الليبرالية في القرن العشرين بين الأب والابن

  • 4/23/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعدّ كتاب “الليبرالية في القرن العشرين” للكاتب والباحث الياباني الخبير بالشؤون العربية ماكوتو ميزوتاني وترجمة علاء صلاح دراسة جادّة وعميقة للإسهام الثقافي والفكري الذي قدّمته شخصيتان شهيرتان، هما أحمد أمين وابنه حسين أمين. وقد صدر الكتاب في طبعته العربية حديثا عن مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة. كان السبب الأكبر وراء شهرة أحمد أمين هو سلسلة كتبه عن تاريخ الفكر الإسلامي التي بدأها بكتابه “فجر الإسلام” (1928) الذي ترجم إلى الفارسية والأوردية ومعظم اللغات الأوروبية الرئيسية، وكتابه “حياتي” الذي يعرض فيه سيرته الذاتية. كما قام أحمد أمين أيضا بكتابة عدّة مئات من المقالات الطويلة والقصيرة حتى يتمكّن من التواصل مع قطاع أوسع من جماهير القراء. وقد سار ابنه حسين أمين، الذي ولد عام 1932، على خطى أبيه، فاستخدم المقالات في طرح وجهات نظره حول مجموعة من الموضوعات المتصلة بالدين والتاريخ والسياسة والثقافة في منطقة الشرق الأوسط، والتي تغيّرت بصورة جذرية منذ زمن والده. ونظرا إلى أن مسألة الدور “اللائق” بالإسلام في الدولة الحديثة هو المحور الرئيسي لكتابات كل من أحمد وحسين أمين، فإن دراسة ميزوتاني تكتسب أهمية خاصة في لحظة تاريخية فارقة، تمّت فيها الإطاحة بنظم دكتاتورية علمانية راسخة، ووصول أحزاب إسلامية إلى سدّة الحكم عن طريق صناديق الانتخاب. إن كتاب “الليبرالية في القرن العشرين” مبتكر وعلمي، جاء في الوقت المناسب تماما، حيث يتوق العالم إلى معرفة كيف يمكن للحركة الإسلامية المضطهدة التي وصلت إلى السلطة سنة 2012، التماهي مع توقعات أولئك الذين قاموا بثورة سلمية أسقطت رموزا لستة عقود من الدكتاتورية شديدة القسوة والبطش والشراسة. ولذلك فهذا الكتاب بحث جادّ وعميق يعتمد أساسا على الزاد الفكري الذي تركه أحمد وحسين أمين، اللذان يعرّف بهما ويتتبع بكل دقة ومهارة الخيط الذي يربط بين الأفكار التي تركها لنا أحمد أمين، مؤلف أفضل دراسة عربية للتاريخ الإسلامي حتى وقتنا هذا، وبين فكر ابنه حسين التحليلي المتفتح وتجليات هذه الأفكار على أحوال مصر أثناء دخولها نفقا مظلما. ولذلك، سيستشعر القارئ قدرة ميزوتاني المستمدة من خبراته العلمية والدبلوماسية على سبر أغوار القضايا التي شغلت مصر بقوة في القرن الماضي، من خلال استدعاء فكر اثنين من أبرز مبدعيها، شاءت الصدفة أن يكونا أباً وابناً.

مشاركة :