غني بالعلم ..فقير بالحياة | د. محمد سالم الغامدي

  • 9/21/2013
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تدور رحى الحديث عن قضية من القضايا في مجلس من المجالس الثقافية ويبدأ الحاضرون بالإدلاء بآرائهم كل فردٍ حسب الزاوية التي ينطلق منها في حديثه عند ذلك تكتشف أن البعض من المتحدثين من حاملي الشهادات العليا أو المتوسطة ممن وضعوا أنفسهم في أبراج عاجية أو غرف مغلقة فأصبحوا لا يمتلكون من تجارب الحياة الا القليل ولا يدركون سبل التعامل مع معتركاتها المتغيرة باستمرار بل نراهم يقفون عاجزين عن مواجهة مثل تلك القضايا الساخنة ومن المؤكد أن مثل تلك المواقف ستكشف مكنونهم الذي ينطبق عليه قول المثل الشعبي : كل إناء بما فيه ينضح . وقد أحسن الشاعر القول( العلم يرفع بيوتاً لاعماد لها.. والجهل يهدم بيوت العز والكرم ) وعلى ما يبدو ان مثل هؤلاء لايقعون ضمن اطار قول الشاعر في الشطر الأول ( العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها ..) بل يقعون ضمن اطار الشطر الثاني من البيت (والجهل يهدم بيوت العز والكرم ) والجهل المقصود هنا ليس الجهل المعرفي بل الجهل بأساليب التعامل مع معتركات الحياة ومتغيراتها التي تعد المحك الحقيقي لخراج تلك الرحلة العلمية فهذا البيت الذي يصف لنا أهمية ودور العلم في تغيير الكثير من المسارات والمراتب الحياتية الفكرية منها والإدارية والاجتماعية لكل انسان انطلاقاً من ارتباطه الطبيعي بالعمليات الحياتية ذات الجودة المكتسبة من المعارف والمهارات التي يتعلمها الفرد خلال مرحلة طلب العلم التي افناها من عمره ولكن هذه النتيجة التي نراها منطقية كما رآها الشاعر ومترتبة في غالب الأمر على طلب العلم قد تكون مخيبة للآمال وخاصة في هذا الزمن المقلوب في الكثير من معاييره الوضعية التي نعيشها حيث يبدو أن الكثير من حاملي الشهادات العليا والمتوسطة ايضا لا يمتلكون من تجارب الحياة الا النزر اليسير بعد أن انشغل عائلوهم بالتفكير عنهم وتحديد مسارهم نيابة عنهم فكانت النتيجة انهم لم يخرجوا من تلك الرحلة العلمية سوى بذلك البرواز المذهب لشهاداتهم أما ممارساتهم الحياتية وخبراتهم وتجاربهم فلا تزال فقيرة جدا وهذا يتضح من عشوائية ممارساتهم وتخبط قراراتهم وضحالة تفكيرهم وضيق افقهم وندرة انتاجيتهم التي تكشف حالهم المزري. ولعلي هنا أستطيع القول أن طلب العلم لا قيمة له اذا لم يقترن بالممارسات التربوية الفاضلة ويمتزج بالمهارات الجيدة المكتسبة من عمليات التطبيق الموازية لطلب العلم التي يستوجب ان تتضمنها العملية التعليمية ابان مسيرتها عبر كل المراحل ولكن يبدو أن انظمتنا التعليمية وواقعنا الاجتماعي الذي يغلب عليه الطغيان الطبقي قد اوجدت لنا مثل هؤلاء الفارغين فكانت السبب لانها بالتأكيد فارغة مثلهم ، ويبدو أن حالة ترف الكثير من افراد مجتمعنا قد خلط الكثير من أمور حياتنا بمافيها طلب العلم حيث تحول هذا الطلب الى طلب الشهادة لا العلم ذاته ، وهذا ما ترتب عليه نشوء مثل تلك الفئة العالة على المجتمع ، حيث ان طلب العلم لغرض العلم يعد من افضل المكتسبات الحياتية وانفس الذخائر في الدنيا والآخرة وطالبه لن يضيع وكاسبه لايفتقر ولعل هذا هو ما اشار اليه الشاعر في قوله بأن العلم يرفع البيوت التي لاعماد لها، لكن طالبي العلم لكسب المظاهر المزيفة واعتلاء المناصب من الأبواب الخلفية لن يكتسبوا ايضا اعتلاء تلك المراتب بل سيتكئ البعض منهم من ذوي الجاه الى قوى جاههم التي دفعت بهم الى المراتب العلا ولكن سيبقون في مهب الريح تتلقفهم عندما تعصف بهم . للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (43) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :

مشاركة :