تمر في هذه الأيام ذكرى يوم أسود في تاريخ الأمة العربية، ألا وهو ما حصل في يوم الثاني من أغسطس عام 1990 حين قام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بغزو الكويت. كان غزواً ظالماً ومؤلماً بحقِّ دولة الكويت وشعبها المسالم الذي لم يرتكب ذنباً سوى أنه وقف مع العراق، الجار الشقيق، وسانده في ظروف كان يحتاج فيها إلى المساندة. وفي هذه الأيام نستعيد تلك الذكرى الأليمة التي يصعب محوها من ذاكرة الكويت والكويتيين، وهي مناسبة لابد من استذكارها في كل عام، ويجب أن يتم إلقاء الضوء عليها، أي على ظروف وملابسات ذلك الغزو ووقائعه، وكل ما يتصل به مما يجب أن يعيه الجيل الحالي، والأجيال الأخرى التي لم تعاصر تلك الفترة العصيبة من تاريخ المنطقة والعالم ككل. كان اجتياح الكويت حديثَ العالم بأسره، إذ شكّل مفاجأة صادمةً للجميع، ليس فقط بالنظر إلى ما كان يقدمه الكويت من دعم للشقيق العراقي، ولكن كذلك، نظراً لحساسية الموقع في هذه المنطقة المهمة مِن العالم. إن دروساً عديدةً يجب أخذها من ذلك الغزو الذي شكّل بالنسبة لنا تجربة مؤلمة، لكنه منحنا أرضيةً قويةً للانطلاق نحو ترسيخ المواطَنة الكويتية، ولترسيخ اللحمة الوطنية وروح التضامن بين أفراد الشعب الكويتي، وبينهم وبين قيادتهم. لقد أصبح الشعب الكويتي أقرب إلى بعضه بعضاً، وأكثر إيماناً بضرورة تماسك أياديه جميعاً كي تصبح يداً واحدة في مواجهة أي ظروف غير عادية. وفي الوقت الحالي تمر المنطقة والعالم بظروف غير عادية، وبالكثير من المعطيات والأحداث التي تتسارع بين الحين والآخر.. وكلها تحديات نذكرها، ونستحضرها على سبيل المثال، إذ من شأن التمعن في مخاطرها أن يجعلنا حريصين أكثر من أي وقت مضى على الانضواء تحت لواء الوحدة الوطنية والتمسك بها حمايةً للوطن. إن ذكريات أحداث الغزو، الذي حصل قبل أربعة وثلاثين عاماً من الآن، يجب أن تكون دافعاً نحو المزيد من تحصين الكويت وتأمين سلامتها، وذلك انطلاقاً من استخلاص الدروس والعبر من تجربة الغزو وآلامها. يجب أن تكون تلك التجربة نقطة بداية للكويت التي قاومت الغزو بكل إصرار وبسالة، ووقف الكويتيون جميعاً مع بعضهم بعضاً في صف واحد، وتحت لواء قيادتهم الرشيدة. لقد فاجأنا العالمَ كلَّه بوقفتنا الصلبة ضد الغزو الغاشم، وبذلك الموقف سطّرنا للبشرية دروساً في الوطنية قلّ مثيلها.. وذلك على الرغم من هول الصدمة وألم المفاجأة، وصعوبة التعايش مع الوضع الجديد الذي برز بين ليلة وضحاها. إنها بحق كانت تجربة قاسية بالنسبة للشعب الكويتي، لذا فهي تستوجب الوقوفَ عندها في كل عام كي تكون منطلقاً لصناعة المستقبل، ولإلهام الأجيال الجديدة وتزويدها بمزيد من دروس الوطنية والإيثار والإصرار. *كاتب كويتي
مشاركة :