رأى محللون إسرائيليون أن عقد صفقة تبادل هو أفضل طريقة لاستعادة بقية المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالرغم من نجاح عملية استرجاع أربع رهائن أحياء في عملية للجيش الإسرائيلي بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت أن قواته تمكنت من استرجاع أربع رهائن أحياء من منطقة النصيرات وسط القطاع. وقال الجيش في بيان إنه "تم تحرير أربعة مختطفين إسرائيليين، وجميعهم في حالة صحية جيدة". وقتل 274 فلسطينيا وأصيب أكثر من 698 آخرين نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية التي تزامت مع العملية، بحسب إحصائيات فلسطينية. واحتجزت حركة حماس في هجوم مباغت شنته على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي أكثر من 250 رهينة ونقلتهم إلى غزة، فيما تقول إسرائيل إن 120 محتجزا مازالوا في قبضة حماس. وتنقسم الآراء في إسرائيل بشأن التعامل مع قضية الأسرى، فهناك من يرى أن الضغط العسكري وتنفيذ عمليات إنقاذ "دقيقة" قد يساهم في عملية استرجاع أكبر عدد ممكن من الرهائن المحتجزين في غزة، ومن أكبر الداعمين لهذا التوجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وفي المقابل، يرى سياسيون إسرائيليون أن أفضل طريقة لاسترجاع الرهائن أحياء هو بالذهاب إلى صفقة تبادل أسرى، ويدعم ذلك الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس ورئيس المعارضة يائير لابيد. وقال الكاتب والمحلل السياسي لصحيفة ((هآرتس)) يوسي فيرتر لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن عملية تحرير الأسرى الأربعة نجحت بشكل "باهر". لكن فيرتر رأى أنه بالرغم من نجاح العملية كان يمكن أن يكون الثمن "أكبر بكثير"، في إشارة إلى أنه كان من الممكن مقتل الرهائن الأربعة خلال العملية، معتبرا أن ذلك يثبت مدى حتمية التوصل إلى اتفاق الآن حتى على حساب إنهاء الحرب. وأضاف أن ما حدث في النصيرات "لم يحدث أي تغيير استراتيجي، حيث لا تزال إسرائيل غارقة في وحل غزة بلا أفق سياسي ولا خطط لليوم التالي للحرب". وتوقع فيرتر أن يزيد ارتفاع حصيلة القتلى في مخيم النصيرات أثناء العملية الإسرائيلية من تفاقم صورة إسرائيل دوليا فيما سيطالب وزراء اليمين بالمزيد من مثل هذه الإجراءات لأنها بنظرهم هي الطريقة الوحيدة لإطلاق سراح بقية المختطفين. وجاءت عملية استعادة الرهائن غداة إعلان الأمم المتحدة إدراج إسرائيل في القائمة السوداء للدول والمنظمات التي تؤذي الأطفال فيما تنظر محكمة العدل الدولية في قضية تتهم فيها جنوب إفريقيا إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وسط جمود في المفاوضات غير المباشرة مع حماس واحتمالية نشوب حرب مع حزب الله اللبناني في الشمال. ويرى الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان) عاموس مالكا أن عملية النصيرات هي "جهد عملياتي استخباراتي عال ومعقد جدا، وخطأ واحد كان سيفشل العملية". وعلى الرغم من ذلك، قال مالكا إنه "من المستحيل البناء على مثل هذه العمليات باعتبارها الطريقة الوحيدة لإطلاق سراح جميع المختطفين". فيما قال الجنرال احتياط يسرائيل زيف، والذي شغل في السابق منصب قائد العمليات في الجيش، إن حماس "ستتعلم الدروس وستجري تغييرات وستجعل الخطوة التالية أكثر صعوبة". ورأى زيف أن صفقة تبادل هي وحدها التي يمكن أن تعيد المختطفين لدى حماس. ومنذ السابع من أكتوبر الماضي يشن الجيش الإسرائيلي حربا على حركة حماس في قطاع غزة خلفت أكثر من 37 ألف قتيل فلسطيني، وذلك بعد هجوم حماس المباغت على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص. ولم يقدم نتنياهو حتى اليوم أي خطة واضحة لليوم التالي للحرب في غزة، وهو الأمر الذي دفع غانتس لإعطائه مهلة حتى الثامن من يونيو لتقديم استراتيجية واضحة للوضع في غزة بعد انتهاء الحرب وإلا فإنه سيقدم استقالته. وتراجع الوزير غانتس عن استقالته أمس بعد وقت قصير من استعادة الرهائن. ويتزامن الحديث عن احتمال استقالة غانتس وسط تهديدات من جانب وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير بحل الحكومة في حال وافق نتنياهو على ما وصفاه بـ"صفقة غير شرعية". وعلى الرغم من تهديدات الوزيرين المتشددين، إلا أن رئيس المعارضة لابيد زعيم حزب يوجد مستقبل (24 مقعدا في البرلمان) منح نتنياهو عدة مرات "شبكة أمان" لعقد صفقة تبادل. وقال الكاتب والمحلل السياسي لصحيفة ((يديعوت أحرونوت)) ناحوم برنياع إن عملية النصيرات "لم تحل أي واحدة من المشكلات التي تواجه إسرائيل منذ السابع من أكتوبر، لا الأزمة في الشمال مع حزب الله ولا الأزمة التي تهدد إسرائيل على الجبهة الدولية". وأضاف برنياع أنه "في كل واحدة من هذه القضايا الحكومة مستمرّة في الغوص في حفرة حفرتها لنفسها".■
مشاركة :