بعد أن قام حزب الله بتوجيه ضربته العسكرية الهزيلة على الكيان المحتل الإسرائيلي الذي استبقها بقصف وغارات على منصات صواريخ الحزب، ما زال الرهان على الأجندات الإيرانية في المنطقة، دون إدراك الواقع الذي ارتسم بدخان النيران التي ما زالت مشتعلة، وغبار الركام الذي ما زال شاهدًا على واحدة من أبشع الحروب التي نالت فقط من الشعب الفلسطيني الأعزل أمام وحشية آلة الدمار والإبادة الإسرائيلية. بعيدًا عن البكائيات والتحليل الشعبوي الغوغائي، وبعد أن طال انتظار الرد الإيراني الذي لن يأتي، واستمرار فشل قدرة حماس في إيجاد بدائل سياسية وعسكرية تفرض رؤيتها في المعركة التفاوضية، تعيث منظومة اليمين الإسرائيلي منفردة وبلا ضوابط، لتحدد مستقبل المنطقة تمهيدًا وتعزيزًا لفرص رئيس جمهوري أميركي، أصبح يتساوق مع ما تطرحه هذه المنظومة من سياسات وأفكار، بل وأصبح بوقًا يروج لها في حملته الانتخابية. اليوم تسوّق إسرائيل لسردية امتداد الذراع الإيرانية في الضفة الغربية، من خلال خلايا كامنة تابعة لحماس والجهاد الإسلامي تدار من قبل الحرس الثوري في الضفة تسعى لإثارة الفوضى والعنف، لتكون خيارًا بديلاً في حال انعدام بدائل المحور وداعمه الأول الجمهورية الإيرانية، خاصة بعد أن أطلق خالد مشعل رئيس حماس في الخارج تصريحات تخدم هذه السردية، بدعوته للعودة إلى خيار العمليات الاستشهادية، مع ضرورة فتح جبهات جديدة. تمامًا كما جرى تضخيم السابع من أكتوبر المشؤوم، واستغلاله في حرب الإبادة التي ما زالت على القطاع وسكانه، يجري اليوم تضخيم للوجود الإيراني وخلاياه في الضفة الغربية لتبرير إرهاب ما سيجري في الأيام القليلة المقبلة، بتماه إيراني مشبوه يرى في ذلك بهرجة سيستغلها في سبيل توغل أجنداته بمساعدة مؤسسات إعلامية تعزف على ذات وتر التضخيم والمبالغة في قدرات هذه الجماعات والخلايا والأفراد؛ الذين لا يملكون سلاحًا نوعيًا أمام المروحيات والمقاتلات والقوات الكبيرة ذات التكنولوجيا العسكرية المتقدمة. وفي الوقت الأمثل لمنظومة اليمين لجملة عوامل عديدة أهمها؛ فقدان المسار السياسي، وغياب الضغط الأميركي، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية، هدفها الأول العبث السياسي والديموغرافي بعموم مناطق الضفة الغربية. عبث يهدف إلى كسر الكيانية السياسية والقانونية الفلسطينية والقضاء عليهما تمهيدًا للذهاب لخيار التهجير والنزوح القسري، والذي استشرفناه مسبقًا وحذرنا منه مرارًا وتكرارًا، فالضفة الغربية هي الجبهة التي ستحدد مصير الحرب والصراع، بل وستحدد مستقبل المنطقة التي لن تبقى بعد كل ما جرى بين المطرقة الإسرائيلية والسندان الإيراني.
مشاركة :