لكن إذا امتنع الصرب في البوسنة وبلغراد عن إنكار ما حصل والاعتراف بأن المجزرة كانت إبادة، كما جاء في مسودة قرار للأمم المتحدة من المقرر أن يتم التصويت عليها الخميس، فمن شأن ذلك أن يعطي أقارب الضحايا فرصة ليشعروا بالسلام، على قول بعض الناجين. وقالت كادا هوتيتش لفرانس برس "على أولئك الذين قادوا شعبهم إلى هذا الموقف (نكران الإبادة) أن يقبلوا بالحقيقة، ليكون بإمكاننا الشعور بالسلام والمضي قدما بحياتنا". قُتل جميع الذكور في عائلة المديرة المشاركة لرابطة لأمّهات ضحايا سريبرينتسا منذ نحو ثلاثة عقود، بمن فيهم نجلها وزوجها وشقيقاها في مجزرة العام 1995. وكافحت إلى جانب مجموعة صغيرة من النساء للعثور على رفات الضحايا الذين دفنوا في عشرات المقابر الجماعية ولاقامة نصب تذكاري خارج البلدة المنكوبة. ودُفن رفات 6751 ضحية هناك حتى اللحظة. وفي 11 تموز/يوليو 1995، قبل بضعة أشهر من انتهاء الحرب العرقية في البوسنة، سيطرت قوات بوسنية صربية على البلدة الواقعة في الشرق. وفي الأيام التالية، قتلت تلك القوات أكثر من 8000 رجل وفتى بوسني في محيطها. واعتبرت محكمتان دوليتان المجزرة الأسوأ على مدى حرب البوسنة (1992-1995) والتي أودت بنحو 100 ألف شخص. قضت محكمة تابعة للأمم المتحدة بسجن الزعيم السياسي في فترة الحرب الصربي البوسني رادوفان كرادجيتش وقائده العسكري راتكو ملاديتش مدى الحياة بتهم ارتكاب جرائم حرب بما فيها الإبادة في سريبرينتسا. لكن ما زال العديد من القادة السياسيين والدينيين الصرب، إلى جانب عدد كبير من الصرب العاديين، يرفضون وصف المجزرة بالإبادة. من بين هؤلاء الرئيس الصربي الكسندر فوتشيتش الذي يقاوم منذ أسابيع قرارا لإعلان يوم 11 تموز/يوليو "اليوم الدولي للتأمل والتذكر لإبادة 1995 في سريبرينتسا" اعتبارا من العام المقبل. وبالنسبة لهوتيتش، فإن المعركة الأصعب كانت على الدوام ضد نكران الإبادة وأعربت عن أملها في أن يثبّت القرار "الحقيقة". وتشير إلى أن القرار سيكون مرضيا في حال تبنيه بالنسبة لمسلمي البوسنة، مضيفة أنه يجب أن يرضي الصرب أيضا. وقالت "ابني لن يعود إلى الحياة. لن أسامح المجرمين أبدا". وأضافت وهي تجلس وسط شواهد القبور في الموقع التذكاري "لا حق لدي في ذلك، باسم حياته". وأكدت أن طلب المغفرة وإدانة مجرمي الحرب سيكونان بمثابة "دواء لنا جميعا". "خسرنا جميعا" تأمل ساديتا سولجيتش (57 عاما) التي فقدت شقيقها ووالدها في المجزرة بأن يضع قرار الأمم المتحدة حدّا "للأكاذيب والنكران". وقالت سولجيتش التي تدير رابطة أخرى لأقارب الضحايا "لا نتّهم جميع (الصرب). نريد أن يعاقب المذنبون". وأضافت "لا أفهم. كيف يمكنهم أن ينكروا الأمر؟ يمرّون من أمامها ويرون (المقبرة). إذا تم تمرير القرار، سيقول العديد منهم +أنظروا، علينا أن نتوقف وعلينا أن نقول إن (إبادة) وقعت+". وفضلا عن الأهمية الدولية للقرار الذي سيؤسس لـ"يوم يتفكّر فيه الناس بالجريمة التي ارتُكبت هنا"، تأمل ألماسة صالحوفيتش أن "يبدّل وعي الناس". ترغب الموظفة العاملة في المركز التذكاري البالغة 37 عاما والتي قتل شقيقها عبدالله في المجزرة عن 18 عاما، في التصديق أنه بإمكان القرار أن يمثّل نقطة تحوّل. وترى في رد فعل القادة الصرب "محاولة (أخيرة) لمنع العالم المتحضّر من إجبارهم على القبول بأن إبادة ارتُكبت هنا". وبالنسبة لهوتيتش، فمن شأن القرار أن يبعث برسالة للأجيال المقبلة. وتؤكد "لا يمكن لجريمة أن تثمر. خسرنا جميعا في الجريمة التي ارتُكبت هنا".
مشاركة :