تشهد دبي، عاصمة الاقتصاد الإسلامي وصاحبة مبادرة صوغ منظومته التشريعية والثقافية، اليوم توقيع اتفاق لتأسيس «المنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال»، بعد تعاون بين «هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس» و «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي». وقال المدير التنفيذي لـ «مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي» عبدالله محمد العور: «تعتبر هذه المبادرة انعكاساً للواقع التنظيمي والتشريعي المميّز الذي حققته دبي وإمارات الدولة كافة على مدار سنوات طويلة من العمل والتخطيط، ولولا المنظومة التشريعية والقانونية المميّزة للإمارات، لما كان لهذه المبادرة أن تبصر النور». الاقتصاد الاسلامي وأضاف: «انتشر الاقتصاد الإسلامي عالمياً منذ إطلاق نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مبادرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي، وكان الاقتصاد العالمي متعطشاً لثقافة جديدة وأدوات وآليات تستطيع الارتقاء بمستوى أدائه، في ظل الصعوبات التي شهدها العقد الأول من الألفية الثالثة». وتابع: «عندما انطلقت المبادرة، لاقت نجاحاً وقبولاً واسعين، وبتنا نشهد المراكز الاقتصادية الكبرى في الغرب والشرق تتسابق على تبني هذه المنظومة الحديثة، وكان التحدي الأكبر في وجه هذا الانتشار، إيجاد معايير متّفق عليها ومرجعية عالمية موحّدة ترعى عمليات الاقتصاد الإسلامي وتتابعها، وتحافظ على غاياته وتوجهاته، وهي تحقيق تنمية شاملة جغرافياً وعادلة أخلاقياً ومستدامة بكل المعايير الحديثة، لذا سعينا إلى الوصول إلى تأسيس هذا المنتدى الذي نعتبره محطة نوعية في مسيرة تطوّر الاقتصاد الإسلامي». وسيتيح المنتدى التطبيق المتجانس للمواصفات القياسية بين كل الدول المشاركة وفقاً لآليات موحدة تضمن كفاءة هيئات اعتماد الحلال وجهات منح الشهادات الحلال. وسيعزز فرص إنتاج الحلال أو تداوله الذي لم يعد حكراً على الدول الإسلامية، فهناك دول غير إسلامية مثل اليابان والبرازيل وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزلندا، تضع الحلال ضمن أوليات أجنداتها الاقتصادية. وتعتبر البرازيل ونيوزلندا وفرنسا والولايات المتحدة ورومانيا وبلغاريا من أكبر الأسواق في تصدير المنتجات الحلال، وتعاني غياب معايير ومرجعيات دولية موحدة ومتفق عليها، ما يزيد صعوبة الاعتماد لمنتجاتها. وفي إطار الربط بين وجود مرجعيات مقررة ودعم نمو قطاع المنتجات الحلال، قال العور: «أظهر مؤشر الاقتصاد الإسلامي عام 2015، أن حجم تداول المنتجات الحلال عام 2014 بلغ نحو 2.1 تريليون دولار، وهناك دراسات كثيرة ترجّح تنامي هذا القطاع إلى 10 تريليونات دولار بحلول عام 2030». وأضاف: «نرى أن معدلات نمو المنتجات الحلال سيكون لها الدور الكبير في تنشيط الإنتاج والتداول العالمي، فالتجربة التي سبقت الأزمة المالية العالمية، أثبتت أن غياب ثقافة إنتاجية ملتزمة بالمعايير الأخلاقية أدى في النهاية إلى تخمة الأسواق بالمنتجات الكمالية وإلى تجويع فئات اجتماعية واسعة من شعوب الأرض في الوقت ذاته، وهذا الخلل في عملية الإنتاج تسبّب بركود النمو وتباطئه، وتوقّف التداول في الاقتصاد العالمي، في وقت لا تزال حاجة البشر الى المنتجات هي ذاتها بل تتزايد باستمرار، ولذلك نأمل بأن يساهم هذا المنتدى في تعزيز هيكلية قطاع الإنتاج العالمي ضمن منظومة الاقتصاد الإسلامي». وستكون لـ «المنتدى الدولي لهيئات اعتماد الحلال» صفة دولية مقرّرة، من خلال شراكة عدد كبير من الدول، ما يجعل مقرراته في شأن المواصفات والمقاييس مُلزمة للدول المشاركة ضمن أطره، لذلك يُتوقع أن تنضم دول أخرى تدريجاً الى عضوية المنتدى، خصوصاً التي لديها علاقات تجارية مع الدول الأعضاء. وسيسعى المنتدى إلى تحقيق الاعتراف المتبادل بينه وبين هيئات ومنظمات الاعتماد الدولية الأخرى، وستمنح المكانة المتقدمة التي تتمتع بها دبي على خارطة الاقتصاد العالمي ميزاتٍ إضافية للمنتدى لتسهيل تحقيق هذه الأهداف. دور دبي وأوضح العور أن «اختيار دبي مقراً للمنتدى سيمنحه زخماً إضافياً نظراً إلى المكانة الموثوقة التي تتمتع بها الإمارة، كما سيساهم في تنشيط حركة التجارة وتبادل البضائع الحلال بين المراكز الاقتصادية في العالم، لما تتمتع به الإمارات ودبي من مقومات كمركز عالمي للتصدير وإعادة التصدير، ما سيمنح الشركات العاملة في القطاع فرصة الوصول إلى كل أسواق العالم، خصوصاً الإسلامية». وزاد العور: « إن التنافسية اليوم بين المنتجات عالية، لكننا نسعى من خلال تعميم مفهوم الحلال وتدويله، إلى إحداث تغيير جذري في قيم التنافس، بحيث تعتمد على الجودة أولاً وأن يكون المنتج في قائمة أولويات المستهلك ثانياً، وأن يكون موثوقاً من حيث مكوناته في وقت باتت صناعة الغذاء أساسية للحفاظ على صحة المستهلك. ومن ناحية ثانية، فإن وجود حاضنة دولية لهيئات اعتماد الحلال بمنظومة قانونية موحدة تلتزم بها، سيعزز ثقة المستثمر بهذا المنتج، فالمنتج الحلال سيكون هو المنتج الأول في العالم الذي يتمتع بهذا النوع من الرقابة والرعاية، التي لا تقدّم أي مصلحة أخرى على مصلحة المستهلك وأمنه وسلامته».
مشاركة :