بفضل أقماره الاصطناعية ال 16، التي تحلق في مدار حول الأرض، سيدخل النظام الأوروبي العالمي الجديد لتحديد المواقع جاليليو، حيز الاستخدام في أكتوبر/ تشرين الأول القادم، ويمكن أن يتجاوز منافسه النظام الأمريكي لتحديد المواقع جي بي إس. لكن ما هو نظام جاليليو بالتحديد ؟ إنه نظام لتحديد الموقع الجغرافي عن طريق الأقمار الصناعية، يعادل ال GPS نظام تحديد المواقع العالمي، الذي تستخدمه هواتفنا الذكية، ويجري حاليا العمل على إنجاز هذا النظام بشكل كامل عن طريق 30 قمراً صناعياً، تدور حول الأرض، على ارتفاع 23222 كم. وفي الوقت الراهن، هناك 12 قمراً صناعياً موضوعة في مكانها، وستنضم إليها أربعة أقمار أخرى في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ما يعني أن نظام جاليليو سيدخل في الخدمة مع نهاية العام، وسيكون كامل التشغيل في العام 2020، عندما تكون جميع الأقمار الصناعية في مكانها، وكما يوحي اسمه، فإن هذا النظام سيحدد موقعك بواسطة الأقمار الصناعية، شريطة أن يكون لديك جهاز الاستقبال المناسب مثل الهاتف الذكي الذي لديه هذه الميزة، الذي أصبح أداة لا غنى عنها، وفي الحياة اليومية، يمكن أن نجد هذا النظام في السيارة، ونعرف متى ستصل الحافلة، ونحدد موقع الأصدقاء أو أقرب صيدلية، أو كيفية الوصول إلى أفضل منتجع للتزلج .... إلخ، ولا شك أنه يستخدم لأمور أخرى كثيرة، مثل متابعة هجرة الحيتان، بفضل مرشد لاسلكي يسجل تحركاتها لحماية المناطق التي تلد فيها الإناث، أو توجيه الطائرات بدون طيار والسيارات، بدون سائق بشكل تلقائي، فضلا عن ذلك يمكن للمزارعين أيضا تركيبه على جراراتهم من خلال بطاقات تحليل مفصلة للتربة، تساعدهم تدريجيا في ضبط مقادير الأسمدة وفقا للاحتياجات الحقيقية للأرض، وفي مجال الرياضة، يمكن لنظام تحديد المواقع الفضائية تسجيل تحركات اللاعبين على أرض الملعب، فبعد المباراة، يمكن للمدرب مشاهدة تحركات اللاعبين على الكمبيوتر، ومعرفة مقدار السرعة التي ركض بها اللاعب بهدف تحسين الأداء، والكشف عن مناطق الضعف لديه، فعلى سبيل المثال، كان فريق الرجبي الفرنسي مجهزاً خلال بطولة الأمم الست في فبراير 2015، بوحدات تعمل بنظام تحديد المواقع، التي كانت مثبتة بين الكتفين. وحتى وقت قريب كان نظام الجي بي إس الأمريكي، يقوم بهذا الغرض بشكل جيد جدا، منذ دخوله الخدمة في العام 1995، ولكن المشكلة هي أن نظام تحديد المواقع، هو نظام خدمة أمريكية، وتحت السيطرة العسكرية الأمريكية، وليس لدى أي دولة سلطة عليه، علما بأن جميع أجهزة تحديد المواقع، وكذلك أجهزة الملاحة الفضائية تستخدمه. باختصار، نحن جميعا نعتمد على الولايات المتحدة، ومن الناحية الفنية، للجيش الأمريكي القدرة على قطع الاتصال بنظام تحديد المواقع المحلي، عن طريق التشويش على إشارة الأقمار الصناعية، التي تمر فوق رؤوسنا، ومن أجل كسب المزيد من الاستقلالية، قرر الاتحاد الأوروبي، تمويل وبناء نظام جاليليو، بتكلفة تبلغ أكثر من 10 مليارات يورو، وعند هذا السعر، سيكون النظام الأوروبي لتحديد المواقع جاليليو، أفضل من نظام تحديد المواقع الأمريكي جي بي إس لأن دقته ستكون قريبة من واحد متر، بينما تصل دقة نظام جي بي إس، إلى ما بين 5 إلى 10 أمتار، وعندما ستكون ال 30 قمرا، جاهزة للعمل، ستصل دقة جاليليو إلى أقل من متر. ولكن لماذا يبدو هذا النظام أكثر دقة من نظام جي بي إس الأمريكي ؟ لأنه يستخدم تقنيات غير معروفة مقارنة مع نظام جي بي إس، أولاها الساعات الذرية الجديدة المتطورة، التي تعتبر فائقة الدقة، وهذا أمر ضروري، لأن الفارق يبلغ واحداً من المليار من الثانية، عند انطلاق الإشارة، يؤدي إلى خطأ قدره 30 سم، في حساب المسافة بين القمر الصناعي الجهاز المستقبل للإشارة، كما أن أقمار جاليليو الصناعية تبث إشاراتها الراديوية عبر ترددين قناتين، بدلا من تردد واحد، بالنسبة لنظام جي بي إس، والواقع، أن الجزء الأعلى من الغلاف الجوي الغلاف الأيوني، هو مكان للتداخلات الكهرومغناطيسية التي تبطئ، أو على العكس، تسرع حركة الإشارات الراديوية، الأمر الذي يشوه قياسات المسافة بين القمر الصناعي والجهاز المتلقي، ولذا فالأفضل استخدام ترددين، لأن الاضطرابات تؤثر فيها بشكل مختلف، ونتيجة لذلك لن يستقبل الجهاز المتلقي، الذي يعمل بنظام جاليليو الإشارتين في الوقت نفسه بالضبط، وهذا الفارق في تلقي الإشارة، سيمكنه من تقدير تأثير الاضطراب، وأخذه في الاعتبار خلال حساباته. هذه الخدعة ستسمح لجاليليو، تحقيق دقة تبلغ متر واحد، للخدمة المجانية المتاحة على الهواتف الذكية، وفي العام 2020، ستقدم الخدمة المدفوعة دقة أفضل، تصل إلى أقل من متر واحد، في هذه الحالة، فإن التصحيح اللازم لتعويض تأثير التداخل الكهرومغناطيسي، سيتم حسابه بشكل مستمر من قبل مراكز التحكم بجاليليو في ألمانيا وإيطاليا، التي ستنقل المعلومة إلى الأقمار الصناعية، التي ستدمج الإشارة الصحيحة، وتعيد بثها إلى المستخدمين. العديد من الخدمات نظام جاليليو ليس محسناً للنظام جي بي إس، فزيادة الدقة ليست الفائدة الوحيدة من جاليليو، فهو سيعمل على تقديم العديد من الخدمات، التي تزيد من خدمات نظيره الأمريكي، فمثلاً سيمكنه تقديم مساعدة أسرع في مجال الإغاثة، فالآن، هناك فقط حفنة من الأقمار الصناعية القادرة على استقبال إشارات الاستغاثة من السفن والطائرات التي تواجه مشكلات، وينبغي على هؤلاء انتظار لحظة مرور الأقمار الصناعية المخصصة فوق منطقتهم، واستقبال رسالتهم وتحويلها إلى أقرب مركز للطوارئ، وهذا الأمر قد يستغرق ساعة، وهي فترة ربما تعني دهراً، عندما تكون هناك أرواح في خطر، وبما أن جميع الأقمار الصناعية لنظام جاليليو، يمكن أن تتلقى إشارات الاستغاثة، فإن إدارتها ستكون فورية. ميزة مدفوعة ميزة جديدة أخرى ولكن مدفوعة، وهي أنه يمكننا أن نكون على يقين من أن الإشارة التي نتلقاها تأتي من الأقمار الصناعية لنظام جاليليو، بفضل رمز خاص، ففي الواقع، هناك وحدات إلكترونية قادرة على بث إشارات خاطئة، لنظام تحديد المواقع جي بي إس، وهدفها خداع أجهزة الاستقبال المتواجدة في مكان قريب، فإشارتها القوية تغطي على إشارة GPS الحقيقية، وبالتالي، فإن مالك هذه الوحدة الإلكترونية، يمكنه أن يجعل الآخرين يعتقدون أنه في مكان آخر، بهدف استدراجهم، فعلى سبيل المثال، ينبغي على الصيادين الأوروبيين صيد السمك في مناطق محددة لإتاحة الفرصة لتجديد مخزون الثروة السمكية، ولإثبات امتثالهم بهذا الأمر، يوجد جهاز استقبال GPS على متن قاربهم، يرسل كل نصف ساعة موقعه إلى مركز التحكم، لكن بعض المخادعين من الصيادين يلجأون إلى التلاعب من خلال أجهزة خادعة، للتفلت من هذه القيود، أما بالنسبة لنظام جاليليو، فسيقدم حلاً لهذه المشكلة لمحاربة هذه الفئة من الصيادين.
مشاركة :