الجزائر: حديث عن إعداد وزير سابق متهم بالفساد لخلافة بوتفليقة

  • 4/23/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يكثف شكيب خليل، وزير الطاقة الجزائري سابقا، من زياراته لمدارس تعليم القرآن في شتى أنحاء البلاد، وهو ما أثار فضول وسائل الإعلام والطبقة السياسية، ذلك أن نشاطه في هذا الجانب يوحي بأنه يبحث عن «تزكية» لعودته إلى الشأن الحكومي بعد 3 سنوات من اتهامه بالفساد، في واحدة من أشهر فضائح الرشاوى التي عرفتها البلاد. وحط خليل أمس رحاله بـ«زاوية» منطقة سغوان بولاية المدية (80 كلم جنوب العاصمة)، حيث كان في استقباله أعيان المنطقة ورجال الدين، وقطاع من السكان المحليين، الذين احتفلوا بعودته الشهر الماضي من مكان إقامته بالولايات المتحدة الأميركية. وزار خليل عدة «زوايا» في مناطق مختلفة من الجزائر، وكلما حل بواحدة منها حظي باستقبال حافل يترك الانطباع بأن لجهة عليا في الدولة يد في الموضوع. ولـ«الزوايا» التي يتم فيها دراسة وحفظ القرآن، مكانة خاصة بالجزائر. وقد لعبت في فترة الاستعمار الفرنسي (1830 - 1962) دورا هاما في وقاية الهوية الجزائرية بأبعادها الإسلامية والأمازيغية والعربية من المد الثقافي الفرنسي، وكانت رافدا أساسيا في إمداد مجاهدي ثورة الاستقلال (1954 - 1962) بالقوة. ومن عادة الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلاد أن يطلبوا «مبركتها» قبل الترشح للمنصب الأعلى في المسؤولية. وبوصول عبد العزيز بوتفليقة إلى الرئاسة عام 1999 استفادت «الزوايا» من دعم مادي كبير، وشكلت إحدى الركائز الأساسية التي اعتمد عليها أثناء حملاته الانتخابية الماضية. ولذلك فإن اهتمام خليل بـ«الحليف الديني» للرؤساء، أوحى بأنه عائد إلى السلطة من الباب الواسع، ولكن هذه المرة كرئيس الجمهورية ضمن ترتيبات محتملة لخلافة بوتفليقة، الذي يعاني من المرض منذ أكثر من 3 سنوات. ويقول متتبعون بأن قواسم مشتركة كثيرة تجمع بين بوتفليقة وخليل، قد تجعل من الوزير السابق يحظى بموافقة الرئيس الحالي لأن يكون خليفة له. فهما مولودان في مدينة وجدة المغربية الحدودية مع الجزائر، ويتحدران من تلمسان بغرب البلاد، علما بأن لمعطيات «الانتماء إلى الجهة الواحدة» تأثير بالغ في تولي المسؤولية في البلاد منذ الاستقلال. وكمثال على ذلك فعندما كان الرئيسان الراحلان هواري بومدين (1965 - 1979) والشاذلي بن جديد (1980 – 1992) من شرق الجزائر، كان أبرز المسؤولين في الحكومة وأجهزة الدولة من ولايات الشرق. وغالبية المسؤولين في البلاد خلال عهد بوتفليقة، ولدوا بغرب البلاد مثله. ويطلق على هذه الظاهرة في الجزائر بـ«الجهوية». وقد احتدمت في البرلمان الأسبوع الماضي ملاسنة حادة بين وزير العدل الطيب لوح، ومجموعة من البرلمانيين، بسبب ما يعرف بـ«قضية شكيب خليل»، لأنه محل مذكرة اعتقال دولية صدرت عام 2013. بسبب تورطه في فضيحة فساد بشركة المحروقات «سوناطراك»، ولأن السلطات تتكتم على «مصير خليل القضائي». وعبر لوح عن استياء بالغ لخروج النواب عن موضوع جلسة البرلمان، وهو مناقشة تدابير قانونية، تتعلق بمحاربة ظاهرة التحاق رعايا جزائريين وأجانب مقيمين بالجزائر بالجماعات المتطرفة بالخارج، إذ ألحوا عليه كي يعطيهم تفسيرا لعودة خليل إلى البلاد من مكان إقامته بالخارج، من دون أن يتعرض للاعتقال، بينما هو متابع رسميا بتهمة «تلقي رشى وعمولات» بقيمة 200 مليون دولار، في صفقات أبرمت عام 2009 بين «سوناطراك» وشركة نفطية إيطالية. ودعا لوح البرلمانيين إلى «الكف عن توجيه التهم جزافا للمسؤولين»، مشيرا إلى أن «القاضي هو وحده من يتهم الأشخاص»، وقال موضحا «لو تركنا أي شخص يكيل الاتهامات كما يحلو له، ستنفلت الأمور ولن نستطيع التحكم فيها»، ودعا البرلمانيين إلى «ترك القضاء يؤدي مهامه في هذه القضية (ملف خليل) وفي كل القضايا الأخرى»، مؤكدا في هذا السياق أن «القضاء مستقل في الجزائر»، وأن الدستور «يكرَس مبدأ الفصل بين السلطات». وثارت ثائرة البرلمانيين بسبب رفض الوزير الإجابة على استفسارهم بخصوص مصير مذكرة الاعتقال الدولية التي صدرت ضد خليل وزوجته الأميركية من أصل فلسطيني، ونجله. وقد غادر الوزير مبنى البرلمان، تاركا النواب في قمة الغضب. وفي نظر المتتبعين، فإنه من الصعب رؤية خليل يترشح للرئاسة، ما دام أن المتابعة القضائية بحقه لم تلغ. وحتى في حال إلغائها فإن شبهة الفساد ستبقى تلاحقه، لذلك فهم يرجحون بأن عودته إلى الواجهة لا تعدو أن تكون بالون اختبار، ما يعني أن خليفة بوتفليقة الحقيقي لم يحن بعد وقت الإعلان عن اسمه.

مشاركة :