بعد أن تقلصت حظوظه في المشاركة كجناح أيسر، خاصة مع تألق عبد الصمد الزلزولي مؤخرا، يبدو أن إلياس بنصغير قد وجد ضالته في مركز مختلف. غياب إبراهيم دياز وزياش أتاح الفرصة للمدرب وليد الركراكي لتوظيف بنصغير في وسط الميدان، حيث قدم أفضل أداء له مع المنتخب منذ انضمامه بعد كأس أمم إفريقيا. ما هي الأدوار التي لعبها بنصغير أمام منتخب إفريقيا الوسطى أثناء امتلاك الكرة؟ خلال المباراتين الأخيرتين ضد إفريقيا الوسطى، تمركز بنصغير بشكل أساسي في المساحات النصفية (الهالف سبايس)، كما تظهر خرائط لمسات الكرة الخاصة به. من هذا المركز، كان يعمل تارة على خلق التفوق العددي بجانب الزلزولي وبلعامري. في أحيان أخرى، كان يعتمد على مهاراته الفردية لاختراق الدفاعات بمفرده، وفي لحظات أخرى، كان يتجه نحو الجهة اليمنى، مستفيدا من الحرية التي يمنحها له الركراكي، رغم أن هذه الحرية تجعل المنتخب أحيانا عرضة للخطر خلال الهجمات المرتدة. تواجد بنصغير في مناطق أكثر عمقا جعله قريبا من مرمى الخصوم وهو معطى استغله على أحسن نحو بعدما سجل هدفين في المباراة الثانية التي انتهت برباعية نظيفة لصالح الأسود. لماذا بنصغير مناسب لهذا الدور؟ عدة عوامل ساعدت بنصغير على التألق في هذا المركز. أولها، أنه ليس غريبا عن هذا المركز. ففي الموسم الماضي مع نادي موناكو، سبق له اللعب خلف المهاجم في خطة 3/4/2/1. وحتى هذا الموسم، بالرغم من أنه يبدأ المباراة كجناح أيسر، إلا أنه كثيرا ما يتواجد في المساحات النصفية. تموضع بنصغير في إحدى لحظات مباراة موناكو ومونبلييه هذا الموسم الإمكانيات الفردية لبنصغير كذلك تجعله مثاليا لهذا المركز. من نقاط قوته هي قدرته على اختيار الوضعية الجسدية المثالية لاستلام التمريرات، وهي مهارة حاسمة للاعب يتحرك في مناطق ضيقة ومراقبة. إضافة إلى ذلك، هو يتمتع بمهارات تقنية تمكنه من الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط. غالبا ما يلجأ المدافعون إلى ارتكاب الأخطاء لإيقافه، كما تؤكد الإحصائيات في الدوري الفرنسي حيث يعد أكثر لاعب تعرضا للأخطاء هذا الموسم. إلى جانب قدرته على الاحتفاظ بالكرة، يُعتبر بنصغير من بين أفضل لاعبي الدوري الفرنسي في التقدم بالكرة إلى الأمام. لكنه لا يكتفي بذلك فحسب، بل يستغل تحركاته لخلق فرص تسجيل الأهداف، كما يظهر من إحصائيات التمريرات الحاسمة المتوقعة. هذا ما يميزه عن لاعبين آخرين مثل موسيس سيمون، الذي يجيد التقدم بالكرة لكنه لا يحقق أرقاما عالية في التمريرات الحاسمة المتوقعة. هذه النقطة تحديدا تبرز إيجابيات الاعتماد على بنصغير في وسط الميدان وليس كجناح بعيد. فبوجوده في هذا المركز، يكتسب فريقه لاعبا قادرا على اختراق المساحات الصعبة وترجمة ذلك لفرص سانحة للتسجيل. هل سيحتفظ بنصغير بمركزه بعد عودة إبراهيم دياز وحكيم زياش؟ قدم بنصغير أداء لافتا في وسط الميدان وأثبت قدرته على التألق في هذا المركز، لكن السؤال الكبير يبقى: هل سيتمكن من الحفاظ عليه بعد عودة إبراهيم وزياش؟ سيجد الركراكي نفسه أمام قرار تكتيكي معقد، حيث يجب عليه الموازنة بين استثمار مهارات بنصغير في هذا المركز وبين الاستفادة من الأسماء الكبيرة الأخرى.
مشاركة :