◄ الهادي: هناك فوضى في محتوى بعض "النشطاء" ◄ الزيدية: العقوبات الصارمة ضرورية للحد من إثارة البلبلة ◄ بوخنوفة: بعض النشطاء يلعبون على الوتر الحساس ويثيرون قضايا مُثيرة للجدل ◄ الفهدي: تعيين متحدثين رسميين للجهات الحكومية يقطع الطريق أمام ترويج الشائعات ◄ الرحبي: السجن مصير مروجي الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي الرؤية- فيصل السعدي يطالب عدد من الإعلاميين والمختصين بضرورة إيجاد حلول جذرية للحد من ترويج الشائعات أو التحدث باسم الجهات الرسمية من قبل بعض نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أن بعضهم يتعمدون إثارة البلبلة لزيادة عدد المتابعين والمشاهدات. ويقول المكرم الدكتور صالح الفهدي عضو مجلس الدولة، إن بعض المؤسسات الرسمية عينت متحدثين رسميين تفاديا لنشر أي شائعات على لسان رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا: "هناك من يتكلم باسم جهةٍ ما دون استنادهِ إلى مصدرٍ موثوق فينقل معلومات غير دقيقة، ما يترتب على ذلك إثارة البلبلة داخل المجتمع، وقد يكون من نتائج ذلك صدور شائعات لا أساس لها مما يضرُّ بالأمن الاجتماعي". ويضيف: "للأسف هناك بعض المواقع أو بعض الذين يعرِّفون أنفسهم بأنهم ناشطون اجتماعيون وفي الحقيقة هذا لقبٌ في غيرِ محلَّه، فالناشط الاجتماعي أحقُّ أن يُطلق على المتطوعين في المجال الإنساني للمجتمع، لا الذين يسعون للبحث عن الإثارة في المجتمع، ولا لفائدة مرجوة، ولكن فقط للحظوة بسبق نشر الخبر وهو غير دقيق إن لم يكن في الأساس غير صحيح أصلاً". وينصح الفهدي بتعيين الجهات الحكومية متحدثين رسميين عنها كما فعلت بعض الجهات، أو أن تكون لها دوائرها المختصة لنشر الأخبار، وإصدار النشرات، ولا يجب على الجهات الرسمية أن تترك الأمر في يد كل من أراد سبق الترويج ونشر الأخبار غير الدقيقة دون استناد إلى مصدر موثوق، كما يجب أن تتبع كل جهة بشرحٍ لأي قرار يصدرُ عنها إن كان يتوجب شرح تفاصيله، حتى لا يُترك الخبر للشائعات". ويشير نبيل بن محمد الهادي- إعلامي وصحفي- إلى إن المتابع لوسائل التواصل الاجتماعي في سلطنة عُمان، يجد الكثير من الفوضى التي يقوم بها من يسمون بـ"نشطاء"، إذ إن البعض منهم تجاوز حدود المعقول وأطلقوا على أنفسهم لقب "إعلاميين" على الرغم أنهم ليسوا سوى "مروجي بضائع" مقابل أجر مالي مضيفا: "الأمر يتفاقم يومًا بعد يوم، حيث نشهد تدخلهم الصارخ في أمور لا تمت إلى واقعهم المادي بصلة، فهم يتكاثرون مثل النمل، والبعض منهم وصلوا إلى درجة من الابتذال والاستخفاف بعقول المتابعين عبر نشى محتوى غير لائق". ويؤكد الهادي أنه يجب التفريق بين ما هو غث وثمين في المحتوى الذي ينشر على منصات التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن هناك الكثير من النشطاء يقدموت محتوى رقمي جيد وباحترافية، ويسلطون الضوء على الإنجازات التي تحققت على أرض عُمان، سواء في الجوانب السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو حتى الثقافية والسياحية، كونهم مدركين أهمية الرسالة التي يجب أن تقدم للمتلقي. ويلفت إلى أن بعض "النشطاء" تحولوا من "ترويج البضائع والمنتجات" إلى ترويج الشائعات والتشهير الآخرين والتدخل في شؤونهم الخاصة، وتداول معلومات غير صحيحة أو مجتزأة للتأثير على الرأي العام، بالإضافة إلى أن الكثير من إعلاناتهم تكون مضللة والكثير من المنتجات التي يروجون لها غير أصلية. ويطالب الهادي الجهات المعنية بإعادة النظر في منح التراخيص لهؤلاء "النشطاء" وإيجاد أدوات ضبط حقيقية لمثل هذه الممارسات، واتخاذ موقف مع من يقوم بنشر أخبار غير صحيحة أو الترويج لسلع غير أصلية أو معلومات مضللة، أو من يقوم بالتشهير بالآخرين أو الخروج على التقاليد العمانية الأصيلة، مبينا: "هذا الهبوط الخادش للحياء الذي نشاهده في الكثير من الأحيان، لا يتناسب مع بيئة المجتمع العُماني المحافظ ولا مع العادات والتقاليد السمحة، فكل ذلك بعيد عن السمت العُماني". ويتابع قائلا: "يسلك البعض طرقا غير صحيحة لزيادة عدد متابعيه، حتى لو على حساب الإساءة للوطن أو الأرض أو التقليل من الجهود الرسمية والمجتمعية، وتشويه الحقائق ونقل الصورة بطريقة غير صحيحة، ولذلك نكرر سؤالنا: أين الضوابط القانونية من كل هذه الفوضى التي يبدو لي وكأنها يجب أن تكون تحت سيطرة الجهات المعنية بالضبطية". وتؤكد الصحفية جميلة الزيدية أن القرارات والأخبار لها مصادرها وقنواتها الرسمية، لافتة إلى أن إقحام من يوصفون بـ"النشطاء" أنفسهم في تداول الأخبار واجتزائها من سياقها العام لتحقيق السبق وحصد المشاهدات وزيادة عدد المتابعين هو أمر خطير لأن الكثير منهم يفتقر إلى التخصصية والقدرة على التحليل وعد الإلمام بجوانب الموضوع الذي يتحدث عنه. وتوضح: "مع زيادة عدد نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، فمن المؤكد أن التنافس على زيادة المتابعين والانتشار سيزيد حتى لو كان على حساب المصداقية في نقل المعلومة، وهذا سيؤثر على القنوات الرسمية وكذلك سيؤثر على المؤسسات لأنها قد تحتاج لنشر توضيحات لاحقًا لتصحيح المغلطات التي أحدثها البعض من نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، والمتضرر من هذا الأمر هو الجمهور لأنه يقع ضحية لتضليل بعض المشاهير، لكن ينبغى على الجمهور أن يتلقى المعلومة من المصادر الرسمية المعروفة، كما أنه لا يمكن الحد من انتشار المعلومات المغلوطة إلا بالقوانين التي تدين من يتعمدون إثارة الجدل والبلبلة، وأن تكون العقوبات صارمة حتى لا يتجرأ أحد على نشر الأخبار المغلوطة". من جهته، يرى الدكتور عبد الوهاب رابح بوخنوفة، أستاذ الصحافة والنشر الإلكتروني المساعد بجامعة السلطان قابوس، أن بعض نشطاء منصات التواصل الاجتماعي يتعمدون إثارة المواضيع والمسائل الحساسة للترويج لأنفسهم وزيادة عدد المتابعبين وكسب أكبر عدد من المشاهدات، مبينا أن جوهر دعاية "مشاهير منصات التواصل الاجتماعي" هو نشر ما تحب سماعه الناس، وهو أسلوب اللعب على الوتر الحساس؛ إذ إن المتابعين حريصون على معرفة الجديد فيما يخص دخل الفرد والمشاريع والتنموية والوظائف وكل ما له علاقة بالحالة المعيشية في المجتمع. ويوضح أن التحدث بلسان الدوائر الحكومية يدخل في خانة نشر الأخبار الكاذبة، لأن ما يقوم به بعض نشطاء شبكات التواصل ليس عملية جمع الأخبار من مصادر حكومية ونشرها فقط، وإنما هناك من يحلل ويستنتج وينشرها بطريقة شعبوية يستقبلها الكثيرون على أنها حقيقة راسخة، وفي الواقع فهو يبث سوء الفهم والشك عند الكثير من الجمهور، لأنه غير مختص في تحليل هذه الأخبار، مؤكدا: "تحدث نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي بلسان الدوائر الرسمية الحكومية، يقلل من جودة الخبر عند القنوات الإخبارية الرسمية، لأن بعض الفئات من الجمهور العام يرون في هذا المؤثر أنه على دراية بالمواضيع المهمة، وبالتالي يحدث هذا الأمر حالة من البلبلة والتضليل والتحريف، إذ إن نزع المعلومات من سياقها المهني التوعوي الإخباري يصب في مصلحة المؤثر الشخصية لأنه يريد أن يكون متصدرا للمشهد على منصات التواصل". من جهته، يوضح المحامي خليفة بن مرهون الرحبي أمين سر جمعية المحامين العمانية: "في عصر السوشيال ميديا أصبح المشاهير يملكون تأثيرا كبيراً على الرأي العام والمجتمع من خلال منصاتهم الرقمية، لكن هذا التأثير الكبير يأتي مع مسؤوليات قانونية وأخلاقية يتحملها الناشطون، وبالرغم من ذلك إلا أنه يلاحظ أحيانا وجود بعض التجاوزات القانونية، مثل التحدث بلسان الجهات الرسمية بدون موافقة تلك الجهات، من أجل الشهرة وزيادة عدد المتابعين، ويعد نشر الاخبار بدون تصريح من الجهات المختصة مخالفة قانونية خاصة إذا كانت تلك الأخبار تتعلق بأمور حساسة وذات طابع رسمي يرتبط بحياة أفراد المجتمع . ويضيف: "هناك نشطاء يقومون بتضليل الجمهور عبر نشر أخبار غير صحيحة أو مبالغ فيها بهدف الوصول إلى ما يسمى بالترند، ويعد ذلك خرقا للأمانة الإعلامية وهو يؤثر بلا شك سلبا على أفراد المجتمع، كذلك نلاحظ قيام البعض منهم بالتعدي على خصوصية الأفراد من خلال نشر صور أو مقاطع فيديو أو معلومات شخصية دون إذنهم، فالخصوصية حق أساسي للفرد كفلها النظام الأساسي للدولة". ويذكر الرحبي: "تقوم الدولة بضبط وتنظيم هذا الفضاء الالكتروني الواسع عبر سن القوانين والتشريعات المنظمة الهادفة لحماية الحقوق والمراكز القانونية للشخصيات الاعتبارية والمعنوية، ويعد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 12 / 2011 قانونا خاصا جاء بهدف تنظيم جرائم تقنية المعلومات، أي الجرائم التي ترتكب باستخدام وسائل تقنية المعلومات، كما يعد تحريك هذه الدعاوى العمومية اختصاص أصيل للادعاء العام، حيث ألزم القانون كل من شهد أو علم بوقوع جريمة بإخطار الجهات المختصة، فمتى ما وصلت الجريمة إلى علم مأمور الضبط القضائي أصبح مُلزمَا بإخطار الادعاء العام الذي عليه واجب التحقيق في الجريمة محل الاتهام لحفظها أو احالتها للمحكمة". ويشير أمين سر جمعية المحامين العمانية إلى أن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مادته رقم (١٩) اعتبر أن نشر الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعد من قبيل الإخلال بالنظام العام، حيث نصت المادة على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أو حيازة كل ما من شأنه أو ينطوي على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام". ويتابع قائلا: "في قانون الجزاء بشأن الحكم المتعلق بنقل المعلومات الكاذبة، تنص المادة 223 من القانون على أنه يعاقب أي شخص ينشر عن علم أخبارا كاذبة عن جريمة لم تُرتكب، بعقوبة تصل السجن من شهر واحد، إلي 3 سنوات، ويواجه هو أو هي أيضًا غرامة لا تقل عن 100 ريال عماني ولا تزيد عن 500 ريال عماني". ويبين الرحبي: "ينظم قانون الجزاء العماني الشائعات التي تؤثر على الدولة، حيث تنص المادة 115 من الفصل الثاني على أن أي شخص يقوم عن قصد بالتحريض أو نشر أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو ضارة أو بث دعاية تحريضية، من شأنها أن تقوض مكانة الدولة أو تضعف الثقة في أسواقها المالية أو وضعها الاقتصادي والمالي، يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات"، مؤكدًا أن النظام الأساسي للدولة في سلطنة عمان يحمي الحياة الخاصة بموجب المادة ٣٦، مما يجعل الحق في الخصوصية حقا دستوريا، كما أن قانون الجزاء العماني وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يجرمان الأعمال التي تمس حرمة الحياة الخاصة. واستشهد الرحبي بأن هناك قوانين خاصة ببعض القطاعات، مثل حماية البيانات الشخصية في القطاع المصرفي بموجب القانون المصرفي، وحماية البيانات في المعاملات الإلكترونية والتصديق الإلكتروني بموجب قانون المعاملات الإلكترونية، وحماية البيانات في قطاع الاتصالات بموجب ضوابط حماية سرية وخصوصية بيانات المنتفع الصادرة من قبل هيئة تنظيم الاتصالات، وحماية البيانات الصحية بموجب قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة.
مشاركة :