الصور التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحقّقت منها وكالة فرانس تتكرّر لليوم الثاني على التوالي. وكان مراسل لوكالة فرانس برس رصد الاثنين أيضا نزوحا لعائلات بأكملها علقت لأيام طويلة وسط نار المعارك، أو باتت بلا مأوى بسبب القصف، فتركت جباليا وبيت لاهيا حيث قتل العشرات منذ بدء العملية الهادفة، بحسب الجيش الإسرائيلي، الى منع حركة حماس من إعادة بناء قدراتها. ووجّه الجيش الإسرائيلي إنذارات عدة لسكان مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا لإخلائهما. وحدّد ممرات "آمنة" على طريق صلاح الدين الرئيسي الواصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه لسلوكه. على الطريق، مشى النازحون محملين بأكياس مليئة ببعض الحاجيات سيرا على الأقدام، بينما كان بعضهم يجرّ عربات أطفال محملة بالأطفال وبالأغراض، وغيرهم على دراجات هوائية. وتقول سائدة (46 عاما) التي نزحت مع والدتها وأبنائها الأربعة من مركز إيواء في مدرسة تابعة للأونروا في جباليا الى مركز إيواء في غرب مدينة غزة، إن الجنود الإسرائيليين "أوقفونا عند الحاجز لثلاث ساعات. كانوا يطلقون النار وينادون على الناس بمكبّر الصوت. فتشوا كل الناس... كنا حوالى 25 شخصا يمرّ الواحد منا تلو الآخر". وتضيف "أخذوا ابني أمجد، عمره 15 عاما، أجبروه على خلع كل ملابسه. كنت أبكي وأتوسّل إليهم أن يتركوه، فأطلقوا النار في الهواء. مشيت مع أطفالي الثلاثة وأمي العجوز، وانتظرت قرب الحاجز حتى تركوه". وتشير الى أنهم "حققوا معه وسألوه إذا كان يعرف أي شخص من حماس وقال لهم لا". "الموت مئة مرة" وتتابع "رأيت الموت مئة مرة... إذلال وعذاب، الحياة في جباليا وهنا في غزة تعني الموت". ويقيم الجيش حواجز عدة على الطرق الرئيسية بين شمال القطاع ومدينة غزة، تحيط بها نقاط عسكرية معززة بدبابات وآليات مدرعة بعضها وراء سواتر ترابية، وأبراج للمراقبة ثبتت عليها رشاشات أوتوماتيكية وكاميرات، وفق ما يقول شهود. ويضطر النازحون الفارّون من جباليا لقطع أكثر من عشرة كيلومترات سيرا على الأقدام. وعندما يقتربون من الحاجز العسكري على طريق صلاح الدين جنوب شرق جباليا، ينتظرون في بعض الأحيان ساعات طويلة حتى يسمح لهم الجنود بالمرور بعد تفتيشهم. وتقول نيفين الدواوسة التي تعمل في المجال الصحي وكانت واحدة من بين آلاف النازحين الفارين من مركز إيواء في جباليا، "لم يكن لدينا طعام أو ماء للشرب". وغادرت مع مجموعة المركز موضحة "ما إن غادرنا، حصل قصف على مركز الإيواء، سقط شهداء وإصابات، وليس هناك ممر آمن لإسعاف أو إنقاذ المصابين". وتضيف الدواوسة "لم يكن الممرّ آمنا للنزوح"، مشيرة الى أن الجيش عند نقاط التفتيش "يفرز النساء عن الرجال الذين يتمّ تفتيشهم". ويقول المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن الجيش يعتقل يوميا فلسطينيين من الجنسين وغالبيتهم من الشباب خلال نزوحهم من مكان الى مكان. ويشير مدير الإعلام الحكومي إسماعيل الثوابتة الى أن "عددا قليلا من المواطنين يستجيبون" لطلب الجيش الإسرائيلي بالنزوح، لأن "الاحتلال يقوم بتصفية الكثير من الشباب النازحين ويعتقلهم بإذلال". ويفرض الجيش الإسرائيلي حصارا مشددا على مخيم جباليا منذ بدء العملية في مطلع تشرين الأول/أكتوبر. "ينزف حتى الموت" ويؤكد ضابط الإسعاف في الدفاع المدني في جباليا معتز أيوب "أي شخص يصاب يبقى ينزف حتى يموت. في كل لحظة لدينا إصابات وشهداء". وتفيد وزارة الصحة التابعة لحركة حماس بأن كل مستشفيات شمال القطاع خرجت عن الخدمة، باستثناء مستشفى كمال عدوان في جباليا الذي يعمل بشكل جزئي. ويقول مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية "لا دواء ولا مستلزمات طبية، الناس يُقتلون في الشوارع ولا نستطيع مساعدتهم، الجثث ملقاة في الطرق... ساعات وسيتحوّل المستشفى إلى مقبرة جماعية". ويضطر البعض الى دفن أمواتهم في الشوارع، على ما يقول أيوب الذي يصف الوضع ب"الكارثي والمأسوي جدا جدا في الشمال". ويقول الإعلام الحكومي التابع لحماس إن الجيش الإسرائيلي نسف خلال العملية في شمال القطاع "أكثر من ثلاثمئة منزل ومبنى". ودعت حركة حماس في بيان الأسرة الدولية ل"التحرُّك الفوري لوقف جريمة التهجير القسري والتطهير العرقي والمذابح التي ينفّذها جيش الاحتلال" في شمال القطاع. وأطلق ناشطون فلسطينيون على مواقع التواصل حملة "أنقذوا شمال غزة". ع ز/رض
مشاركة :