تقرير إخباري : تصاعد المواجهات يضع جهود التسوية السياسية بالسودان علي المحك

  • 8/17/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بالتزامن مع المفاوضات التي تستضيفها العاصمة السويسرية جنيف، تتصاعد وتيرة الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما يضع جهود التسوية السياسية علي المحك. وفي أكثر من محور، استمرت المواجهات المسلحة، لتحصد المزيد من الأرواح وتزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية، مما يضيف تعقيدات علي مساعي التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي النزاع المسلح المستمر منذ 15 شهرا. -- جبهات عدة للقتال في العاصمة السودانية الخرطوم، أصبح القصف المدفعي المتبادل بين الجيش وقوات الدعم السريع السمة الغالبة للتطورات العسكرية على الميدان. ويتركز القصف بمنطقة وسط الخرطوم التي تضم مقرات للجيش السوداني مثل القيادة العامة وقيادة أركان الجيش، ومؤسسات حيوية أبرزها مطار الخرطوم الدولي، كما تشهد مناطق جنوب الخرطوم مواجهات عسكرية بين طرفي النزاع. وقال الجيش السوداني اليوم (السبت) في بيان صحفي إن وحدات من سلاح المدرعات التابعة له بمنطقة الشجرة العسكرية بجنوب الخرطوم تمكنت أمس من استعادة السيطرة علي منطقة (الدوحة) التي كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ نوفمبر الماضي. كما تشهد مناطق من محلية كرري بشمالي مدينة أم درمان قصفا مدفعيا عنيفا تشنه قوات الدعم السريع بصورة شبه يومية، وهو ما أدي إلى وقوع خسائر بشرية ومادية بالمنطقة التي تخضع لسيطرة الجيش السوداني. ولم يتغير الوضع بعد في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بغربي السودان، والتي تتعرض لحصار خانق من قبل قوات الدعم السريع منذ 10 مايو الماضي. وتتعرض المدينة الاستراتيجية لقصف شبه يومي من قبل مدفعية الدعم السريع، مما أسفر عن مقتل المئات من سكان المدينة، فيما تحاول قوات الدعم السريع التوغل إلى داخل المدينة للسيطرة عليها، بينما يستميت الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه في الدفاع عن الفاشر. وفي وسط السودان، ما تزال قوات الدعم السريع تحاول إكمال سيطرتها علي ولاية سنار، ومن ثم الانطلاق إلى محور جديد تمثله ولايتي القضارف (شرق) والنيل الأزرق (جنوب شرق). كما تحاول قوات الدعم السريع السيطرة علي مدينة (النهود) الاستراتيجية بإقليم كردفان بغربي السودان. -- التطورات الميدانية تهدد جهود التسوية ويشكل تصاعد المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، ورفض حكومة السودان للمشاركة في مفاوضات جنيف، مهددا حقيقيا للجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار في السودان. ورغم انتعاش الآمال عقب الإعلان الأمريكي السعودي عن بدء مفاوضات جنيف في الرابع عشر من أغسطس الجاري، إلا أن غياب الحكومة السودانية عن تلك المفاوضات شكل ما يشبه الانتكاسة. وقال المحلل السياسي السوداني عبد الرازق زيادة " بعد توقف منبر جدة لأكثر من ثمانية أشهر، فإن الإعلان عن مفاوضات جنيف شكل بارقة أمل في إمكانية إنهاء الحرب بالسودان". وأضاف في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم " لكن الآمال تراجعت بعد رفض حكومة السودان المشاركة في محادثات جنيف، وحتي الأن لا يمكن التنبؤ بنتائج تلك المحادثات التي تغيب عنها الحكومة والجيش السوداني". وكانت الولايات المتحدة قد قامت في يونيو الماضي بدعوة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لعقد جولة جديدة من المفاوضات في سويسرا، وذلك بهدف توسيع نطاق إيصال المساعدات الإنسانية وإيجاد آلية لمراقبة وتدقيق ضمان تنفيذ أي اتفاق. ولكن الحكومة السودانية تحفظت بشأن نقل المفاوضات إلى سويسرا، وقدمت تساؤلات بشأن أجندة المفاوضات والدول المستضيفة والجهات المراقبة. ورغم المشاورات التي انعقدت بين الجانبين السوداني والأمريكي بمدينة جدة السعودية يومي 9 و 10 أغسطس الجاري، إلا أنها لم تسفر عن التوصل إلى اتفاق، وهو ما أعلنه رئيس وفد حكومة السودان محمد بشير أبونمو لجولة المشاورات الذي أوصى الحكومة بعدم المشاركة. كما أجري وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اتصالين هاتفيين مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، لكن الموقف الرسمي السوداني لم يتغير بعد. ولا يستبعد المحلل السياسي السوداني عبد الرازق زيادة أن تتراجع حكومة السودان عن موقفها، وأن ترسل وفدا إلى جنيف في نهاية المطاف. وقال " هناك جهود دولية تبذل الأن لإثناء الحكومة السودانية عن موقفها الرافض للمشاركة في جنيف، كما أن الجانب الأمريكي يواصل اتصالاته بالحكومة السودانية والجيش السوداني". وتابع " لا استبعد أن تغير الحكومة السودانية موقفها، هناك ضغوط كثيفة تمارس من قبل المجتمع الدولي، وهناك قناعة بأن مفاوضات جنيف قد تكون الفرصة الأخيرة لإيقاف الحرب وإنهاء معاناة السودانيين". -- لمحة عامة عن مفاوضات جنيف وأبرز المشاركين تشارك في مفاوضات جنيف التي انطلقت في 14 أغسطس الجاري ، قوات الدعم السريع من خلال وفد برئاسة القيادي عز الدين الصافي ومستشارين لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان (حميدتي). وتشرف الخارجية الأمريكية علي المحادثات باعتبارها صاحبة الدعوة للمفاوضات، وتعتبر السعودية الدولة المضيفة باعتبار أن مفاوضات جنيف مبنية علي منبر جدة التفاوضي التي تستضيفها السعودية، إلى جانب سويسرا صاحبة الأرض التي تستضيف المحادثات ، فيما يشارك كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات كمراقبين. ومع دخول مفاوضات جنيف يومها الرابع، ما تزال الإدارة الأمريكية تتحرك عبر (وسطاء) لإقناع وفد الحكومة السودانية بالمشاركة. وفي وقت سابق، قال المبعوث الأمريكي الخاص للسودان " إن ميسري مفاوضات جنيف يبذلون جهودا حثيثة لتطبيق إعلان جدة ووقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية في أقرب وقت". وأضاف "لدينا فرق عمل يمكن أن تساعد في إيصال المساعدات بالسودان في أقرب وقت". -- شواغل الحكومة السودانية ومآلات الغياب يري المحلل السياسي السوداني إيهاب عبد الله أن هناك جملة شواغل منطقية أبدتها الحكومة السودانية، وكان عدم تلقي إجابات منطقية بشأنها سببا في الغياب الحكومي. وقال عبد الله لـ ((شينخوا)) " حتي الأن لم تستطيع الإدارة الأمريكية تقديم ضمانات للحكومة السودانية بشأن تنفيذ التعهدات التي تم الاتفاق عليها بين الجيش والدعم السريع في منبر جدة في 11 مايو 2023". وأضاف " هذا هو المحور الأساسي من جملة شواغل الحكومة السودانية، هناك اعتقاد سوداني بأن مفاوضات جنيف يمكن أن تكون وسيلة للتنصل من الاتفاق السابق والبدء بمفاوضات جديدة هدفها منح شرعية لقوات الدعم السريع". ولكن المستشار بقوات الدعم السريع، الباشا طبيق، وصف رفض حكومة السودان لمحادثات جنيف بأنه "مماطلة". ورأي أن الأسباب التي قدمتها الحكومة السودانية لتبرير المقاطعة بأنها غير منطقية. وقال في تدوينة علي حسابه على منصة “إكس” اليوم " إن عدم وضوح رؤية الجيش وحكومته حول المشاركة في مفاوضات جنيف أو عدم المشاركة يؤكد تعدد مراكز القرار وتباين الرؤى وهي عملية تسويف لأي عملية تؤدي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لتخفيف الظروف الإنسانية الحرجة التي يعيشها الشعب السوداني”. ويتبادل طرفا القتال في السودان الاتهامات بعدم تنفيذ إتفاق جدة الموقع العام الماضي، والذي ينص على "حماية المدنيين، وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية". واعتبر المحلل السياسي السوداني عبد الجليل إسماعيل أن غياب وفد الحكومة عن مفاوضات جنيف يضيف تعقيدا جديدا علي الوضع السوداني. وقال لـ ((شينخوا)) " إذا استمر الغياب الكامل الرسمي فإن من شأن ذلك تعقيد المشهد، ولا يمكن التنبؤ بنتيجة هذه الجولة من المحادثات". وأضاف " ربما تكون هناك سيناريوهات عدة إن انتهت المفاوضات بالفشل، وربما يفكر المجتمع الدولي في تدخل عسكري أو حتي إنساني". ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت نحو 13 ألفا و 100 قتيل، حسب الأمم المتحدة. ووفقا للأمم المتحدة، فقد بلغ العدد الإجمالي للنازحين في السودان منذ اندلاع القتال منتصف أبريل 2023 إلى نحو نحو 7.9 مليون شخص. كما أدت الحرب إلى لجوء نحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار، وخاصة مصر وإثيوبيا وتشاد وأريتريا وجنوب السودان، وفقا لتقارير سابقة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية ((أوتشا)).

مشاركة :