شهدت فعاليات باريس لافتتاح دورة الألعاب الأولمبية انتقادات لاذعة أشهرها انتقاد رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، مؤكداً أن «الاستهزاء بالعشاء الأخير الليلة الماضية كان أمراً صادمًا ومهينًا للمسيحيين في جميع أنحاء العالم الذين شاهدوا حفل افتتاح الأولمبياد في باريس». وأثارت محاكاة الفنانين المتحولين جنسياً للوحة دافنشي «العشاء الأخير» في افتتاح أولمبياد باريس 2024، سخطاً واسعاً لدى الكنيسة الكاثوليكية ومطالبات بمقاطعة الأولمبياد باعتبارها إهانة فظيعة للمعتقدات الدينية، فهل ما تم بثه على القنوات الناقلة للعرض مرتبط بالألعاب الأولمبية، وما هي الرسالة التي من المفترض أن يفهمها الناس أو ما هي المعلومة التي تفسر مثل هذا العرض؟ في الواقع يبدو أن هنالك قدراً كبيراً من الانتقادات والامتعاض من تنظيم اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، وما صاحب هذه الأولمبياد من أخطاء فادحة، عندما ظهر علم الحدث العالمي الشهير مقلوباً، والخطأ الذي طال كوريا الجنوبية، حيث أعربت عن انزعاجها بسبب تقديم وفدها الرياضي في حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس، بوفد كوريا الشمالية، ومطالبة القائمين على الحدث بتقديم ضمانات لعدم تكرار هذا الخطأ، وعند مرور القارب الذي يحمل الرياضيين الكوريين الجنوبيين في نهر السين، قدمهم المذيع على أنهم وفد «جمهورية كوريا الشمالية». واستخدم المذيع نفس المقدمة عندما مر قارب الوفد الكوري الشمالي. فمهما يكن من أمر، ليس التحليل الوصفي الذي طرحناه هو انعكاساً بسيطاً للحقيقة، وليس إدراكاً عادياً لوعي التطور الثقافي ولكنه شرح مختصر لماهية الأشياء التي تكرس لمزيد من التساؤلات حول اللائحة التي تستدعي بعض الملاحظات على أساس السياسة وأنواع النشاط البشري، والعلاقة المتضادة بين الصحيح والخطأ والمقدس والمدنس التي ينتج منها فلسفة الأخلاق الحديثة. يبدو أن الأهم هو الإحاطة بمظهر آخر من المسألة، ليكون السؤال كيف يمكن أن تعمل السلطة السياسية على سلامة المجتمع وثقافته وتاريخه لأنها المؤتمن الوحيد الشرعي عليه؟ وهي تعزّز التشوهات الفكرية والثقافية في هذه الفعالية العالمية، التي يتوجب فيها إقامة التلاحم واتساق القرارات وصنع السلام في احتفالية رياضية عالمية والتقدير الذكي والوصول إلى غايته، عوضاً عن تلك الحشود الأمنية والعسكرية الضخمة التي أصابت المشهد العام بالذعر. لقد صاحب هذه الأولمبياد حذر شديد وحشد كبير من قوات الأمن والجيش لتأمين الافتتاح وإيقاف الحركة الجوية في مطارات باريس شارل ديغول وأورلي، وكذلك في مطار بوفيه، التزاماً بمنع هجوم محتمل بطائرات من دون طيار، مع إغلاق المجال الجوي لمسافة تصل إلى 150 كيلومتراً حول باريس، وذلك من أجل ضمان أمن حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية على نهر السين. وكل ذلك تحسباً لعمليات «تخريب» في أنحاء عدة من فرنسا كما أن الاختبارات، التي أُجريت على مياه نهر السين، أظهرت تلوث وتدني جودة المياه، كما شهدت الملاعب حراسة مشددة للفريق الإسرائيلي. من هنا، نتساءل هل النقد هو سيد حقاً في جميع المواقف؟ أم أن العلاقة بين النقد والسياسة علاقة مبهمة غامضة، على الرغم من أن النقد يشكل سلطة منافسة لتصحيح الأخطاء وعدم تكرارها.
مشاركة :