تفاعلت مجموعة من المثقفين الإماراتيين مع الاستراتيجية الوطنية للقراءة في الإمارات، والتي أطلقت، أمس، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. وتمحورت آراء المثقفين حول الخطوط العريضة لهذه الاستراتيجية، التي تستهدف إدخال الكتاب إلى كل بيت إماراتي، وتعزز الاهتمام بالقراءة والمعرفة، ما يؤكد عمق الرؤى التي تضطلع بها الإمارات واجهة حضارية، يراهن على دورها في المستقبل. إن تخصيص 100 مليون درهم لصندوق القراءة الوطني، بحسب ما أجمع عليه المثقفون، هو توجه يدعم القراءة بقوة، واستمرار لنهج السياسات التي تبادر إليها الحكومة في الإمارات وتسعى لمواكبة العصر بكل معطياته ومتغيراته، بما ينعكس إيجابياً في المدى المنظور، نحو توطين المعرفة، وهو الأساس الذي أصبحت عليه القطاعات الحكومية المختلفة، شريكة في هذا القرار، ومعنية في صناعة النهوض والتقدم الذي تسعى إليه الإمارات في كل المجالات. ولفت الشاعر خالد الظنحاني، إلى أن هذه الاستراتيجية تشكل تاريخاً مفصلياً من عمر الإمارات، كما أن الحديث عن هذه اللحظة، ليس حديثاً عن فاعلية كبرى، أو مهرجان، أو مبادرة أو غيرها من المشاريع المتواصلة في الإمارات، وإنما هو حديث يأخذ شكل استراتيجية متكاملة تستهدف تنشئة أجيال جديدة محملة بالعلم والمعرفة، لها من الخبرات والمعارف ما يمكنها من قيادة الإمارات إلى مستويات جديدة من النهوض الحضاري. وقال ماجد بوشليبي إن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقراءة هو خطوة متقدمة نحو جعل الثقافة عنصراً من عناصر التنمية الوطنية، وكما تفضل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فإن الهدف هو تكوين مجتمع قارئ ومثقف، وأنا سعيد جداً بهذه الاستراتيجية لأنني أحد الحالمين الدائمين، بأن تصبح الثقافة سياسة، ولاشك في أن اشتراك خمس وزارات في مشروع القراءة، يعطي الانطباع بالقيمة السياسية للموضوع، وأنه سيكون استراتيجية متكاملة، كما أن تعميمه على كافة المراحل منذ الولادة إلى مراحل متقدمة، وعلى عدة قطاعات حكومية يعني أنها مبادرة طموحة وستكون نتائجها كبيرة. وقال التشكيلي إبراهيم العوضي: أنا سعيد بهذه المبادرة التي تهدف إلى تكوين جيل واع، مهتم بالكتاب والكلمة المقروءة، يعيد لها قيمتها، وينشغل بها بدل الانشغال بألعاب الكومبيوتر والفيديو وأصناف التسلية الإلكترونية، فالقراءة تثقيف ووعي، وتعميمها يعني سعي القيادة الوطنية إلى صناعة جيل مثقف. وأوضحت الكاتبة أسماء الزرعوني، أنه لم يعد من الممكن اليوم الحديث عن الإمارات من دون الحديث عن الريادة، والتطور الحضاري، وهذا يؤكد العزيمة والمخططات الواضحة والرصينة التي تسير فيها الدولة، ما يجعل استراتيجية القراءة مستوفية لشروطها، وقادرة على تحقيق نقلة معرفية إماراتية خلال السنوات العشر المقبلة. وأشارت إلى أن تخصيص 100 مليون درهم لصندوق القراءة الوطني، وتشكيل أساس معرفي للأطفال من خلال الكتب التي ستوزع ضمن خطة المبادرة، تكشف عن الرؤى التي تنطلق منها الإمارات بصورة عامة، في تشكيل مستقبلها. أكد الشاعر محمود نور، أن هذه السياسات هي استمرار لنهج حكومة الإمارات المتفرد والخلاق، حيث إنه لا يمكن أن نواكب العصر الحالي، بكل معطياته ومتغيراته، إلّا بالإلمام الكافي بالمعارف التي تحيط بنا، وما يستجد من معارف وعلوم، والارتكاز على أرضية وأساس قوي من المعرفة، وكل هذا لا يتأتى إلّا بالقراءة والاطلاع، وإذا ما نظرنا إلى تحديد مدة عمل المبادرة بعشر سنوات، نجدها فترة كافية لخلق جيل كامل المعارف ومتميز عمن سبقوه، وهنا تبرز الرؤية المستقبلية والمنهج الذي تحاول الحكومة أن تضعه ليسير عليه أبناء الوطن، ويهتدوا بنور هذه الأفكار الخلاقة والطموحة، والتي تسعى للتفرد والابتكار قبل كل شيء. ورأت الشاعرة الهنوف محمد، أن إطلاق هذه السياسات والقرارات الخاصة بالقراءة، تمثل الإنقاذ وطوق النجاة، الذي يبشر ببناء جيل مثقف واع، قادر على النهوض بوطنه وصنع أمجاده، وخلق ذلك الفضاء المعرفي والأفق الواسع للجميع حتى يكونوا مشاركين في هذه الصناعة. وقال الكاتب جمال الشحي، إن لهذا القرار أثراً كبيراً في صناعة النهوض والتقدم الذي تسعى إليه الإمارات في كل المجالات، والمعرفة هي أحد المقومات الرئيسية التي لا يمكن من دونها إيجاد أي نوع من التقدم أو التطور، وهذه المبادرة من أفضل القرارات التي تمس بناء مجتمع المعرفة عبر وجود استراتيجية تؤسس لمدة عشر سنوات، حتى يتغير المجتمع، ويصبح مجتمعاً معرفياً بامتياز، لا يقف موقف المطلع على المعارف فقط، وإنما هو مشارك في إنتاجها وتقدمها وبالتالي في تقدم الحضارة البشرية جمعاء. كما أن مجتمع المعرفة يتسم بتحول مؤسسات المجتمع الخاصة والحكومية ومنظمات المجتمع المدني بعيداً عن أدوارها التقليدية بحيث تمارس دور الهيئات الذكية، وهذا ما نلاحظه في جوانب هذه المبادرة التي تتجه نحو مختلف الشرائح، سواء في المدارس والتعليم أو ضمن المؤسسات الحكومية. وقالت الكاتبة فتحية النمر ها نحن نعود إلى الأصل الأول، وإلى نقطة الانطلاق الأزلية، كما حددها الدين الحنيف، عندما خاطب رجلاً أمياً اختاره الله معلماً للبشرية، ولم يقل له سوى اقرأ، وهذا ما تنبه إليه البشر ورجعوا إليه أداة للتنوير والبناء والسعادة، نحن في دولة الإمارات لدينا أو لدى الشباب والجيل الجديد كل شيء، من أجهزة وتقنيات، لا يحلم بها غيرهم، ولكن هذا الموجود يحتاج إلى استراتيجية تفيد وتحقق الغرض المنشود، وتبعد الجوانب السلبية والتداعيات المدمرة لها. وأكدت النمر أن هذا ما يمكننا تداركه والنجاة منه، ولا يكون إلا بالقراءة، التي ينبغي أن تكون أسلوب حياة، يعتاده الأبناء، من الذين لا يعرفون أن طوق النجاة من الشر المحدق بنا، هو القراءة التي ستكون منهجاً يسيرون عليه، ولكن السؤال هو ما الذي يقرؤونه؟ اتحاد الكتاب: الاستراتيجية الوطنية للقراءة تعكس عمق رؤية الإمارات أكد اتحاد كتاب وأدباء الإمارات سعادته بالخطوة الواثقة التي تمت أمس بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للقراءة في دولة الإمارات، ورأى الاتحاد في الخطوة تجسيداً عملياً للفكرة النبيلة التي تضمنتها توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتسمية عام 2016 عاماً للقراءة، ولمخرجات خلوة المئة التي دعا إليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. وأضاف الاتحاد في بيان أصدره بالمناسبة أن وجود استراتيجية وطنية للقراءة مبنية على أسس علمية ومنهجية واضحة، وبأهداف طموحة، وبجهود تتشارك فيها مختلف مؤسسات الدولة المعنية يعكس عمق الرؤية التي تنطلق منها الإمارات في استكمال مشروعها التنموي الكبير، انطلاقاً من إيمان أكيد بأهمية العنصر الثقافي والمعرفي في هذا المشروع، وتعبيراً عن قناعة ثابتة بأن اقتحام عالم الحداثة لا يمكن أن يتم إلا بوجود حامل بشري يتمتع بأقصى درجات الوعي والمعرفة. وجاء في البيان أن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات يرى أن القراءة ليست فعلاً تكميلياً، بقدر ما هي ضرورة تفرضها مقتضيات العصر وتحدياته، لذلك كان لا بد من التعامل معها بوصفها هدفاً استراتيجياً. من جهتــه دعا حبيب الصايــــغ رئيس مجلس إدارة اتحـــاد كتـــاب وأدباء الإمارات الأميـــــن العـام للاتحــــاد العــــام للأدباء والكتـــاب العرب جميع الكتاب والأدباء والمثقفين والمبدعيــــــن في الإمـــــارات إلى التفاعــــل مع هذه الاستراتيجيــة الطموحة وقال: إن الإمارات تقدم نموذجاً للدولة العصرية التي تكاملت عناصر النجاح والتفوق فيها، وسيكون واجباً على كل فرد أن يتحمل مسؤولية الحفاظ على هذه النجاحات والانتقال بها خطوات أخرى إلى الأمام، ما يعني الاهتمام بالدرجة الأولى ببناء الإنسان معرفياً وثقافياً، وهي عملية تبدأ من الأسرة ثم تتدرج في اتساعها مروراً بالحلقات الأخرى كالمدرسة والجامعة وبيئة العمل والإنتاج وصولاً إلى الدولة ومؤسساتها. أحمد بن ركاض: القراءة طريق النهوض الحضاري قال رئيس هيئة الشارقة للكتاب، مدير معرض الشارقة الدولي للكتاب، أحمد بن ركاض العامري إن السياسة الوطنية للقراءة تم تحديد خطواتها بناء على المرتكزات التي تسعى لترسيخ القراءة في الإمارات، وضمن كل الفئات الأعمار، وتحديد المسؤوليات الرئيسية للجهات الحكومية في هذا المجال، وهي من الخطوات المهمة التي ستجعل الإمارات في مصاف الدول الكبرى في العالم، وهو الذي ينسجم مع الرؤية المركزية لمشروع الإمارات الثقافي الذي تنطلق منه الكثير من المشاريع والمبادرات الثقافية في الدولة، والمتمثلة في تحقيق النهوض الحضاري للإمارات عبر المعرفة والقراءة والكتاب. وأكد العامري أن مثل هذه الرؤية الثاقبة، كانت من أولويات الإمارات التي ظلت حريصة على تلك المنطلقات، فباتت معارض الكتب الوطنية من أهم معارض العالم، وأصبحت تشكل السفير الثقافي للإمارات في مختلف بلدان العالم، وهذا ما يحرص عليه الكثير من المبادرات والاستراتيجيات الثقافية والنهضوية في الدولة، حيث تعتبر مقومات الفعل الثقافي والمعرفة والعلم هي اللغة، بل السبيل الذي تسعى من خلاله الإمارات إلى دعم دورها في المنطقة والعالم بوصفها راعية للفعل الثقافي. ورأى أن الحديث عن استراتيجية تمتد على عشر سنوات، وتشهد مختلف أشكال الدعم المالي تؤكد الرؤية التي تنطلق منها الإمارات في صناعتها للمستقبل، وبنـــــاء أجيــــال محصنـــة معرفياً، وعلى قدر عال مــن الكفـــاءة الثقافيــة، بحيــــث تكـــون مؤهلة للاستفادة من المنجز الذي وصلـــت إليـــه الإمــارات، والذي يعد اليوم نموذجاً أمــــام مختلــــف بلــــدان العالم. وأكد العامري أن الاستثمار في الأجيال وعقولهم، هو المشروع الأكبر الذي تخوضه الإمارات في مختلف مبادراتها الثقافية، فما تم تكريسه في الإمارات طوال عقود ماضية، صار يحصد نتائجه، وصار يشهد الكثير من التفاعل على الصعيدين المحلي والعربي، وما الصندوق الوطني للقراءة سوى خطوة لافتة تستهدف الإنسان، ويكون الرابح أولاً وأخيراً فيها هو الإنسان أيضاً.
مشاركة :