ولد عالم الاجتماع والفيلسوف الإنجليزي ليونارد هوبهاوس في قرية (سانت ايو) عام 1864، وبعد حصوله على شهادة الدكتوراه في الفلسفة عام 1894 عمل في كلية كوربس كريستي وفي مطلع حياته اهتم بالحركات السياسية والاجتماعية حتى صار سكرتيرا لاتحاد النقابات الحر خلال الفترة (1903-1905) وقد اهتم هوبهاوس بدراسة تطور العقل بوصفه العامل الرئيسي في التطور التاريخي ويتجلى ذلك في كتابه «العقل في تطور», وكتابه «الأخلاق في تطور» كشف عن اطلاع واسع دقيق على معطيات الانثروبولوجيا وتاريخ القانون والأخلاق والدين واقام مذهبا بارزا في علم الاجتماع. ويعد أحد المنظرين السياسيين الليبراليين البريطانيين، ومن أوائل انصار الليبرالية الاجتماعية وقدم في هذا الاتجاه كتابه الذي منحه شهرة أكبر في أوروبا «الليبرالية» عام 1911. فبعد أن عمل أكاديميا في أشهر الجامعات البريطانية لعب دورا رئيسيا في تأسيس علم الاجتماع كضابط اكاديمي في عام1907 حيث شارك مع ادورد وسترمارك التميز في أن يكون أول أستاذ علم اجتماع يعين في بريطانيا في (جامعة لندن) العريقة التي تأسست عام 1836 وفي عام 1878 أصبحت أول جامعة تمنح المرأة درجات علمية. عرف عن العالم هوبهوس حبه للقراءة والاطلاع الواسع حيث ألف كتابه المعنون «مبادئ العدالة الاجتماعية» عام1922 ثم كتابه الأشهر الذي يقع في عدة مجلدات يبنى النزعة التطورية بعنوان: «مبادئ علم الاجتماع» صدر في عام 1924 بجانب عدد من الدراسات المقارنة للمجتمعات الإنسانية والدراسات السياسية. ولاسهاماته في تخريج العديد من علماء الاجتماع الانجليز ألف العالم جون أوين كتاب يحمل عنوان (هوبهاوس عالم الاجتماع) عام1974 رصد فيه اسهامات العالم الفذ هوبهاوس العلمية وابحاثه الغنية التي كانت بمثابة الأرضية الصلبة لنمو وتطوير علم الاجتماع في قالبه الأكاديمي. كما عمل كاتبا في صحيفة مانشستر غارديان من خلال تناوله عدد من القضايا في الليبرالية الجديدة وكان هوبهاوس بطبيعته مفكرا اكاديميا واثناء وجوده في جامعة أكسفورد نشر دراسة في الفلسفة المعرفية واتبع ذلك ببحث عن السيكولوجيا المعرفية اعتمدت على دراسات تجريبية وقد شارك فيها. ومن أشهر نظرياته ما تعرف بنظرية التنمية الاجتماعية للعالم هوبهاوس تركز على العلاقة بين الأفراد والمجتمع، حيث يعتبر أن التنمية الاجتماعية تشمل تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأفراد والمجتمعات. وفي هذه النظرية أكد هوبهاوس على أهمية التعليم والتفاعل الاجتماعي كعوامل رئيسية في تحقيق التنمية وتشمل نظرته عدة جوانب: - يعتبر التعليم أساسيًا لتمكين الأفراد من المشاركة الفعالة في المجتمع. - يشدد على دور العلاقات الاجتماعية في تعزيز النمو والتقدم الاجتماعي والحضاري. - يبرز أهمية العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة بشكل يضمن فرص متساوية للجميع. - يربط التنمية الاجتماعية بضرورة تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة بشكل عام. - تسعى نظرية العالم الانجليزي هوبهاوس إلى تحقيق مجتمع أكثر عدلاً وازدهارًا من خلال تعزيز التفاعل الاجتماعي وتعليم الأفراد. ولذلك غالبا مايقال أن السوسولوجيا البريطانية لم تنتج أصحاب نظريات ذوي أهمية مابين هربرت سبنسر وانتوني غيدنز ولكن في الواقع هناك العديد من المساهمات البريطانية للنظرية الاجتماعية ومن بين هؤلاء العلماء الكبار ليونارد هوبهاوس الأكثر منهجية والأكثر انتاجا ولمعانا حيث وضع رؤية سوسيولوجية تركز على بناءات مجتمعات كاملة وعلى الطرق التي تتغير فيها على مر الزمن ووضع كذلك نظرية عن تطور المواطنة في المجتمعات الحديثة ولذلك اعتبر هوبهاوس العالم الاجتماعي بمثابة شبكة او نسيج من العلاقات الاجتماعية التي يمكن ضمنها انشاء بناءات اجتماعية راسخة نسيبا وقابلة للديمومة وتشمل تلك البناءات العائلات ودور العبادة والجمعيات التطوعية وهذه البناءات تنظم من خلال عقلية اجتماعية يحافظ عليها من جيل إلى جيل من خلال عملية التواصل والاختلاط الاجتماعي لتصبح ثقافة وتقاليد. توفي العالم الانجليزي ليونارد هوبهاوس عام 1929 عن عمر يناهز 65 سنة بعد أن ترك ارثا رصينا وانتاجا ثريا في مكتبة علم الاجتماع شكلت مرجعا للباحثين والمهتمين في هذا الميدان الخصب بإسهاماته العلمية وأبحاثه المتنوعة في الدراسات الاجتماعية رغم مرور قرن من الزمن على رحيله.