تخطيط المدن.. وحسابات المستقبل | صالح بكر الطيار

  • 4/24/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لا تزال كثير من مدننا تعاني من خللٍ قديم؛ انعكست سلبياته على المجتمع مع كل تغيُّر مناخي؛ من أمطارٍ أو تغيير تنموي، كتنفيذ مشروعات جديدة، أو أي تغيير تشهده المدن، والسبب يعود إلى سوء تنفيذ خطط البنية التحتية لتلك المدن منذ البدايات. فهناك مدن كبيرة عانت -طوال السنوات الماضية- من عدم دراسة التغيُّرات المستقبلية، وهي من أهم أساسيات العمل التخطيطي لأي مدينة، ففي جدة تم تنفيذ عدة مشروعات، ولم يُراعَ فيها الازدحام السكاني المتوقع، أو التمدُّد العمراني المتزايد، فدخلت المدينة -منذ سنوات طويلة- في الاختناقات والازدحام، ومشكلات التصريف، وهنالك مدن أخرى لا يزال سكانها يدفعون ضريبة بعض المشروعات التي أرهقت كاهلهم، وأزهقت الوجه التنموي للحضارة والتمدُّن. بعض أمانات المدن لم تُراعِ في بعض مشروعاتها التي نُفذت، الإيعاز للمكاتب المتخصصة المتميزة، ولم تنتبه لضرورة وجود تخطيط تنموي يُراعَى فيه حال المدينة الحالي، ومشاكل الماضي، وتحديات المستقبل، من ازدحامٍ وطفرةٍ سُكَّانية، وخططٍ استباقية، لمواجهة مواسم ممطرة، أو مشكلات بيئية، أو اختناقات، أو مراعاة توفير البيئات الذكية لتلك المشروعات والتركيز على التنمية المستدامة، وخلق مشروعات بشكل مؤسساتي، تعتمد على أهم عنصرين وهي: دراسة تغيُّرات المستقبل، وتوفير خطة عمل مؤسساتية واستراتيجية تضمن نجاح الأهداف، وتميُّز المشروع وديمومته، وتلافيه لأي مُتغيِّرات. المكاتب الاستشارية والهندسية موجودة، والدولة تضخ المليارات سنوياً، إلا أن مفهوم التنمية لدى البعض يُعاني من بيروقراطية قديمة من جهة، ومن غياب التخصص وسوء الرقابة من جهةٍ أخرى. فوجدنا أن هنالك مشروعات نُفِّذت بميزانياتٍ كبيرة إلا أنها لم تُواكب الأهداف التي أُسِّست من أجلها، ولم تصل للآمال المنشودة، ولم تتواءم مع متطلبات المستقبل، لذا ظللنا لسنواتٍ نسعى لتغيير بعض المشروعات وإيجاد حلول جديدة وبديلة، مع أنه كان من المفترض أن تحل تلك المشروعات -خلال العقد الأخير- كل مشكلات التنمية لو تم تنفيذها وفق ما تتطلبه تخطيط المدن، بأسس ومعايير عالمية ومُتخصِّصة، تُراعي الجوانب البشرية والحضارية والبيئية، والمُتغيَّرات التي ستطرأ مستقبلاً. لذا أتمنى من وزارة الشؤون البلدية والقروية أن تقوم بدراسة شاملة لمشكلات وسلبيات تخطيط كثير من المدن لدينا على مر العقد الأخير، وانعكاس ذلك على تنمية الإنسان والمكان، وأن تُبادر بعقد مؤتمرات وورش عمل ودراسات مستفيضة لمناقشة هذه الأخطاء، وإيجاد توصيات جديدة لتُنفَّذ في إطار الحلول العاجلة، وأن تستعين بخبراء مُتخصصون في تخطيط المدن، وأن تُوجِّه أمانات المناطق والمدن بأهمية المسارعة في رفع الدراسات في هذا الجانب، وأن تضع أنظمة مُتجدِّدة ومُبتكرة تُسهم في إعادة بناء تنمية المدن، لتعكس النهضة الكبرى التي يشهدها الوطن، وتتوازى ما يُصرف سنوياً من ميزانيات كبيرة على التنمية والبنية التحتية للمدن، حتى يتم إعادة النظر بشكل مؤسساتي في تخطيط المدن، وفق حسابات المستقبل، والاستفادة من أخطاء الماضي. sbt@altayar.info

مشاركة :