إن سيرة حياة السيد (لي ميونج باك).. رئيس كوريا الجنوبية السابق خلال الفترة الزمنية الممتدة من 2008م إلى 2013م، تُمثل قصةً حقيقيةً، تُعد نموذجًا يُحتذى به في الإصرار على النجاح بقوة الإرادة، والمثابرة لكل شباب العالم. فقد نشأ (لي ميونج باك) طفلًا في عائلة كورية فقيرة جدًّا، وكان يعمل وهو طفل حتى بلغ الثامنة عشرة من العمر في جمع القمامة يدويًّا؛ ليتمكن من العيش والإنفاق على تعليمه…بعد تخرجه التحق بشركة هيونداي الشهيرة إحدى أكبر شركات صناعة السيارات في كوريا الجنوبية؛ وبعد خمس سنوات أصبح مديرًا لهذه الشركة العملاقة بعد أن استطاع من زيادة رأس مالها إلى الضعف في خمسة أعوام فقط؛ أهّله ذلك لكي يصبح رئيسًا للشركة نفسها؛ ثم رئيسًا لجمهورية كوريا الجنوبية في عام 2008م، كأصغر رئيس دولة سنًا في العالم. ألقى (لي يونج بارك) محاضرة في المنتدى الاقـتصادي الآسيوي الذي أقيم في جامعة السلطان قابوس بمسقط العاصمة العُمانية قبل سنوات؛ حيث كان وقتها ضيفًا رئيسيًّا في المنتدى؛ أقتبس هنا أهم ما قاله في تلك المحاضرة: قال (لي ميونج باك) في كلمته في المنتدى: “إن رئاستي لبلدي كوريا الجنوبية لم تُمحِ أبدًا آثار ورائحة القمامة التي كنتُ أجمعها بيدي، وهذا من أكثر الأشياء التي أفتخر بها لحد الآن”، عندها ارتجّت القاعة بالتصفيق احترامًا وتقديرًا لهذه الشخصية العصامية التي صنعت لنفسها ولعائلتها ووطنها شرفًا وعزةً وكرامة وفخرًا على مر الزمان؛ إذ تُعتبر كوريا الجنوبية من أكبر اقتصاديات الدول الآسيوية والعالم في وقتنا الحاضر. قال: “إن كوريا الجنوبية كانت في السابق تُعد دولة متخلفة، وقد تم تصنيفها كخامس أفقر دولة في العالم منذ 50 سنة، واليوم تُعد أكبر خامس اقتصاد في العالم؛ وذلك نتيجة الاهتمام والتركيز على جودة التعليم فيها، فنحن -والكلام لا يزال له- لا نملك أي موارد طبيعية من نفط، وغاز، ومعادن في بلدنا كوريا الجنوبية، مواردنا التي اعتمدنا عليها لتنمية بلدنا كانت إبداع العقول الكورية فقط”. انتهى الاقتباس! وأجمل ما في المنتدى، كان لحظة تسلم (لي ميونج باك) مكافأة المحاضرة التي ألقاها في جامعة السلطان قابوس ومدتها ساعة واحدة فقط، إذ أبدى انبهاره الشديد من مبلغ المكافأة الذي بلغ ثلاثين ألف دولار أمريكي، وقال مازحًا: إنه منذ تركه مقعد رئاسة بلده كوريا الجنوبية في عام 2013م، وهو يعمل موظفًا في هيئة علوم البيئة براتب شهري يبلغ ألفين ومائتي دولار أمريكي، خاضعة للضرائب، ومع ذلك فإنه يعيش حياة سعيدة وهانئة في بلاده. إنها قصة رئيس كوريا الجنوبية السابق (جامع القمامة) التي كشفت بعضًا من جوانب المعجزة الاقتصادية الكورية…إنها الاهتمام بالعلم والتعليم في عملية بناء الإنسان الكوري! من أجمل أقوال (ديرك بوك)، المحامي والرئيس الأسبق لجامعة هارفارد: “إذا كنت تظن أن التعليم مُكلّف، جرب الجهل”.
مشاركة :