قصيدة النثر..مغامرة الكتابة وسجال الشعراء

  • 5/6/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الكتابة عن الشاعرة الإماراتية الدكتورة أمينة ذيبان هي عودة إلى ظاهرة شعرية إماراتية كانت سائدة في أوائل ثمانينات القرن الماضي، وبالتالي، نحن لا نكتب في هذه الحال دراسة نقدية في قصائدها بالمعنى المهني لالدراسة، وإنما نشير إلى جانب من تاريخية الشعر في الإمارات قبل حوالي ثلاثة عقود، وفي رأيي هذه مسألة مهمة جداً، فعندما نتحدث عن الشعر تغيب أحياناً تلك الظاهرة التي كانت تقوم على عدد من شعراء وشاعرات الإمارات قبل عقود، وبكلمة ثانية، نحن في حاجة اليوم إلى توثيق تلك المرحلة، ومراجعتها، والتأريخ لها بعناية وتدبّر. الكتابة في في عام القراءة عن أمينة ذيبان تتجاوزها كفرد أو كشاعرة إلى جيل وظاهرة وحالة أدبية جريئة قبل أكثر من ثلاثة عقود، وأعني تحديداً قصيدة النثر. في أوائل ثمانينات القرن الماضي، وفي منطقة الخليج العربي بشكل عام كان الشاعر الذي يقدم على كتابة قصيدة نثر يعرف مسبقاً أنه يدخل نوعاً من المغامرة.. ليس المغامرة في الكتابة، ولكن مغامرة مواجهة التيار الشعري والثقافي الكلاسيكي الذي كان سائداً بقوة في تلك الأيام، وكان هذا التيار، وربما إلى اليوم لا يعترف بقصيدة النثر، ولا يعترف بكاتبها شاعراً، وقد شهدت الساحة الثقافية في العربية بوجه خاص صراعاً حاداً بين كتّاب قصيدة التفعيلة وكتاب قصيدة النثر، وبين شعراء العمودي ، ورغم أن تلك المرحلة الثقافية الخليجية قد اتسمت بالصراع بين الكلاسيكيين وما يُسمّى (الحداثيين) إلا أنها كانت مرحلة حيوية، صحية ثقافياً، ونافعة معرفية، وأوجدت آنذاك بيئة حوار وسجال نادراً ما نجدها اليوم في الساحات الثقافية العربية. في البحرين، كان الأمر مختلفاً، فلم تشهد الساحة الثقافية البحرينية في أوائل ثمانينات القرن الماضي ما شهدته الساحة الشعرية تحديداً في السعودية من صراع حادّ على الشكلين الشعريين المتحاربين (العمودي + التفعيلي + النثر)، وقد يعود ذلك إلى طبيعة الحياة الثقافية والتعليمية والاجتماعية في البحرين، وفي كل الأحوال وفي الخليج العربي بشكل عام كان هناك حراك ثقافي إيجابي تماماً رغم سمته السجالية، وبعد تلك (الحروب) الشعرية قبل عقود من الزمن ها نحن اليوم نعاين مناخاً ثقافياً بالغ الحيوية والإنتاجية الأدبية في منطقة الخليج العربي. في الإمارات، لم تكن هذه السجالات بعيدة عن الشعراء الإماراتيين. هناك كلاسيكي دائماً في أي مكان في العالم، وفي مقابله حداثي أو معاصر أو جديد. أمينة ذيبان شاعرة قصيدة نثر طبعت اسمها في الصحافة الإماراتية الثقافية في ثمانينات القرن الماضي.. إلى جانب عدد من الشعراء والشاعرات: خالد البدور، خالد الراشد، نجوم الغانم، ظبية خميس، وبمحاذاة هؤلاء مسعود أمر الله الذي ترك الشعر، وانتقل إلى السينما أما أمينة ذيبان (وكانت تكتب باسم مستعار)، فقد توجهت إلى الدراسة (دكتوراه في الأدب الحديث، وماجستير في الدراسات الأوسطية - بريطانيا).. وبكلمة ثانية ابتعدت عن فضاء الشعر. في مجموعتها زهرة الدم شعر ينأى عن غوايات البلاغة والفصاحة الجاهزة المعلّبة، شعر تأمل، وإصغاء، وهدوء. أمينة كانت تنشر في الثمانينات، ولكنها إلى اليوم لم تجمع تلك الحصيلة من الشعر في كتاب، أما قصائد هذه المجموعة فتعود إلى العام 2009 باستثناء قصيدة واحدة كتبت في التسعينات هي قصيدة (قصائد).. ومنها: يتبختر صولجان العتمة بملامحه الجنائزية، قاطعاً أول الطريق إلى البحر/ثمة زهرة وحديث عن سماء موحشة تمطر الناس بالحجارة والعيون. قفزت أمينة ذيبان من وضع الشاعرة الثمانينية (التي توقفت عن الكتابة)، وكان هذا الوصف ومازال متداولاً على الكثير من شعراء وشاعرات تلك المرحلة.. قفزت إلى الشعر في زهرة الدم، ولكنها احتفظت بذاكرتها الثمانينية، وأصرت على قصيدة النثر طيلة هذه السنوات. شعر حب، في محاذاة شعر (بالغ الذوبان في الشعر).. شعر مكابدات لكن بقوة وأمل.. هذا ما يمكن أن يقال عن أمينة ذيبان: أخبئ للحب شمعة وأشعل مساء العتمة الموحشة أفتح شبابيك بيتي العتيق وأمنح المدينة حق الدخول إلى القلب.

مشاركة :