ينتظر السعوديون بمزيج من الأمل والترقب الإعلان عن خطة تهدف إلى تحرير اقتصاد المملكة من الاعتماد الكثيف على النفط، وتشمل إصلاحات جذرية لكنها قد لا تخلو من بعض التحديات. ومن المنتظر أن يعلن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رؤية السعودية 2030،التي تعرف باسم خطة التحول الوطني والتي تشمل إصلاحات للموازنة العامة وتغييرات تنظيمية ومبادرات للسنوات الخمس المقبلة. وتدور التكهنات في أوساط السعوديين بخصوص فحوى الخطة على صفحات التواصل الاجتماعي والصحف وفي المحادثات الشخصية. ويبدي الكثير لا سيما الشباب ترحيباً وتفاؤلاً بالخطة التي يتوقعون أن تعمل على توفير الوظائف وإتاحة فرص اقتصادية جديدة وربما المزيد من الحريات الاجتماعية. في المقابل يتشكك البعض في إمكانية إحداث قدر كبير من التغيير في المجتمع السعودي ويتخوف آخرون من أن تكون الإصلاحات مؤلمة من الناحية المالية مع توجه لفرض ضرائب ورسوم لدعم المالية العامة وعزم الحكومة الدفع بمزيد من السعوديين للعمل في القطاع الخاص الذي لا يحظى بمميزات القطاع الحكومي. الإصلاحات الكثير من الخطوط العريضة لرؤية السعودية 2030 معروفة للكثيرين، وتشمل حملة لتعزيز الكفاءة داخل الحكومة ودوراً أكبر للقطاع غير النفطي وتغيير طريقة إدارة الدولة للاحتياطات الأجنبية لزيادة العوائد. وعلى مدى العقود الأخيرة تبنت المملكة عدداً من خطط الإصلاح لكنها لم تحدث سوى نتائج متواضعة. وظلت المملكة تعتمد بشكل كثيف على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات. وقد تكون الرؤية الإصلاحية الجديدة أكثر فعالية إذ ينظر للأمير محمد على أنه إصلاحي نشط، وهو يترأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يتولى الإشراف على الوزارات والجهات الحكومية المختصة بالاقتصاد. وفي ظل النطاق الواسع لسلطاته وسرعة اتخاذ القرارات الاقتصادية أصبح الكثير من السعوديين مقتنعين أن بإمكانه القضاء على البيروقراطية التي طالما أعاقت تنفيذ الكثير من العمليات الحكومية. يقول الأمير منصور آل سعود كبير مديري التخطيط لدى صندوق التنمية الصناعية السعودي ستكون أول استفادة (من الإصلاحات) هي تعزيز الكفاءة والتعاون بين الجهات الحكومية. ويقول تركي فدعق رئيس الأبحاث والمشورة لدى البلاد المالية: النموذج الذي كان متبعاً في التخطيط على مدى ثلاثة عقود ماضية لم يكن نموذجاً فعالاً. كانت هناك تشوهات هيكلية في الاقتصاد وضعف في كفاءة التحقيق. ويضيف: بعد إنشاء مجلس الاقتصاد والتنمية أصبح هناك حركة أكثر رشاقة للتحرك بشكل سريع لمواجهة المتغيرات وسرعة في عملية اتخاذ القرار. لكن هناك مخاوف من أن يلقي شبح البيروقراطية بظلاله مرة أخرى ليقاوم التغيير. متطلبات التحول يقول الاقتصادي السعودي فضل البوعينين إن من بين أهم التحديات التي تواجهها الخطة مدى قدرة الوزارات الحكومية على تحمل متطلبات التحول الوطني الذي يعتمد في مدخلاته على فكر القطاع الخاص، خاصة ما يتعلق منه بالإنتاجية والقياس والعمل وفق خطط استراتيجية للوصول إلى تحقيق أهداف محددة. ويضيف: هذا قد لا يتوافق مع قدرات بعض الوزارات في الوقت الحالي ما يستوجب إحداث هيكلة في كل وزارة لتتوافق مع متطلبات البرنامج. هناك ورش عمل أقيمت لتطوير أداء الوزارات ولكنها لن تكون كافية فبيروقراطية خمسة عقود لن تنجلي من خلال ورش عمل أنجزت في شهرين. ويتخوف بعض السعوديين من أن تؤثر برامج الإصلاح في مستويات الدخل مع لجوء الحكومة لخفض دعم الطاقة والمرافق وتباطؤ وتيرة زيادة الرواتب في القطاع الحكومي الذي يوظف الكثير من السعوديين. وقال أحد السعوديين في تغريدة: خطة الرؤية المستقبلية.. أهم شيء بعيداً عن جيوب المواطنين، في حين غرد آخر قائلاً: الرؤية المستقبلية التي يعلن عنها اليوم تتضمن بقاء السعودية لسنوات في حال الاستغناء عن النفط ولكنها ستكون قاسية على المواطن. ويقول الكاتب الاقتصادي محمد الفوزان: الإشكالية في مثل هذه المشروعات الاستراتيجية الكبيرة أن فائدتها تتحقق على المدى الطويل بينما يتطلب المواطن حلولاً آنية لمشاكل مثل الإسكان والبطالة. السؤال الذي يدور بين المواطنين هو متى سيشعر المواطن بالفائدة. (رويترز)
مشاركة :