلك سعدون تلك الشخصية المحورية في الرواية، حيث يسير الخط الدرامي العام في الرواية ما بين عالم السادة وعالم الهامشيين بسلاسة دونما الحاجة للأيديولوجي وهو أمر يعكس قدرة القاص على إدراك الإنساني وما وراء الأحداث وبالتالي تأتي الرواية كمعادل موضوعي ومدخل إنساني لتجاوز أزمة الواقع المعرفي المعاش والسائر في خطوط متوازية لا تتلاقى وبالتالي يظهر الغرض التنويري للرواية العربية. الطرح الذي يقدمه مجدي جعفر يشهد بعمل متفرد خاصة مع تطور ودلالة العنوان حيث جاء العمل الأول كنوع من الصرخة التحذيرية لما سيؤدي إليه الجهل المتمثل في البركة وهي المعادل الموضوعي الشعبي للجب. ثم يأتي العنوان الخاص بالعمل وهو الشتات كنتيجة طبيعية لذلك الجهل وظلم العلاقات الإقطاعية ممثلة في إبراهيم بيك العايق. ويقول الكاتب والناقد العربي عبدالوهاب في ورقته النقدية: ينهض البناء في رواية مجدي جعفر على بعدين هامين هما (التاريخي والواقعي) ويتبادلان الأدوار، يندمجان في وحدة فنية منسجمة، بل ومنصهرة طوال الرواية، الماضي والآتي.. التاريخي الوثائقي والواقعي الآني.. كل هذا يمثل ثنائيات دالة، تنهض الرواية على توظيف هذه الثنائيات التي تتجادل جدلا فنيا، ينتج عنه إيقاعا دراميا متوترا وسريعا يجعل من السرد في الرواية فعلا ديناميا، متحركا ومتحولا، يغازل حركة الواقع وإيقاعه، ويجسد قلق الشخصيات وسعيهم الذي لا يقر على حال، كأنهم يسعون قدما نحو نهاياتهم المحتومة،  ليطويهم التاريخ في صفحاته، أو ليتخطفهم الزمن ويمنحهم بعد القوة ضعفا ووهنا. تقيم هذه الثنائيات المتضادة جدلا واسعا منه ما يعد تيمة متكررة ومحركة للرواية مثل الفوارق الطبقية المبنية على ثنائية السادة والعبيد، ومنها ما يغازل الواقع الآني مثل الفتنة الطائفية وتحريكها الآن وهي قائمة على ثنائية كانت وسوف تظل تشكل لحمة ونسيجا واحدا للمجتمع المصري، يصعب رصده في ثنائية (المسلم والقبطي).  مثل المصالح الخاصة المتحققة في السادة، والسواد الأعظم من المجتمع كعبيد، والكاتب يتحرك بين هذه الثنائيات بخفة ورشاقة مانحة كل واحدة منها طرفا للتحاور والتجاور والجدل القائم على احترام الآخر، قائم على تجاور هذه الثنائيات ولضمها في خيط واحد يساعد على حيوية الأحداث ويمدها بطاقات إيحائية متجددة، تجعل الرواية غنية برؤاها وأبعادها الدلالية.  وتوالت المداخلات من الكُتّاب والنقاد: محمد المسلمي، محمد عبدالله الهادي، السيد داود، محمد الحديدي، العربي عبدالوهاب، عبدالمنعم شرف الدين، حنان خليفه، عبدالعزيز دياب، أبانوب لويس، فتحي زياده، د. محمد زكريا حبيشي، محمد الديب، صفاء أبوعجوه، هالة فوزي، خليل الشرقاوي، محمود رمضان، صلاح هلال، محمد نصر الدين، أحمد عثمان، بهاء الصالحي، أحمد نبيه الصعيدي.

مشاركة :