دور مهم للمجامع الفقهية للرد على الفتاوى المتشددة

  • 1/13/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

وفاء باداود (جدة)، سلمان السلمي، عبدالله الذبياني (مكة المكرمة)، ماجد النفيعي (الطائف) أحمد الحذيفي، سعاد الشمراني (الرياض) أرجع عدد من العلماء والدعاة أسباب تفشي ظاهرة التشدد والجرأة على الفتوى إلى ضعف المجامع الفقهية وهيئات كبار العلماء على المستوى العالمي، موضحين أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية، الذي قال الله تعالى فيه (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، حيث أوضح كل من الدكتور صالح بن سعد اللحيدان (أستاذ كرسي القضاء الجنائي والمستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للجمعية العالمية للصحة النفسية)، والدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المصلح (الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة)، والدكتور محمد يحيى النجيمي (عضو المجمع الفقهي الإسلامي وأستاذ المعهد العالي للقضاء)، والدكتور أحمد الكبيسي (عالم إسلامي)، والدكتورة سميرة بناني (دكتوراه في العقيدة الإسلامية)، أن الفتاوى في الأصل يجب أن تؤصل لأنها مرتبة عليا، ومعنى الفتوى إعطاء الحكم الشرعي الذي أحاط به خبرا فعرف قواعد وضوابط الفتوى، مثل الناسخ والمنسوخ والمقيد العام والخاص، وتنزيل النحو في منزلته إعرابيا ومعرفة سياق الآثار وسياق النصوص وما يلزم حولها من ضوابط لا بد من معرفتها، لجانب ضرورة صفاء الذهن وحسن التصور للمسائل، والتفريق بين الحديث المرفوع والموقوف والمرفوع الموقوف، وبين اللحيدان أنه عرض في المجلس العلمي الخاص من فتاوى تكون منشورة في وسائل الإعلام والفضائيات وفي وسائل التقنية، حيث وجد ما يقارب 40% منها ليست فتاوى، إنما هي آراء وأطروحات تفتقر إلى النص الصحيح والعقل السالم من المعارض، لافتا إلى أن الصحابة كانوا يتورعون من الفتوى، لأن أمرها عظيم. واعتبر اللحيدان انتشار ظاهرة الفتوى بالظاهرة المقلقة، لأن الصغير والكبير يفتي والداعي وخطيب الجمعة والمعلم، وضبطها يتوجب من سبعة أمور، الأمر الأول ذاتي مستقل وهو أن الداعي والعالم والقاضي والباحث وخطيب الجمعة يجب أن يتقوا الله، لكون المسألة ذات عمق ودراية ورواية، الأمر الثاني يجب أن يتورع العبد لأنه قد يوقع غيره في الخطأ والخلل وهو يتصدى لأمر إنما هو من طبائع النبوة والرسالة ولا يجب في هذا أن يتصدى للفتوى كل أحد، ثالثا يجب أن يفرق بين الأحاديث الصحيحة والضعيفة وبين الحسن لغيره وبين الحسن لذاته، رابعا يجب أن يعرف ضوابط الأصول وتصور المسائل الدقيقة التي لا بد من الإحاطة بها، خامسا لا بد أن يراجع ويتأنى ويبحث خاصة في فقه المستجدات وفقه النوازل، سادسا لا بد أن يستشير ويراجع لأن العلم وصفاء الذهن قل الآن والموهبة غير متوفرة، سابعا يجب أن لا يفتي إلا العالم المعروف بهذا الأمر بصرف النظر عن العمر وبصرف النظر عن سعة الشهرة لهذا العالم. أما فيما يتعلق بالجهات الرسمية فالأمل فيها كبير، في من يتصدر للفتاوى بأن لا يفتي إلا المعروف في المسألة، لأن الناس انصرفوا إلى مواقع الانترنت، فيأخذون الفتاوى إما من مجهولين وأحيانا تنسب فتاوى مكذوبة إلى العلماء، والدور مهم على وزارة الداخلية وهيئة كبار العلماء والشؤون الإسلامية في مواجهة الأمر، وعلى الجامعات دراسة العلوم الشرعية والقضائية، بأن يجعلوا لها سياسة منضبطة ويعمموها على وسائل الإعلام من أجل تأثيم من يتجرأ على الفتوى. ويوضح الدكتور عبدالله المصلح، أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية الذي قال الله تعالى فيه (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، وأن شعار هذا الدين هو الرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، ويقول تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، مشيرا إلى أن هذه النصوص وغيرها في كتاب الله وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم تدل على الاعتدال والوسطية، ولا بد للمسلمين من التمسك والعمل بها لأن الدين الاسلامي دين الوسطية، دين الرحمة، دين الاعتدال. ورأى الدكتور محمد النجيمي، أسباب تفشي ظاهرة التشدد والجرأة على الفتوى إلى ضعف المجامع الفقهية وهيئات كبار العلماء على المستوى العالمي، وقال: «تدني الدعم المادي للمجامع الفقهية أدى إلى تقليل عدد اجتماعاتها على مدار العام، مما تسبب في إضعاف دورها في التصدي لظواهر التشدد والنزاعات المذهبية والطائفية»، وأضاف: «اشتغال عدد من المجمعات والهيئات الفقهية بالسياسة أدى أيضا إلى ظهور الفتاوى العاجلة وغير المدروسة مما أدى إلى إضعاف ثقة الناس بها»، وأوضح أن التشدد هو الغلو الذي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه «ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه»، وحذر من الجرائم التي تقترفها ما يسمى بدولة الإسلام في العراق والشام «داعش» واصفا أتباعها بـ«الخوارج»، وعزا تصاعد ظاهرة الغلو في الدين إلى استفحال الأزمات السورية والمصرية والعراقية، مما دعا البعض إلى توظيف الدين في النزاعات الطائفية، ولفت إلى أن الساحة تشهد اختلاق سيل هائل من الفتاوى لا تستطيع هيئة كبار العلماء والمجمعات العلمية والفقهية ملاحقتها، وذكر أن الحلول تكمن في عودة المجمعات الفقهية الإسلامية إلى سابق دورها تعقد اجتماعات دورية متقاربة وتتصدى للرد على كل الفتاوى المتشددة. ومن جهته، أوضح المشرف على مشروع «السلام عليك أيها النبي» الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني، أن الخلافات المذهبية والطائفية تهدد مستقبل الأمة الإسلامية، مطالبا بتفعيل مبادرات الحوار والرجوع إلى العلماء في هذه البلاد المباركة لمواجهة ظواهر التشدد والنزاعات المذهبية والطائفية، لافتا إلى أن شرع الله هو الأقدر على فض النزاعات بين المسلمين دونما غلو أو تطرف، مشيرا إلى أن أبناء الإسلام بحاجة اليوم إلى دراسة الفقه والأصول والعقيدة بعمق لمحاربة الدعوات الضالة، ورأى أن ظاهرة التشدد يمكن مواجهتها من خلال التخطيط والشفافية والوضوح للتغلب عليها والتقليل من مخاطرها، وقال: على الجميع أن يدرك أن النزاعات المذهبية والطائفية تسيئ إلى الأمة الإسلامية وتوهن عزيمتها في مواجهة أعدائها، لا سيما في هذه الظروف التي توالت فيها الهجمات الشرسة على الإسلام والمسلمين. مضيفا : الغلو آفة قديمة ابتليت بها الأمم قبلنا، وللغلو مرادفات كثيرة منها التشدد والتطرف والعنف، والأدلة على التحذير منها والنهي عنها موجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلينا الرجوع إليها، وأكد أن الاعتدال والوسطية يمثلان الطريق الصحيح للخروج من مأزق هذه الظواهر، ودعا إلى تجديد خطاب الإلقاء والتلقي عن طريق حوار يتسم باحترام الطرف الآخر والتحدث إليه بلغة تصل إلى عقله وقلبه، والسعي لاحتضان شباب الأمة. مطالبا الشباب في الوقت نفسه بالرجوع إلى العلماء الثقات في أمور الدين. بدوره، طالب أستاذ العقيدة في جامعة أم القرى وإمام جامع الشيخ عبدالرحمن فقيه في مكة المكرمة الدكتور أحمد المورعي، المؤسسات التربوية ومؤسسات المجتمع المدني بالقيام بدروها في التوعية من مخاطر التطرف، وتشجيع المنهج الوسطي الذي يدعو له الدين الإسلامي الحنيف، والابتعاد عن كل ما يؤثر على فكر الشباب، والرجوع في كل ماله علاقة بالفتوى إلى رجال الدين من العلماء، وقال:نحن أمة الاعتدال والوسطية في الأمور العامة فكيف بأمور الدعوة، مستشهدا بقوله تعالى «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا». من ناحيته، أبان مستشار وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ طلال العقيل، أن هذه البلاد تأسست على منهج التوحيد والسنة النبوية وجعلتمها دستورا لها، حيث وفق الله مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز فجعل خدمة الإسلام همه الأول، وأكرم العلماء ورفع منزلتهم واحترم إرشاداتهم وتوجيهاتهم وقراراتهم، وحدد نخبة من كبار العلماء كمرجع رئيسي للبحث الشرعي والدراسة والفتوى، ويجب أن لا نفرط في هذه المزية، ونجل هيئة كبار العلماء والتي أصبحت المرجع الديني للمملكة وكثير من دول العالم الإسلامي. من جانبه، أفاد رئيس مجلس إدارة مركز حي المعايدة بمكة المكرمة الشيخ عابد الحسني، أن ظاهرة التشدد والجرأة على الفتوى تعد ظاهرة خطيرة تتطلب تحصين الشباب من شرورها من خلال حثهم على الإقتداء بالعلماء، فيما أكد مدير مكتب التربية والتعليم بشمال مكة المكرمة الدكتور عبدالله الحارثي، أن التربية تلعب دورا كبيرا في تشكيل توجهات الشباب، والأسرة تمثل المحضن الأول الذي يقي الشباب من نزعات التطرف والأفكار المنحرفة.

مشاركة :