على مدى عقود ومجمعات اللغة العربية هامدة ساكنة لا حراك فيها، حلقات تلفزيونية خصصتها للحديث عن موتها السريريّ والآلية العقيمة التي تدار بها، واقتصارها على الطاعنين في السن أصحاب الفكر التقليدي، ان سألت طالبا في كلية الآداب عن مَجْمع اللغة العربية لن يعرف ما هو عمله أو دوره أو أين يقع.. في الزيارة التي دعيت لها مع مجموعة من اللغويين والإعلاميين والمثقفين إلى مجمع الملك سلمان للغة العربية الكائن في العليا قلب العاصمة الرياض كانت الدهشة كبيرة ان المجمع غيّر تلك النظرة التي كنا نألفها عن مجامع اللغة العربية، حيث سبق بدء زيارتنا مجموعة من طلاب إحدى المدارس، حيث اعتنى المجمع بفئة الطفل والنشاطات اللغوية التي خصصت له لتسهيل تعلم المهارات اللغوية وتشويقه للغته الأم في زمن التكنولوجيا التي تستخدم اللغة الأخرى وأهملنا المحتوى العربي على الإنترنت، وفي زمن توهم فيه البعض أن الحديث باللغة الأجنبية هي نوع من الرقي بينما لغتنا هويتنا ولا بد في ظل تسونامي التقنية والتقدم أن نعتز ونتمسك بها. المجمع وضع لأجل فئة الشباب والأطفال الكثير من الخطط والبرامج، وخاطب ملكات مختلفة وبه وسائل فريدة ومتنوعة وجاذبة حتى للكبار. وجود المجمع مواكبا مع رؤية المملكة شيء عظيم للارتقاء والعناية بلغتنا بطرق عصرية، وبما يناسب إيقاع العصر، المجمع الذي عقد شراكات مع الجهات الحكومية لتدريب موظفيها خطوة رائدة، كما عقد ورشات ومناسبات وتحالفات مشتركة مع وزارة الثقافة المعنية الكبرى بتراثنا العربي والثقافة السعودية يجعل المنظومة متكاملة والمضي في رؤية المملكة بخطى سريعة على نهج سليم وتخطيط مكين. كنا سمعنا عن فكرة اقامة طلابنا المبتعثين مع أسر أمريكية أو أوروبية لتعلّم اللغة الأجنبية وعاشها البعض منا واليوم سهل مَجمع الملك سلمان الاندماج مع الاسر السعودية في جامعة الأميرة نورة لتعلم العربية، كما في أقسامه التي يعلم فيها اللغة العربية لغير الناطقين بها. تلقينا شرحا وافيا من منسوبي المجمع عن كل قسم فيه وكل نشاط من أنشطته، والتقينا بالمرأة الآلية التي تحدثت معنا بذكاء اصطناعي عال وبطريقة لا تختلف أبدا عن البشر، كما شاركناهم فعالياتهم بالاحتفاء بعام الإبل بتقنيات عالية. الأمين العام للمجمع د عبدالله الوشمي المثقف المعروف الذي أعرفه منذ عشرين عاما كان القريب دوما للغويين والمثقفين والداعم للإعلام الثقافي هو الذي أتاح لنا هذه الزيارة الميمونة للمكان والتقى زواره واستعرض معهم خطة المجمع وفتح الباب مشرعا على الاقتراحات والآراء تاركا في أذهاننا الصورة العصرية والشخصية السعودية المتوثبة للعمل والابتكار وإحداث كل ما هو جديد ومفيد للغتنا. مجمع الملك سلمان للغة العربية رئة يتنفس من خلالها المختصون باللغة، وقد استطاع أن يخرج من رتابة مجامع اللغة العربية التقليدية إلى قطاع حي يعتني باللغة وبكل شرائح المجتمع التي يمكنها الاستفادة من خلاله. تحية لكل منسوبي المجمع، للدكتور سعد القحطاني المختص في الشراكات التعليمية لأفراح التميمي في قسم المعاجم للأستاذ فهد النشوان الذي أحسن التنسيق للزيارة والتواصل مع الضيوف ولكل من ضاق المجال لذكر اسمه/ اسمها هنا.
مشاركة :