يبدو لي المشهد الإعلامي العربي كحراج للمزايدات على بضاعة الرأي، وأكبر سوق حراج عندنا في السعودية هو «تويتر»، وأفضل محَرِّج يستقطب الباعة والمشترين ويُمتع المارة هو من يرفع صوته أكثر، وربما يستهبل ليلفت النظر بعبارات هائجة ويقذع بشتم الآخرين وبضائعهم.. يقال -منذ القدم- إن السبب الرئيس للصراعات الفكرية ليست خلافات الرأي قدر ما هي سلاطة لسان صاحب الرأي. هذا ما يدركه الناجح من محَرِّجي الرأي محولاً حراجه إلى بضاعة احتكارية، يهاجم المنافسين بأكثر التهم رواجاً في السوق.. يهاجم فلاناً بسبب مساندته للبضاعة الأجنبية (التغريب)، ويهاجم فلاناً بسبب البضاعة المنتهية الصلاحية (التشدد).. بحسب التوجه الذوقي لجمهور الحراج. والمفارقة عند هؤلاء المحَرِّجين «الذويقة» أنهم يبدؤون كلامهم بالتأكيد على الوحدة الوطنية والبعد عن الفئوية والطائفية.. ويؤكدون أنهم ليسوا متعصبين ولا طائفيين، إنما التعصب من الطرف الآخر.. ثم يدخلون في مجادلة معه تأجج حالة الاحتقان الطائفي..
مشاركة :