تفاقم مشاكل ديون الأسواق الناشئة

  • 4/19/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

المد والجزر الذي تعرضت له أسعار الأصول في العالم هذا العام لم يسبق أن تعرضت له في تاريخ الأسواق، إلا أن ذلك لا يعني منعطفاً نحو تغيير طويل الأجل في أصول الأسواق الناشئة. وعلى خلفية هذا الضجيج المدفوع بالخوف يمكن للمراقب أن يسمع جعجعة أعلى حول ارتفاع معدلات التغطية في ديون الأسواق الناشئة التي تتكون في الغالب من ديون قطاع الشركات. ومع ذلك كان العائد على شركات الأسواق الناشئة أفضل من العائد على سندات الشركات الأمريكية. والحقيقة أن سندات شركات الطاقة في الأسواق الناشئة كانت وراء هذا الأداء المضلل. وقد يقول البعض إن المرونة النسبية مردها إلى أن معظم ديون شركات الاقتصادات الناشئة مصنفة ضمن فئة السندات الاستثمارية. لكن التصنيفات التي تمنحها الوكالات المتخصصة لم تعد تحظى بتلك المصداقية المعهودة. والسبب الحقيقي الذي مكن سندات الأسواق الناشئة من تجنب الضغوط هو أن نسبة 35% من تلك السندات صدرت عن الشركات الحكومية أو شبه الحكومية. أما في شركات القطاع الخاص حيث لا تزال السندات عرضة للضغوط بسبب أسعار النفط، فتصل تلك النسبة إلى 70%. وتنتشر مقولة في أوساط المستثمرين في سندات الأسواق الناشئة مفادها أن الحكومات لن تسمح بإعسار الشركات المحسوبة عليها، ويبدو أن هذه المقولة صحيحة. لكن حتى في حال نجاح الحكومات في تخفيف ألم الشركات فإنها في هذه الحالة تسهم في انتقال الخلل إلى أصول أخرى. وفي الولايات المتحدة من المتوقع أن ترتفع معدلات الإعسار في شركات النفط إلى 11% هذا العام وهو انعكاس سلبي لفرط الاستثمار فيها. لكن أياً كان المدى الذي يبلغه الخلل في قطاع الطاقة فلن ينتقل إلى قطاعات أخرى كالرعاية الصحية والتقنية وسلع المستهلك. ولا تزال معدلات الإعسار أدنى من متوسطها على المدى البعيد. ونظراً للعلاقة السلبية بين فروقات العائد المرتفع وعائدات سندات الخزانة، يمكن الاستنتاج أن الضغط الذي تتعرض له شركات الطاقة يدفع تكاليف التمويل في شركات القطاعات الأخرى هبوطاً. لكن هذا لا ينطبق على الاقتصادات الناشئة. فضعف شركات القطاع العام يحمل معه مخاطر خلل الموازنة الحكومية خاصة وأن معظمها يتعرض لضغوط ناتجة عن ضعف النمو المزمن. وكلما كبحت الحكومات مشاكل تلك الشركات ارتفعت مخاطر الدين الحكومي وارتفعت معدلات العائد عليه. وهذا يتسبب في ارتفاع تكاليف التمويل على الشركات كلها حتى تلك التي تبدو في وضع مالي قوي وهي في قطاعات لا تعاني من مشاكل أصلاً. والعبرة المستخلصة هي أن تدني معدلات الدين الحكومي بالمقارنة مع الاقتصادات المتقدمة سوف يتيح لحكومات الاقتصادات الناشئة كسب الرهان على التمويل الرخيص لفترة ليست قصيرة. وعلى أية حال قد لا يصلح قياس تجربة ديون الاقتصادات الناشئة ذات المؤسسات الضعيفة والأسواق الضحلة والحلول المالية الواهية على تجربة ديون الاقتصادات المتقدمة. وتاريخياً تعرضت الأسواق الناشئة للأزمات المالية العالمية بدرجات تحوط أدنى بكثير من درجات تحوط الاقتصادات المتقدمة. *خبير استراتيجي في بنك يو بي إس

مشاركة :