تتجه السعودية نحو تطوير مشاريعها اللوجستية والصناعية باستثمار التحديات والبحث عن فرص بالقطاع اللوجستي، عبر الربط بالسكك الحديدية داخل السعودية ومع دول مجلس التعاون الخليجي التي تربط بالطريق البحري الواصل من الهند ليرتبط بأوروبا، يضاف إلى الطرق البحرية في الخليج العربي عبر مضيق هرمز والبحر الأحمر عبر مضيق باب المندب وقناة السويس حتى تضمن تحرر سلاسل التوريد بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، حيث تعتبر السعودية نقطة التقاء سلاسل التوريد خصوصا أن الحزام والطريق والممر الهندي الأوروبي يمران بها، فهي بحاجة إلى تطوير قدراتها ومشاريعها اللوجستية، يمهد الطريق لشراكات استراتيجية تضمن ترابط العالم وخفض تكاليف الشحن والتامين في حدها الأدنى لتعزيز التنافسية، حيث تكون السعودية في قلب هذه الاستراتيجية التي تسمح بتحقيق رؤيتها بإقامة صناعات متنوعة مستغلة موقعها الاستراتيجي بين ملتقى 3 قارات. استثمرت السعودية إقامة المنتدى اللوجستي العالمي في الرياض في نسخته الأولى عالميا في 14/10/2024 بتوقيع شراكات استراتيجية محلية ودولية تجاوزت 65 اتفاقية ومذكرة تفاهم، بقيمة إجمالية تتخطى 16 مليار ريال لإعادة رسم خريطة الخدمات اللوجستية العالمية، بعدما شكل المنتدى منصة دولية لإطلاق كثير من الاتفاقيات الجديدة بين قادة القطاع اللوجستي العالمي لتسهيل عملية التواصل داخل القطاع وجعله أكثر ترابطا، ضم الحضور 77 من قادة قطاع النقل والخدمات اللوجستية من أكثر من 30 دولة. اعتبر وزير النقل السعودي استضافة النسخة الأولى من المنتدى اللوجستي العالمي في السعودية تعد بمنزلة القلب النابض لحركة التجارة العالمية، حيث شكل المنتدى ضرورة لمواجهة التحديات المتطورة لسلاسل الإمداد العالمية، وأقيم المنتدى تحت شعار إعادة صياغة خارطة الخدمات اللوجستية العالمية، بهدف تسليط الدور الحيوي الذي تلعبه السعودية في القطاع اللوجستي العالمي، ويتطلع المنتدى إلى إقامة النسخة الثانية من المنتدى في غضون عامين. بالطبع المنتدى فرصة لاستكشاف فرص الاستثمار في قطاع الخدمات اللوجستية والنقل بالسعودية الذي يشمل النقل والتخزين والإدارة لاستكشاف الفرص الجديدة في الخدمات اللوجستية المتكاملة والنقل متعدد الوسائط. كان من أبرز مذكرات التفاهم التي تم توقيعها مع شركة فيديكس في قطاع الخدمات اللوجستية والنقل بالسعودية، ومع مجموعة سادل لإنشاء مستودعات مبردة في جدة، وأخرى مع باسيفيك إنترناشونال لاينز والهيئة العامة للموانئ السعودية، ومع الشركة الوطنية للشراء الموحد للأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية ( نوبكو )، لإنشاء مراكز إقليمية جديدة لتوريد المستلزمات الطبية، ومع صندوق التنمية الصناعية السعودي، للتعاون في تطوير خدمات النقل والخدمات اللوجستية لدعم التحول الصناعي، هذا إلى جانب إعلان أجيليتي للخدمات اللوجستية عن توسيع مستودعاتها في السعودية، وتوقيع مذكرة تفاهم مع الشركة السعودية للخطوط الحديدية، بالإضافة إلى إعلان شركة السعودية للشحن عن توقيع شراكة جديدة مع شركة تجمع مطارات الثاني لتحسين خدمات الشحن الجوي، إلى جانب اتفاقيات عديدة. تحقق السعودية ريادة عالمية ليس فقط في إدارة الكربون التي تقدمت بها السعودية في قمة العشرين التي قادتها في 2020، فهي الآن أيضا تقوم بتسيير أول قطار هيدروجيني بهدف قياس مدى مناسبة هذه التقنية للبيئة في السعودية، مع تحديد الفجوات للعمل على معالجتها لتبني مثل تلك التقنيات، والسعودية مستمرة في متابعة هذه التقنية لضمان جاهزية تبنيها في القطاع التجاري، وستتبناها السعودية عندما تكون مجدية تجاريا، لضمان ريادة السعودية في سوق عالمية تشهد تحولات متسارعة ومستدامة. ناقش المنتدى عددا من الموضوعات المحورية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية مثل تمكين الأسواق العالمية، والاستثمار في البنية التحتية اللوجستية، ومرونة الخدمات اللوجستية في مواجهة الاضطرابات بمنطقة البحر الحمر، إضافة إلى مناقشة العصر الجديد لموانئ الطاقة، وتمكين المواهب لتطوير صناعات الغد، تهدف السعودية إلى أن تكون مركزا لوجستيا بحلول 2030، حيث شكلت رؤية المملكة 2030 نقطة تحول رئيسية لمشاريع الشركات اللوجستية واستثماراتها في السعودية. ** ** - أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والسياسية سابقا بجامعة ام القرى
مشاركة :