أنس تركي الثبيتي الابتكار هو أحد الركائز الأساسية التي تعتمد عليها رؤية الوطن الطموحة 2030، تلك الرؤية الطموحة التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة اقتصادية عالمية تستند إلى المعرفة والتكنولوجيا. بفضل التوجيهات الحكيمة لرؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، تسعى المملكة إلى تعزيز مكانتها كقوة رائدة في مجال الابتكار، ليس فقط على المستوى المحلي بل على الساحة الدولية أيضًا. الابتكار لم يعد مجرد أداة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية فحسب، بل أصبح عنصرًا أساسيًا لتحقيق الاستدامة في شتى المجالات، ودافعًا نحو تحقيق التقدم والنمو في مختلف جوانب الحياة. تسعى رؤية المملكة 2030 إلى ترسيخ الابتكار كركيزة أساسية في جميع القطاعات، من التعليم والصحة إلى الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة. وتؤكد المبادرات التي أطلقتها المملكة على أن الابتكار هو الطريق الذي سيقود الاقتصاد الوطني إلى آفاق جديدة من التطور، من خلال بناء بيئة مشجعة للأفكار الإبداعية وتعزيز دور الشباب في تقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه المجتمع. وتأتي هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار في صدارة الجهات التي تدفع بهذا التحول، حيث تلعب دورًا محوريًا في دعم بيئة الابتكار من خلال تقديم التمويل والدعم التقني للباحثين ورواد الأعمال والشركات الناشئة. الهيئة تعمل على تحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع ناجحة وقابلة للتطبيق، كما تسعى إلى بناء جسور التعاون بين الجامعات، مراكز البحث، والصناعة لتعزيز تبادل المعرفة وتشجيع الابتكار المفتوح الذي يسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو مستقبل مشرق ومستدام. صندوق الابتكار التقني العميق والذي يتبع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية هو أحد أبرز المبادرات التي تدعم الابتكار في المملكة. هذا الصندوق يستهدف الشركات الناشئة التي تعمل في مجالات التقنيات العميقة، مثل الذكاء الاصطناعي. الهدف من الصندوق هو دعم هذه الشركات في مراحلها المبكرة، وتقديم التمويل والموارد اللازمة لها حتى تتمكن من النمو وجذب الاستثمارات. المملكة عبر هذا الصندوق تسعى إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار في التقنيات المتقدمة، كما أصبحت المملكة وجهة جذابة للشركات والمستثمرين الذين يسعون إلى المشاركة في تطوير التكنولوجيا المتقدمة على مستوى عالمي. فيما يتعلق بالابتكار في مجال الصحة، تولي المملكة اهتمامًا كبيرًا بتطوير قطاع الرعاية الصحية وجعله في مقدمة أولوياتها. خلال اللقاء الذي نظمته هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار بمشاركة العديد من المبدعين والمهتمين بالابتكار، اجتمعنا مع معالي المهندس عبدالله السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات ورئيس مجلس إدارة الهيئة، حيث تم تسليط الضوء على الدور المحوري للابتكار في تحسين النظام الصحي في المملكة. معاليه أشار إلى أن المملكة شهدت قفزة نوعية في استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول مبتكرة في مجال الرعاية الصحية، كما أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا محوريًا في تشخيص الأمراض والكشف المبكر عن الحالات المرضية، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وتقديم خدمات طبية دقيقة وفعالة. وأكد معاليه كذلك أن الابتكار الصحي يتجاوز مجرد تحسين الخدمات الصحية، بل يمتد إلى تطوير البحوث العلمية التي تساهم في مكافحة الأمراض وتطوير تقنيات علاجية جديدة. من خلال مبادرات مثل "تحدي الابتكار للاستدامة"، يتم تشجيع المبتكرين والشركات الناشئة على تقديم حلول تسهم في الحفاظ على البيئة وضمان استمرارية الموارد الطبيعية. جزءًا مهمًا من رؤية المملكة التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة. هذه الجهود تعزز الابتكار في مجالات مثل الطاقة المتجددة وتقنيات البيئة، مما يجعل المملكة نموذجًا عالميًا يحتذى به في التنمية المستدامة. إلى جانب ذلك، أطلقت الهيئة منصة Saudi Minds ، وهي منصة تجمع قاعدة بيانات شاملة تحتوي على معلومات حول العلماء، الباحثين، والمبتكرين. تتيح هذه المنصة للباحثين عرض أبحاثهم ومشاريعهم الابتكارية والتواصل مع الجهات المهتمة بالشراكات والتمويل، مما يوفر لهم فرصًا للتطوير والدعم. من خلال هذه المنصة، يمكن للمبتكرين الحصول على الدعم اللازم من أجل تحويل أفكارهم إلى مشاريع قابلة للتطبيق، كما تُعد المنصة أداة مهمة لتسهيل الوصول إلى فرص التعاون والتمويل. كذلك، حرصت هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار على توفير أدوات مبتكرة لدعم الباحثين والمبتكرين في المملكة. من ضمن هذه المبادرات، تم إطلاق بوابة الوصول المفتوح للبنية التحتية البحثية، التي تهدف إلى تعزيز الابتكار من خلال جذب العلماء والباحثين المحليين والدوليين. تعمل هذه البوابة على تسهيل وصول الجهات المعنية إلى البنية التحتية البحثية في المملكة، مما يساهم في دعم المبتكرين والمبدعين وتشجيعهم على تطوير أفكار جديدة. يمكن للمهتمين التسجيل والاستفادة من هذه البوابة لتعزيز مشاريعهم الابتكارية ودفع عجلة التطور في مجالات البحث المختلفة. ختامًا الابتكار لم يعد مقتصرًا على قطاع واحد، بل يشمل جميع جوانب الحياة، من الصناعة والتكنولوجيا إلى التعليم والرعاية الصحية. دامت بلادنا شامخة.
مشاركة :