دمشق 4 سبتمبر 2024 (شينخوا) مع اقتراب العام الدراسي الجديد يتعين على فرحان عبد الصمد، وهو أب لستة أطفال، اتخاذ قرار صعب بسحب خمسة من أطفاله من المدرسة، تاركا واحدا فقط لديه للحصول على فرصة التعليم. وقال عبد الصمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إنهم يقومون الآن بأعمال بسيطة لكسب بعض المال". وأضاف "لدي طفل واحد فقط في المدرسة، ولكن حتى هذا أصبح أكثر من اللازم، أفكر في أن أطلب منه ترك المدرسة والبحث عن عمل، لأن راتبي لا يكفي لتغطية جميع نفقاتنا الحياتية"، معربا عن أسفه لوصول حالته المالية إلى هذا الحد السيئ وتأثيرها على أسرته. ووضع عبد الصمد ليس فريدا من نوعه في بلد مثل سوريا الذي انهكته الحرب، إذ تواجه غيداء نجم، وهي موظفة حكومية، وهي أم لأربعة أطفال، مصاعب وتحديات مماثلة مع بدء العام الدراسي الجديد والذي يبدأ في الثامن من سبتمبر الجاري "لقد تركت الأزمة الاقتصادية السورية، التي تفاقمت بسبب العقوبات الغربية والأمريكية، العديد من الأسر في البلاد تكافح من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية، ناهيك عن تحمل تكاليف التعليم". تشكو غيداء نجم، التي أنشأت جمعية خاصة مع أصدقائها، (وهي عبارة عن مجموعة من الأشخاص يقومون بدفع مبلغ ثابت من المال شهريا، ويأخذه كل شخص من المشتركين نهاية شهر، حتى انتهاء الأشخاص المشتركين بموجب قرعة)، للحصول على بعض المال، تشكو من أن "كل شيء باهظ الثمن". وأشارت غيداء نجم إلى أن دورها في الجمعية جاء مع بداية العام الدراسي لتتمكن من شراء اللوازم المدرسية لأطفالها. وقالت "بالكاد يكفي ذلك، إن تأمين الدفاتر والكتب والزي المدرسي هو أحد أكبر التحديات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية". وأعربت سمر حميدة، وهي ربة منزل سورية، عن إحباطها إزاء ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل الحقائب والزي المدرسي والكتب، وقالت "نعتمد على السلع المستعملة لأننا لا نستطيع شراء كل شيء جديد كما كنا نفعل من قبل، والوضع الاقتصادي السيئ يؤثر على جودة التعليم". كما لاحظ غدير محمود، وهو طالب جامعي يعمل في متجر قرطاسية في دمشق، انخفاض القدرة الشرائية بين زبائنه ورداءة جودة المنتجات الموجودة الآن على الرفوف، ومع ارتفاع الأسعار، لم تشهد السلع عالية الجودة طلبا كبيرا. وقال "كل عام يضعف الطلب"، مضيفًا "يختار الناس خيارات أرخص تخدم الغرض، بغض النظر عن الجودة". كما ناقش الشاب تأثير العقوبات الأمريكية والغربية على التحول نحو السلع الأقل جودة. وأشار إلى أن "العقوبات الغربية جعلت من الصعب علينا الحصول على منتجات عالية الجودة، وتلك المتوفرة باهظة الثمن بالنسبة لمعظم الناس". اما هيا السالم، وهي موظفة حكومية، وأم لطفلتين كانت تتجول في أحد الأسواق التي خصصتها الحكومة السورية بدمشق لبيع مستلزمات المدرسة للمواطنين للتسوق بأسعار تشجيعية، عبرت عن حزنها لأن الأسعار تفوق قدرتها الشرائية لمستلزمات المدرسة. وقالت السالم "أي بدلة مدرسية يتراوح سعرها ما بين 250 إلى 350 الف ليرة سورية أي ما يعادل (18 إلى 25 دولارا امريكيا، والدولار يساوي 12600 ليرة)، وهذه الأسعار تفوق دخلنا كموظفين"، مبينة أن القرطاسية أيضا غالية وكل طالب في المرحلة الابتدائية يحتاج إلى 60 الف ليرة سورية. وأضافت "ينبغي على كل رب أسرة ان نعمل في أكثر من مكان كي يستطيع أن يؤمن مستلزمات المدرسة الضرورية لأطفالنا"، مؤكدة أن الاوضاع الاقتصادية والمعيشية لغالبية الاسر السورية صعبة لا سيما وأنها تتزامن مع شهر المؤونة، وهذا ما يزيد الطين بلة، كما يقال. ونقلت تقارير إعلامية محلية عن عبد الرزاق حبزة، أمين عام جمعية حماية المستهلك، قوله إن تكلفة إعداد طالب واحد للمدرسة تتجاوز الآن متوسط الراتب الشهري لموظف حكومي. ولتخفيف بعض الأعباء، نظمت الحكومة السورية معارض للمستلزمات المدرسية في مختلف المحافظات، وتقدم هذه المعارض السلع بأسعار مخفضة، لكن العديد من الأسر تقول إن الخصومات ما تزال غير كافية لتعويض التكاليف المرتفعة.
مشاركة :