من خلال الحرف الإماراتية القديمة، والحياة البحرية والأكلات الشعبية، وكل ما يرتبط بسبل العيش في الزمن القديم، قدم مهرجان دبي وتراثنا الحي الذي أنطلق، أول من أمس، بقرية التراث في الشندغة، إطلالة على تراث الإمارات، فحمل عبق الماضي بكامل تفاصيله. ينطوي المهرجان الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون دبي للثقافة، بالتزامن مع اليوم العالمي للتراث، الذي يصادف 18 أبريل، على أقسام عدة، تقدم حِرفاً جبلية وساحلية وبدوية، إضافة إلى برامج يومية وعروض راقصة تراثية تمتد حتى نهاية المهرجان في 23 أبريل. يحمل المهرجان مجموعة من الأقسام، حيث يتجول الزوار بداية بين دكاكين السوق الشعبي، فيتعرفون على الحرف القديمة ومنها صبغ الأقمشة، والخياطة، وصناعة الكحل، بينما يقدم قسم آخر الصناعات التي تستخدم النخيل كمادة أساسية، في حين يحفل قسم الحياة البحرية بكل ما يرتبط بالبحر. إلى جانب معرض صور ترتبط بتراث الإمارات يقدمها الفنان راميش شوكلا. شخصية ربيع عبدالله البلوشي قدم من خلال القارب، الذي يسمى الجالبوت، الموضوع على قاعدة، شخصية البائع المتجول الذي كان اسمه (ربيع)، ويبيع المكسرات والكثير من الأشياء على العربة الصغيرة. وكان البلوشي ينادي على بضاعته: حار بعدا ما برد، وحار يتقلب. ولفت إلى أن (ربيع) كان يقدم شخصية بوطبيلة أيضاً، وهي شخصية ليست موجودة بشكل كبير اليوم، منوهاً بأن البائع كان يتجول بين بر دبي وديرة. عرائس ودُمى حاكت مريم النقبي، من خورفكان، العرائس، أو الدمى، التي تحمل الملامح التراثية، منوهة بأن العرائس تتكون من الأقمشة البيضاء، وثم تحشى بالقطن، وبعدها يوضع عليها الشعر من الصوف إلى جانب تثبيت الذهب والبرقع بالخيط وليس باللصق. وشددت على أن الدمى باللباس التقليدي، وهي تقدم للأطفال، ومازال الأطفال يحبونها، لأنها تعبر عن التراث الذي هو الهوية. وأكد المستشار في دبي للثقافة، ظاعن شاهين النعيمي، في كلمته الافتتاحية للمهرجان، أن المناسبة تأخذنا إلى أعماق التراث، مشاركين دول العالم في الاحتفال بيوم التراث العالمي. وأضاف أن الحديث عن التراث لا ينفصل عن الثقافة بمفهومها العام، فالتوأمة هذه ترتسم في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، فهي مستمدة من رؤية ترتكز على رفع مستوى التواصل بين الإماراتيين وتراثهم، وجذب ما يقارب 20 مليون زائر بحلول عام 2020، وتعزيز دبي وجهةً تراثيةً وتاريخيةً عالميةً في إطار محاور خمسة، هي الحفاظ على العادات والتقاليد، وتشجيع النشاط التجاري، وترسيخ جذور المجتمع الإماراتي، وإحياء روح الماضي، والحفاظ على التراث المادي. واعتبر النعيمي أن المشاركة في الحدث، الهادف لحماية التراث الإنساني، تأتي في إطار حرص الهيئة على المحافظة على التراث، وتعزيز قيمه الإنسانية، لاسيما أنه يعد الركيزة الأساسية للحياة العصرية. وقال الأديب والكاتب، محمد المر، لـالإمارات اليوم إن المهرجان يستدعي التراث المادي والتعليمي والشعبي والفلكلوري، بهدف إعادة التذكير بهذه التفاصيل، التي تضاءلت اليوم في حياتنا بحكم المدنية، فهو عمل جيد ويجب أن يُستوحى حتى من الأعمال الحديثة، ولفت إلى أن الإمارات حافظت على التراث من خلال الكثير من الأمور ومنها اللباس، فالتراث العربي قديم، ولهذا فإن مسألة المحافظة عليه تأتي من خلال المواءمة بين الأصالة والحاضر، والاستلهام من العادات القديمة في إطار حديث وعصري، فالانسلاخ عن الماضي سلبي، لذا فالمطلوب هو التوازن. من جهته، أكد مدير عام هيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة، سعيد النابودة، أن المهرجان يهدف إلى توحيد جهود الحرف الإماراتية على مستوى الدولة تحت سقف واحد، وتعريف المجتمع بجميع شرائحه بأهمية هذه الحرف ونقلها للأجيال المقبلة. وعبر عن سعادته بكون المهرجان يشهد إقبالاً من فئة الشباب، ما يؤكد الرسالة الأساسية للهيئة التي تحرص من خلال تنظيم مثل هذه المبادرات التراثية التوعوية على نشر التراث الإماراتي والحفاظ عليه في أوساط الأجيال الجديدة، من مواطنين، وعرب وأجانب مقيمين داخل الدولة. واعتبرت مدير إدارة مراكز التنمية التراثية، فاطمة لوتاه، أن ما يميز المهرجان عن غيره من المهرجانات التراثية الأخرى، أنه يركز على الحرف التقليدية الإماراتية التي بدأت تندثر، وهناك أكثر من 40 حرفة، مشيرة إلى أن المهرجان يحمل البيئات القديمة، ومنها البيئة البحرية والغوص والصيد، إلى جانب قسم معرض النخلة، الذي يضم منتجات النخلة كاملة، بينما تقدم مراكز التنمية التراثية، وعددها ستة، فقرات يومية هدفها إيصال التراث بمعناه الأساسي للطلبة. وأشارت إلى أن الحرفيين هم من مختلف إمارات الدولة، وسيعلمون الناس كيفية التصنيع من الطبيعة، مشددة على أن الهيئة عينت 11 حرفياً معها، سيوجدون في فعالياتها. وأشارت إلى أن اختيارهم للشندغة التراثية يأتي نتيجة وجود المباني التاريخية، وكذلك وجود مشروع لتنمية الشندغة. وشددت على أن المهرجان كان صغيراً وبدأ في حي الفهيدي، ثم تم نقله إلى منطقة الشندغة. وقال مدير معهد الرمسة، عبدالله الكعبي إن وجودنا هنا يهدف إلى تدعيم الثقافة الإماراتية من خلال تعليم اللهجة المحلية لغير الناطقين باللغة العربية، بحيث نقدم دروساً لمدة ساعتين، ويتعلم من خلالها الزوار أبرز مفردات الحياة الإماراتية، كما أنهم يأخذون مقدمة حول اللهجة المحلية. وأشار إلى أن الدروس تجذب العرب الذين يرغبون في تعلم اللهجة المحلية، وأنها تقدم ضمن مستويات تبدأ بالترجمة من الإنجليزية إلى اللهجة المحلية، لتنتهي في المستويات المتقدمة مع اللهجة المحلية فقط. أما المواطنة، عائشة عبدالله، فقدمت صناعة الجبس للأطفال، حيث كانت تقدم العجينة بأشكال عديدة، واختارت منها التي ترتبط بالتراث، كالأبواب والقلعة والدلة، ويقوم الأطفال بتلوينها بعد أن تجف. وأشارت إلى أن هذه الحرفة قديمة جداً، ومازالت تستخدم في تزيين المنازل. وقدمت حليمة أحمد طريقة صبغ الأقمشة، من خلال المواد التقليدية، مشيرة إلى أنه لابد من أن تكون الأقمشة بيضاء، وأن تكون المواد المستخدمة من الطبيعة، ومنها النيل الذي يعطي اللون النيلي، بينما الزعفران يعطي اللون البرتقالي، والكركم يعطي الأصفر، والرمان يعطي الأحمر، والحنة تعطي البني. وشددت على أن صبغ الأقمشة يكون بطبخها لمدة ساعة ونصف، ويوضع الشب أو الملح كي يصبح اللون أجود.
مشاركة :