غزة/ الأناضول وسط الاتهامات الإسرائيلية بتوظيف المنظومة الصحية في قطاع غزة "لأغراض عسكرية"، تبرز قصة مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية الذي أفرجت عنه تل أبيب، الاثنين، بعد اعتقال زاد عن 7 أشهر دون توجيه أي تهمة له، لتثبت تناقض الرواية الإسرائيلية. وخلال الشهور الـ7 الماضية من الاعتقال، فشلت إسرائيل في توجيه أي تهمة رسمية لـ"أبو سلمية"، بعدما كانت تتهمه مرارا بـ"المساهمة في توظيف المستشفى لأغراض عسكرية، ورعاية منفذين فلسطينيين لعملية 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي" فضلا عن ادعائها بـ"مساعدته لإخفاء أسرى إسرائيليين". آخر هذه الاتهامات كانت على لسان زعيم حزب "الوحدة الوطنية" الإسرائيلي المعارض بيني غانتس، الذي قال في معرض انتقاد لخطوة الإفراج عن أبو سلمية: "الحكومة التي تطلق سراح من رعى قتلة 7 أكتوبر وساعد في إخفاء مختطفينا (في إشارة لأبو سلمية)، ارتكبت خطأ عملياتيا ومعنويا وأخلاقيا". واعتقل الجيش الإسرائيلي أبو سلمية، في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني "من قافلة إنسانية كانت تنقل الجرحى من مجمع الشفاء الطبي إلى جنوبي القطاع عبر حاجز نيتساريم الذي يفصل شمال غزة عن المناطق الجنوبية"، وفق إفادته بمؤتمر صحفي، بعد ساعات قليلة من الإفراج عنه ووصوله للقطاع. وفي وقت سابق الاثنين، أطلقت إسرائيل سراح أبو سلمية ضمن 54 أسيرا أفرجت عنهم بسبب الاكتظاظ في سجونها، ما تسبب بتبادل الاتهامات في أروقة الحكومة الإسرائيلية بشأن ذلك، وفق صحيفة "معاريف" العبرية. وعقب إطلاق سراحه، قال أبو سلمية في مؤتمر صحفي، إن "الاحتلال الإسرائيلي لم يوجه إلي أي تهمة رغم محاكمتي 3 مرات". وتابع: "تعرضنا لتعذيب شديد في السجون الإسرائيلية، والاحتلال يقتحم زنازين الأسرى ويعتدي عليهم بشكل شبه يومي". **من هو أبو سلمية؟ ولد طبيب الأطفال الفلسطيني أبو سلمية، عام 1973 في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة. عام 2007، تولى منصب المدير الطبي لمستشفى النصر للأطفال، بينما شغل عام 2015 منصب إدارة مستشفى الرنتيسي للأطفال. وعام 2019، شغل أبو سلمية منصب مدير مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفى في قطاع غزة، حتى تاريخ اعتقاله في 23 نوفمبر لعام 2023. وكان يرأس مؤتمرات طب الأطفال التي تعقد في غزة، ويشارك في مؤتمرات طبية خارج القطاع. وخلال توليه لإدارة مستشفى الشفاء، عمل أبو سلمية على تطويرها من خلال ترميم المباني وإعادة تأهيل وتحديث بعض الأقسام، في وقت عانت فيه المنظومة الصحية بالقطاع من حصار إسرائيلي مشدد منذ منتصف عام 2007، فضلا عن نقص الميزانية التشغيلية لوزارة الصحة بغزة. ** طبيب في مواجهة التحديات واجه أبو سلمية منذ توليه إدارة مجمع الشفاء الطبي عدة تحديات تمثلت في إدارة المستشفى وتقديم الخدمة والرعاية الصحية وسط نقص الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية جراء الحصار. إلى جانب ذلك، واجه المستشفى خلال فترات مختلفة من الأعوام السابقة، ضغوطا هائلة جراء أعداد الإصابات الكبيرة التي كانت تصلها خلال فترة النزاعات السابقة. وزاد من تعقيد هذه الظروف، تعرض المستشفى للاستهداف المباشر والتدمير منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع. وخلال فترة الحرب، حاول أبو سلمية كما قال في تصريحات سابقة "تقديم الرعاية الطبية للجرحى والمصابين"، إلا أن إخلاء المستشفى تحت تهديد النيران حال دون ذلك. وفي 18 نوفمبر الماضي، أمر الجيش الإسرائيلي أبو سلمية بإخلاء مستشفى الشفاء الطبي بعدما رفض أمرا سابقا مماثلا. وأشار إلى أن أمر الإخلاء دفعهم لـ"إجلاء مئات المرضى والنازحين إلى مستشفى آخر جنوبي القطاع، إضافة لنقل العشرات من الأطفال الخدج". ** اتهامات إسرائيلية الإفراج عن أبو سلمية بعد اعتقاله لأكثر من 7 شهور بدون تهمة، أثار تساؤلا حول دوافع الاعتقال ومصداقية الرواية الإسرائيلية. وكان الجيش الإسرائيلي قال آنذاك إنه "تم اعتقال ونقل أبو سلمية للتحقيق معه من قبل الشاباك، بعد ظهور أدلة تثبت أن مجمع الشفاء الطبي، الخاضع لإدارته، كان بمثابة مركز قيادة لحماس". وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، طرح ناشطون تساؤلات حول أسباب اعتقال الجيش لأبو سلمية. وقال الناشط أدهم أبو سلمية، في منشور على منصة "إكس": "حرروا الدكتور محمد أبو سلمية، إذ وباعترافهم لا وجود لأي عمل عسكري داخل مجمع الشفاء وإلا لم خرج أبو سلمية بعد فترة اعتقاله مقارنة بالتهم الموجهة له وللمجمع الطبي؟". وتابع: "إذا لماذا حرقوا وهدموا ودمروا مدينة من أهم المدن الطبية في فلسطين؟ ولماذا قتلوا المرضى في غرف العناية المركزة وغسيل الكلى؟ ولماذا قطعوا الكهرباء عن غرف الخدج؟ ولماذا أصلا اعتقلوا الفرق الطبية وقتلوا الكثيرين منهم؟ لماذا قتلوا وشردوا من احتمى داخل المجمع الطبية؟". وأضاف: "ماذا عن مشاهد الأسلحة التي تم بثها (من قبل الجيش أثناء اقتحامه للمجمع)؟ هل هذا اعتراف بأنها مفبركة؟ أم سقط سهوا؟ أم هذا العدو لا يحترم عقولنا؟". أما الناشطة حياة اليماني، فكتبت على منصة "إكس": "بعد 7 أشهر من الاعتقال، هذه الحالة التي خرج عليها أبو سلمية التي ثبت للعالم أجمع كذب رواية الاحتلال واتهامه بخصوص كون المستشفى قاعدة عسكرية تدير منها القسام المعركة". وبعد اعتقال أبو سلمية، أصر الجيش على أنه يتم توظيف مجمع الشفاء لأغراض عسكرية، حيث قال متحدث الجيش أفيخاي أدرعي، في بيان في مارس/ آذار الماضي إن "الجيش وجهاز الأمن العام الشاباك يعملان داخل مجمع الشفاء الطبي لإحباط أنشطة إرهابية واعتقال مخربين". وتظهر هذه الحادثة التحديات التي يواجهها العاملون في القطاع الطبي بغزة، والذين يتعرضون للاستهداف الإسرائيلي المباشر، والاعتقال وسط ظروف صعبة ومعقدة. ** استهداف المستشفيات ومنذ بدء الحرب، عمد الجيش الإسرائيلي إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج مستشفيات كثيرة عن الخدمة؛ ما عرض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية. كما اعتقل الجيش عددا من العاملين في القطاع الصحي بغزة، من بينهم مدراء مستشفيات، فيما أفرج عن بعضهم في وقت لاحق من الاعتقال. وبدعم أمريكي مطلق، أسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر عن نحو 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال. وتواصل تل أبيب حربها رغم قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة كما تتحدى إسرائيل طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعها يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزة. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :