المجتمع الإسلامي والفقر المدقع والغنى الفاحش | د. محمد سالم الغامدي

  • 1/11/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عندما يعيش مجتمع يتخذ من شريعة الرحمن دستوراً تقوم دعائمها على مبادئ العدل والمساواة والتكافل والتراحم وتنبثق معاملاتها من صفات الله العلا وأسمائه الحسنى فإن المستوجب أن تكون كافة معاملاته وسلوكاته الحياتية تنبثق أيضاً من تلك المبادئ الفاضلة وتلك الاسماء والصفات العظمى لكن الذي يحدث في العديد من المجتمعات الإسلامية وللأسف الشديد ينحرف كثيراً عن ذلك المنطلق الإسلامي العظيم حيث اننا نلمس كل يوم في معترك الحياة الكثير من الأمثلة التي تؤكد حدوث ذلك الانحراف .. فعلى سبيل المثال لا الحصر في الكثير من الأوطان الإسلامية نجد أن أغلب السكان من المعدمين والفقراء والقليل منهم هو من يمتلك القسم الأكبر من المال العام بينما ديننا الاسلامي يحث على العدل والمساواة لكن في المجتمعات الاسلامية هذه الأيام اختلف الأمر فقد أصبحت البطالة متفشية الى درجة لافتة واعتمدت تلك المجتمعات على كل ماهو مستورد من الدول المتقدمة وهذا ايضاً يعد خللاً كبيراً في مفهوم الاقتصاد في الاسلام الذي يحث على تشجيع العمل والانتاج وتهيئة كافة الظروف والسبل للانخراط في الاعمال التي تخدم تنمية دولهم كما ورد في قوله تعالى ( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ) كما يحث أفراد المجتمع على العمل والانتاج كقوله تعالى « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» وقوله سبحانه «هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور» ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على هذا الأمر الكريم فقال: «لو قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها» ثم امتثل من بعده أصحابه الكرام ومن سار على دربهم على قدر استطاعتهم في خدمة دينهم وأمتهم لكن للأسف أن أغلب مسؤولي تلك الدول انشغلوا بكراسيهم حتى تحولت تلك الكراسي الى هدف لا وسيلة ،لذا ترتب على ذلك أن أصبحت المجتمعات الاسلامية شعوباً مستهلكة لكل صغيرة وكبيرة وأصبحت فكرياً وثقافياً تقبع في ذيل المنظومة البشرية وهذا حتما يخالف تماماً ما أمر به ديننا الاسلامي وحث عليه لكنهم وللأسف الشديد انشغلوا بالتفاخر بما أنجزه الآباء ، ولم يسيروا للأسف على دربهم بل اكتفوا بتمجيدهم ، ومن المحزن جداً أننا لو طفنا العالم الإسلامي من شرقه لغربه ومن شماله الى جنوبه فإننا لن نرى الا تلك المنجزات من الجسور والمطارات والطرق والمباني الضخمة التي أنشأها لنا الأجانب ونحن المسلمين ننظر اليهم في انبهار منقطع النظير . ولو تتبعنا حال أغلب الدول الإسلامية لوجدناها تعيش عالة على الغير في كل المناحي الحياتية تقنياً ومهارياً وغذائياً وصحياً وانشغل الكثير منهم بالتناحر واثارة الفتن ونشر الطائفيات والمذهبيات فضمرت قوى المجتمعات بالخوض فيها والخوض في الحلال والحرام الذي قال صلى الله عليه وسلم أنه بيِّن وفي أمور لاتمت الى التوجيه الرباني بصلة كما أوردت الآية الكريمة ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ولعل المتتبع لحال أغلب المجتمعات الإسلامية خلال القرن السابق يشعر بالخجل من تدني حالتهم العقدية والفكرية والمهنية التي انعكست نتائجها على واقعها التنموي . وما ينكأ الجراح أيضا أن البلاد الاسلامية التي وهبها الله تعالى كل مقومات الحضارة من ثروات فوق الأرض وباطن الأرض وثروات بشرية مهدرة ومواقع استراتيجية هامة تستطيع من خلالها أن تتبوأ القيادة العالمية لكنها أهملتها وتركتها للدول المتقدمة تتفيأ تحت ظلالها وتستمد منها قواها فحولوا تلك المقومات الى أدوات ضغط على الأمة كاملة ..فمتى يغير المسلمون ما بأنفسهم علهم يتغيرون . والله من وراء القصد . للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (43) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :