ملتقى قصيدة النثر في البصرة مناسبة للبحث في مختلف قضايا هذا النمط الشعري الذي بات يكتبه الكثير من الشعراء.العرب علي لفته سعيد [نُشر في 2017/09/20، العدد: 10757، ص(15)]البحث عن هوية لقصيدة النثر العراقية المعاصرة على مدى ثلاثة أيام التأمت في مدينة البصرة جنوب العراق فعاليات ملتقى قصيدة النثر الثالث الذي ينظمه اتحاد أدباء البصرة بدعم من شبكة الإعلام العراقي وبالتعاون مع اتحاد الأدباء والكتاب-المركز العام في بغداد، وقد مولته وزارة النفط وشركة نفط الجنوب بمشاركة أكثر من 80 شاعرا بينهم 15 ناقدا عراقيا من مختلف الأجيال ومن مختلف المحافظات العراقية، ومن الذين يشغلهم همّ قصيدة النثر مشروعا كتابيا طموحا وفاعلا في الذائقة الشعرية. الملتقى الذي شهد إقامة خمس جلسات شعرية على زمن الأيام الثلاثة، كان همّه الرئيس أن يخرج بنتائج إيجابية تخصّ الشعر العراقي وفاعليته، مثلما تخصّ فاعلية قصيدة النثر التي تساءل الكثير من الشعراء والنقاد عن أهمية هذا الملتقى إن كان بإمكانه إعطاء تعريف خاص لهكذا نوع من الكتابة، إن كان أولا شعرا أم إنه نصّ أدبي له إطلاق جنسي محدّد. وقد تساءل الناقد عبدعلي حسن قبيل انطلاق فعاليات الملتقى وكأنه يرسل رسالة فاعلة هل هناك هوية لقصيدة النثر العراقية المعاصرة؟ وقال أيضا إن تمكن ملتقى قصيدة النثر الثالث من وضع اليد على مكامن محنة قصيدة النثر العراقية وفك الاشتباك الحاصل بين كتابة النثر بهاجس الشعر وكتابة الشعر بهاجس النثر، فإن ذلك يمكن هذه القصيدة من احتلال الموقع المتقدم مع غيرها من الأشكال التعبيرية، وأن تكون ذات تأثير في مجمل المشهد الثقافي العراقي. الجلسات الخمس كما قال البعض من المشاركين كانت مزدحمة بالقصائد، ومن مختلف الأجيال، وهو ما ميز هذا المهرجان الذي أفضى إلى بروز طاقات شبابية تدرك طريق الشعر، وتعرف ماهية أن يبقى العراق مركزا للتجريب والتجريد في الشعر. ولم يكتف الملتقى بتقديم الشعراء المشاركين لقصائدهم بل وزعت النصوص الشعرية بين 15 ناقدا.الملتقى يهدف للوقوف على النصوص الشعرية، وإن كانت تحقّق طموح وأهداف وشعار الملتقى، وعلى عاتق النقاد تقع مسؤولية مثل هذا القرار وكما يقول الشاعر علي الأمارة، أحد المشرفين على إقامة الملتقى، إن ذلك كان “بهدف الوقوف على النصوص الشعرية، وإن كانت تحقّق طموح وأهداف وشعار الملتقى، وعلى عاتق النقاد تقع مسؤولية مثل هذا القرار، وهو الأمر الذي أدى إلى اختلاف القراءات النقدية. وهو أمر طبيعي لاختلاف المشارب النقدية، لكنها كانت بكلّ تأكيد مهتمة بقصيدة النثر وتبحث عن إجابة عن السؤال المركزي ‘قصيد النثر العربية إلى أين؟‘ والذي يبدو أن الإجابة عنه بحاجة إلى الكثير من الجهد والعمل والتراكم”. وذكر الأمارة أنه أطلق سلسلة من الكتابات عبر صفحته على فيسبوك أكد فيها أن قصيدة النثر العراقية بدأت تتبلور في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي، وترسخت عبر أمهدة عدة منها المهاد النقدي الذي بشر بها ورافقها والمهاد التاريخي أو الحداثوي الذي كانت تبحث عنه القصيدة العراقية وكذلك المهاد النفسي والبيئي الذي نشأت وترعرعت فيه قصيدة النثر العراقية، ثم مهاد الأنموذج حين قدمت في تلك الفترة نماذج مؤثرة ومقنعة من قبل جيل الثمانينات الشعري في العراق، ثم مهاد التسويق حيث صدر كتاب المشهد الشعري لجيل الثمانينات في مارس من عام 1992 الذي أعده الشاعر منذر عبدالحر، وفي نفس العام في الشهر التاسع عقد ملتقى الشعر الثمانيني وكان خالصا لقصيدة النثر فكان عام 1992 هو عام قصيدة النثر في العراق. بعد تعدد الجلسات الشعرية والنقدية، صدر عن الملتقى بيان ختامي عبر فيه الجميع عن أملهم في أن تتواصل فعاليات الملتقى بوصفها تقليدا أدبيا مميزا، يستلهم عناوين التجديد التي نهض بها الأدباء الرواد، وأن يكون للأدباء الشباب في الدورات القادمة حضور فاعل وحقيقي وداعم لتجاربهم الشعرية. وكذلك العمل على تخصيص محور للدراسات النظرية حول قصيدة النثر لغرض التعرف على أحدث طروحاتها. مثلما دعا المشاركون إلى التنسيق مع المؤسسة الجامعية لاقتراح تخصيص كرسي لتدريس قصيدة النثر في الكليات المعنية بدراسة الأدب الحديث، وتخصيص جلسة خاصة من جلسات الملتقى لتقديم ما هو جديد في قصيدة النثر عالميا وترجمتها. وشدد المشاركون على ضرورة إشراك شعراء عراقيين من خارج العراق يكتبون قصيدة النثر في الملتقى. وقد رافق الملتقى معرض شعري جديد للشاعر علي الأمارة عنوانه “قصورة البصرة” والقصورة هي القصيدة المكتوبة عن صورة، وقد احتوى المعرض 55 قصورة تتكلم عن البصرة ماضيا وحاضرا. مثلما شهد الملتقى إقامة فعالية لفرقة السينما والمسرح ومشاركة الباحثين ناصر هاشم بدن مع ثامر الخياط في فعالياته الفنية.
مشاركة :