يجمع الثالث والعشرين من نيسان (أبريل) من كل عام، الذي يوافق اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، بين الاحتفاء بالكتاب كوعاء معرفي يساعد البشر في تجاوز أزماتهم ويفتح نافذة واسعة على الآخر، وبين تذكر الصعوبات التي تواجه الكتاب والكتب في السعودية وسواها. ويؤكد عدد من الكتاب في حديث لـ«الحياة» أهمية القراءة، كما يتطرقون إلى كتب أثرت في حياتهم، ويتبنون رسائل لا تخلو من مضمون خلّاق. أميرة كشغري: رافعة الفكر الإنساني من الجميل أن يكون تاريخ اليوم العالمي للكتاب هو ذكرى يوم وفاة أعلام الكتاب الذين مازالوا يضيئون فكرنا ويثرون البشرية بالآداب والعلوم. تزامن يوم الكتاب العالمي مع ذكرى وفاة عملاق الأدب الإنكليزي شيكسبير ورائد الرواية وسيرفانتس ونابكوف مبدع رواية «لوليتا»، دليل على أن الكتاب كان وسيظل محرك التطوير ورافعة الفكر الإنساني التي تتجاوز الأزمنة والأمكنة والثقافات. رسالتي للكاتب هي أن يسعى إلى أن يحدث أثراً ويترك بصمة، على الصعيد الفكري أو العلمي أو الأدبي أو السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، كيما يضع لبنة في تطور الإنسانية ورقيها فيستحق الخلود. الكتاب الذي أحدث تأثيراً لدي هي مجموعة كتب نصر حامد أبوزيد، وأهمها: النص السلطة الحقيقية، نقد الخطاب الديني، هكذا تكلم ابن عربي، فلسفة التأويل والاتجاه العقلي في التفسير. خالد المرضي: الحاضر الغائب أعتقد أن وضع الكتاب لا ينفصل عن الثقافة العامة، ثقافة المجتمع ، ثقافة القراءة، ثقافة الطباعة والنشر. وأعتقد كذلك أن الكتاب هو الحاضر الغائب، حاضر كخطابتنا الوعظية، وتعليمنا النمطي، وغائب عن وجوده كفعالية، وكنشاط يومي ووجبة يشعر فاقدها بالجوع من دون ترتيب مسبق. وللمؤلف أقول لن تستفيد رفوف الكتب من مجموعة أوراق جديدة تم تنضيدها بشكل أنيق لتشغل حيزاً من الفراغ، انشر ما قد نُشر ولكن من زاوية أخرى. عمار باطويل: هزيمة لقوى الشر والإرهاب أنا مازلت متفائلاً بوضع الكتاب في الوطن العربي، على رغم مرور التأليف بصعوبة عندما يكون الكتاب لا يناسب فئة معينة، فنسمع عن التهديد والتخوين وأحياناً السجن لذلك المؤلف. وعندما يكون الكتاب غير مراقب سأعرف أننا تجاوزنا المرحلة الحرجة، وسيكون وضع الكتاب وضعاً مختلفاً، وطبعاً ستكون هناك نهضة فكرية وعقلية في المجتمعات العربية. وبالكتاب ستُهزم قوى الشر والإرهاب، لأن المؤشرات تؤكد أن المجتمعات التي لا تهتم بالكتاب تكون أكثر عنفاً وتطرفاً. وعلى المؤلف أن يكون ذاته ولا يقلد أي كاتب آخر، لأن الكاتب الناجح من يملك مشروعه الخاص في الكتابة والتأليف، وإذا تسلّق المؤلف مشروع الآخرين وقلدهم فلن تكون له مكانة كبيرة في عالم الكتاب والتأليف. القارئ يتأثر بكل المؤلفات الأدبية الجيدة والتي تكتب من أجل الإنسان. وأعتقد أن الرواية بشكل خاص أثرت في بعض المجتمعات العربية التي كانت تهتم بكتب الأنساب والقبيلة وتمجيد الذات. والرواية بالنسبة إليّ اكتشفتها منذ فترة طويلة بعدما كنت مهتماً بالجانب السياسي قراءة وكتابة، فوجدت الرواية الصوت الوحيد الذي أثر في حياتي وتفكيري، وجعلني أكتشف المجتمعات العربية والغربية من خلال الرواية. فمعظم الروايات التي مررت بها كان لها تأثير في سلوكي ووجداني، فليس هناك عمل معين بل أعمال كثيرة عربية وعالمية قادتني إلى عوالم أخرى لم أعرفها من قبل، وهنا يأتي التأثير. أحمد النجار: وضع محزن للغاية وضع الكتاب بشكل عام هو وضع مُحزن للغاية، فعلى رغم توافر الكتاب الورقي والإلكتروني، إلا أن مشكلة العزوف عن القراءة عند كثيرين وضعت الكتاب على رف النسيان فعلاه غبار الجهل، ولكي نُعيد للكتاب قيمته ونُرجع له مكانته لا بُد أن ننشر حب القراءة بين الناس على طبقاتهم وأعمارهم وفئاتهم من دون استثناء، ولن يكون ذلك إلا بإيجاد دافعية لديهم للقراءة والاطلاع عبر برامج نفسية واجتماعية مُختلفة. ما من كتاب قرأته إلا وأحدث لديَّ تغييراً، ولا فرق في ذلك بين كتاب ضعيف وقوي ومؤلف متمكن أو غير متمكن، فالقراءة بحد ذاتها هي التي تُحدِثُ فيَّ تغييراً. الشاعر عبدالعزيز الشريف: معاناة حد الوجع بداية كل عام والكتاب ومؤلفه بصحة وتوهج وجمال في يومه العالمي. أما من ناحية وضع الكتاب فسأتحدث عنه عربياً لأنه يعاني حد الوجع، وخصوصاً الكتاب الجاد الذي يحتضر، إذ طغى عليه الكتاب التجاري المسطح الذي لا قيمة له ولا أثر، وهذا مؤلم ومحزن في وقت نرى فيه رواج الكتاب الرديء، الذي يبحث الناشر من خلاله عن الربحية السريعة بغض النظر عن قيمته المعرفيه، وهذا بلا شك ينعكس على إنتاجية المؤلف الملتزم. هكذا نرى هذا وغيره من خلال معارض الكتاب التي تحولت إلى سباق في الربح، بعيداً من الجودة في صناعة الكتاب العربي ومع هذه الضبابية التي تصدم المبدع الأصيل في عالمنا العربي. هناك كتب كثيرة في الشعر والقصة والرواية والفكر على مستوى العالم تستحق الوقوف عندها، فمن الظلم أن ننحاز إلى جنس أدبي على حساب جنس آخر، المهم الجودة المعرفية في صناعة الكتاب. كل عام والكتاب والمؤلف الجيدان لا يغيبان من حياتنا.
مشاركة :