نظم صحافيون مصريون أمس مسيرة إلى دار القضاء العالي في وسط القاهرة، تنديداً بـ «الانتهاكات» التي تعرضت لها نقابتهم من قبل الشرطة الاثنين الماضي خلال التظاهرات التي دعت إليها قوى سياسية احتجاجاً على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية. وقدمت النقابة بلاغين إلى النائب العام ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، للمطالبة بالتحقيق معهما في تلك الانتهاكات، بعد مؤتمر صحافي لمجلس النقابة شهد هجوماً لاذعاً على الشرطة. وكانت قوات الأمن حاصرت مبنى النقابة الاثنين الماضي، ومنعت أعضاء النقابة من الوصول إلى مقرها، فيما سمحت لمتظاهرين مؤيدين للنظام بالوقوف على سلم النقابة وكيل السباب للصحافيين ونقابتهم، وسط تهديدات باقتحام المقر، ما أثار غضب الصحافيين. وفرقت الشرطة في هذا اليوم تظاهرات المعارضين بالقوة، وألقت القبض على أكثر من 270 شخصاً، إضافة إلى عشرات الصحافيين الذين أطلقوا بعد ساعات، فيما بقي نحو 9 صحافيين قيد التوقيف. وشارك عشرات الصحافيين في المسيرة إلى دار القضاء العالي لتقديم بلاغات ضد وزير الداخلية ومدير أمن العاصمة، وسط هتافات مناهضة للشرطة، بينها «يا أبو دبورة ونسر وكاب، احنا صحافة مش إرهاب» و «عاش كفاح الصحافيين» و «سجن الصحافي عار وخيانة»، كما رفعوا أقلاماً ولافتات كُتب عليها: «الصحافة مش جريمة» و «الحرية لعلي عابدين ويوسف شعبان»، وهما صحافيان موقوفان منذ فترة. وروى صحافيون في مؤتمر صحافي عقده مجلس النقابة انتهاكات تعرضوا لها الاثنين الماضي تراوحت بين المنع من الوصول إلى مقر النقابة والتوقيف ومصادرة الكاميرات أو مسح ذاكراتها والاعتداء بالضرب والسحل والاعتقال في سيارات للشرطة أو في مقراتها. وقال نقيب الصحافيين يحيى قلاش في المؤتمر الصحافي إن ما حدث «سابقة لا يمكن السكوت عليها». ووصف تلك الاتهامات بأنها «عار»، إذ تزامنت مع احتفال النقابة بيوبيلها الماسي الذي يُقام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي. وقال قلاش: «لا يمكن القبول بالإهانات، فما حدث يُمثل إهانة لتلك المهنة العريقة ويسيء إلى سمعة مصر، ويؤخر ترتيبها من حيث حرية الصحافة»، مؤكداً أن «كيان النقابة عصيّ على الإهانة، وما حدث في هذا اليوم الأسود لن يكسر إرادتنا. ننتظر محاسبة المسؤولين عن تلك الجريمة». وقال عضو مجلس النقابة رئيس لجنة الحريات فيها خالد البلشي إن «مبنى النقابة تعرض للحصار في سابقة»، لافتاً إلى أن «الشرطة استهدفت الصحافيين تحديداً في هذا اليوم، حتى أن النقابة تلقت 46 شكوى من زملاء تعرضوا للتوقيف في محيط وسط القاهرة». وأضاف أن «الصحافيين في محيط النقابة تعرضوا للتحرش بهم من قبل أفراد أقلتهم سيارات وسمحت لهم الشرطة بتخطي الحاجز الأمني حول النقابة الذي مُنع الصحافيون أنفسهم من تخطيه». وأشار إلى أن تسعة صحافيين استمر توقيفهم، فيما يبقى اثنان فقط قيد الحجز. ورأى أن «ما حدث كان استهدافاً واضحاً للصحافيين، إذ تم إلقاء القبض عليهم بصورة عشوائية ومن دون وجه حق. ما حدث كان مخططاً ومقصوداً». وشدد على أن «الشرطة تتحمل مسؤولية تلك الانتهاكات، خصوصاً بعدما سمحت للبلطجية بمهاجمة مبنى النقابة وسب الصحافيين... لن نصمت إزاء تلك التجاوزات». إلى ذلك، أمرت النيابة العامة بإحالة 116 موقوفاً خلال تظاهرات الاثنين الماضي، على المحاكمة العاجلة أمام محكمة جنح قصر النيل في جلسة تعقد غداً، لاتهامهم بـ «تنظيم تظاهرة على نحو يخالف أحكام قانون التظاهر والاشتراك فيها». وتضم قائمة المحالين على المحاكمة 61 موقوفاً، فيما الآخرون سبق للنيابة أن أمرت بإطلاقهم على ذمة التحقيقات. وكانت النيابة قررت عرض المتهمين المحبوسين احتياطياً في القضية على قاضي المعارضات في محكمة الجنح، للنظر في استمرار حبسهم احتياطياً على ذمة التحقيقات. غير أنها عادت وقررت إحالتهم على محاكمة عاجلة للنظر في موضوع الاتهامات المسندة إليهم. وتتضمن لائحة الاتهام «التحريض على استخدام القوة لقلب نظام الحكم، والتحريض على مهاجمة أقسام الشرطة، واستخدام العنف والتهديد لحمل رئيس الجمهورية على الامتناع عن عمل من اختصاصه ومهماته الموكلة طبقاً للدستور، والانضمام إلى جماعة إرهابية، الغرض منها الدعوى لتعطيل القوانين ومنع السلطات من ممارسة أعمالها والإضرار بالسلام الاجتماعي، والتحريض على التظاهر».
مشاركة :