ما الفرق بين القائد والمدير؟ وكيف يؤثر كل منهما على فريق العمل؟ وهل يمكن للمدير أن يكون قائداً حقيقياً أم أنه مجرد شخصية إدارية بحتة؟ كانت هذه الأسئلة محط نقاشات حية بيننا نحن مجموعة من الزملاء المتقاعدين من البيئة العسكرية عبر تطبيق “واتساب” في هذا اللقاء الافتراضي قام أحد الزملاء بعرض شريحة تعرض مقارنة بين القائد والمدير، مما أثار العديد من الآراء والتعليقات حول هذا الموضوع الحيوي. القائد والمديراختلاف الأدوار والأساليب!! في علم الإدارة يُعرف القائد بأنه الشخص الذي يمتلك رؤية استراتيجية ويستطيع إلهام وتحفيز الآخرين لتحقيق هذه الرؤية. القائد يكتشف المواهب بين أعضاء فريقه، ويشجعهم على التفكير الإبداعي، ويمنحهم الفرص للنمو والتطور. بالإضافة إلى ذلك، يحرص القائد على صناعة القادة من الصف الأول والثاني والثالث مما يعزز من قدرات الفريق على المدى الطويل. يتميز القائد بالقدرة على التأثير الإيجابي وبناء علاقات قوية قائمة على الثقة والاحترام المتبادل. من ناحية أخرى يُعرف المدير بالشخص الذي يركز على إدارة العمليات والمهام اليومية دوره يتمثل في تنظيم الموارد وتخطيط الأعمال ومتابعة تنفيذها لضمان تحقيق الأهداف المحددة. المدير يهتم بالتفاصيل التشغيلية والرقابة على الأداء وغالباً ما يكون أسلوبه أكثر توجيهية وإدارية من كونه تحفيزيًا أو استراتيجيًا. لقد قضيت بتوفيق من الله 34 سنة في الخدمة العسكرية، تعلمت فيها الكثير من القيادات السابقة البعض يعتقد أن القيادة تقتصر فقط على المستوى الميداني ولكن الحقيقة أن القيادة تمتد إلى مستوى العمليات والمستوى الاستراتيجي. بدون خبرة الميدان لن يتمكن القائد من النجاح في المستويات الأخرى. في البيئة العسكرية تبرز أهمية القيادة بشكل واضح القادة العسكريون ليسوا مجرد مشرفين على تنفيذ الأوامر بل هم أفراد يزرعون القيم العسكرية في نفوس الجنود، ويبنون روح الفريق ويقودون بجانب جنودهم في الميدان. القيادة العسكرية تميزت عبر التاريخ بقدرتها على تحويل الأفراد إلى فرق متماسكة قادرة على التغلب على التحديات. القيادة تظهر بشكل خاص في طبيعة الأعمال المتغيرة وخاصة في الأزمات والحروب، حيث تتطلب القدرة على التكيف السريع واتخاذ القرارات الحاسمة تحت الضغط. في وقت السلم يتجلى فن القيادة في البناء والتطوير يعمل القادة على تطوير فرقهم تحسين المهارات وتعزيز الكفاءة والإبداع. أما في وقت الأزمات والحروب فيظهر دور القيادة في استخدام هذه المهارات والخبرات المكتسبة لتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الحاسمة التي تضمن تحقيق الأهداف وحماية الأرواح. العمل في بيئة ذات عدد كبير من الأفراد يتيح للقائد فرصة للاستفادة من تنوع الخبرات والتجارب مما يعزز من قدراته القيادية. ومع ذلك، قد تكون الوحدات العسكرية محدودة العدد أقل توفيراً لتلك التجارب الغنية مما قد يؤثر على تطور المهارات القيادية لدى القادة في تلك الوحدات. ومن خلال النقاشات أدركنا أن القائد العسكري لا يتوقف تأثيره عند حدود الوظيفة بل يمتد إلى حياته بعد الخدمة العديد من الزملاء الذين شغلوا مناصب قيادية في البيئة العسكرية تركوا بصمات واضحة في المجالات المدنية بعد تقاعدهم مستفيدين من مهاراتهم القيادية في مجالات الإدارة والتدريب والاستشارات. القائد الذي يغادر العمل للتقاعد هو الذي يترك الأثر الإيجابي، حيث يستمر تأثيره البناء في حياة من عملوا معه وفي المجتمع بشكل عام. وبالنسبة لي، فقد ساعدتني تلك الخبرات بعد التقاعد للعمل في الجانب المدني التطوعي. يجدر بنا الإشارة إلى أن بعض المدراء يلبسون أقنعة القادة محاولين إظهار أنفسهم كقادة حقيقيين، بينما هم في الواقع مجرد شخصيات إدارية تفتقر إلى المهارات القيادية الحقيقية يعود ذلك إلى أسباب نفسية تتعلق بعدم الثقة والخوف الدائم من أي موقف قد يكشف حقيقتهم. هذا النقص في الثقة يمكن أن يؤدي إلى ترددهم في اتخاذ المبادرات والتطوير، مما يؤثر سلباً على الأداء العام للفريق أو المؤسسة. علم الإدارة يؤكد على أهمية التدريب والتطوير المستمر للقادة لضمان استعدادهم لمواجهة التحديات المتغيرة والمتزايدة في بيئة العمل. في الختام يمكن القول أن الفرق بين القائد والمدير ليس مجرد اختلاف في الأدوار بل في الطريقة التي يتعاملون بها مع التحديات والفرص. القائد يركز على التأثير والتحفيز وصناعة القادة الجدد من مختلف الصفوف بينما يركز المدير على الإدارة والتنظيم. ولكي نضمن نجاح المؤسسات يجب أن نتأكد من إعداد القادة من خلال تجارب حقيقية ومكثفة لأن القيادة ليست مجرد منصب، بل مسؤولية وأثر مستدام. العميد البحري الركن المتقاعد فواز كاسب
مشاركة :