مقاربات نقدية في فن القصة في الإمارات

  • 5/11/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يكتبها: يوسف أبولوز .. يرجع ظهور القصة القصيرة في شكلها الفني في دولة الإمارات إلى بداية السبعينات أو نهاية الستينات إذا أخذنا برواية القاص عبد الحميد أحمد، وهي رواية لن تغير من واقع النشأة المتأخرة نسبياً لهذا الجنس الأدبي أو قل الأجناس الأدبية، عن نشأتها في بعض الأقطار العربية وبعض الدول الخليجية... يعتبر بعض متابعي فن القصة القصيرة في الإمارات أن عمرها الذهبي يعود إلى ثمانينات القرن الماضي بظهور أسماء معمرة في الذاكرة الثقافية الإماراتية مثل: سلمى مطر سيف، مريم جمعة فرج، ناصر الظاهري، ناصر جبران، إبراهيم مبارك وغير هذه الأسماء اللامعة فعلاً في هذا الفن السردي الذي سيشهد في الإمارات مراحل عدة على أيدي كتاب وكاتبات شابات، بل، وسوف يستدرج هذا الفن هؤلاء الكتاب إلى الرواية التي تشهد اليوم حضوراً ملحوظاً خصوصاً في السنوات الأخيرة. القصة القصيرة، إذاً، في الإمارات شأنها شأن الشعر مكون رئيسي من مكونات المشهد الثقافي الإماراتي، وسوف تلقى اهتماماً نقدياً مبكراً من جانب نقاد عرب تابعوا الرموز القصصية الفاعلة في الإمارات خصوصاً في مرحلة الثمانينات ومن هؤلاء: الناقد السوري محمد جمال باروت، والكاتب البحريني بدر عبدالملك. يمتلك د. صالح هويدي رؤية نقدية ناضجة تستند إلى ثقافة عميقة كما تستند إلى ما يمكن تسميته مشروعاً نقدياً ثقافياً واضح الملامح، فالرجل يشتغل في النقد الأدبي والتنظير - الهادئ الرصين له منذ أوائل تسعينات القرن الماضي، ومن كتبه التي صدرت في تلك الآونة الترميز في الفن القصصي العراقي - 1990 - بغداد، وله دراسة صدرت في 1992 بعنوان التوظيف الفني للطبيعة في أدب نجيب محفوظ، وعاد ليكتب حول القصة القصيرة في العراق بإصدار كتاب في العام 1993 بعنوان بنية الرؤيا ووظيفتها في القصة العراقية. نحن إذاً أمام حيوية نقدية ذات رؤية ومنهج وأدوات يمتلكها د. هويدي الذي اشتغل مبكراً على القصة والرواية، إضافة إلى قيمته الأكاديمية الرفيعة (دكتوراه في الأدب الحديث ونقده من جامعة بغداد عام 1986)، ولقد أردت من وراء هذه المعلومات القول إن قارئ د. هويدي في مجال مقارباته للقصة القصيرة في الإمارات عليه أن يكون مطمئناً إلى رجل له خبرة في النقد الأدبي، وأكثر من ذلك له حضور محترم في الساحة الثقافية الإماراتية. أصدر د. هويدي جبل السرد العائم وهو مقاربات نصية في القصة الإماراتية القصيرة - بعد شغل ميداني، وتفاعل ثقافي مع البيئة الأدبية في الإمارات بروحية مثقف مخلص إلى أدواته الثقافية أولاً، ثم، ثانياً مخلص للمشهد الثقافي الذي يعيش فيه، وهو جزء منه، وهكذا جاءت هذه الدراسة لتكون، بالفعل، إضافة نوعية للمكتبة النقدية الأدبية في الإمارات. يتألف (جبل السرد العائم من أقسام ثلاثة يتفرع عنها عشرات العناوين الفرعية بلغة نقدية شفافة وتكشف عن مختبر بالغ الحيوية للدكتور هويدي.. أما لماذا اختار هذا العنوان (جبل السرد العائم) فربما نجيب عن هذا السؤال من خلال ما قاله د. هويدي في المقدمة حيث يعتبر أن المرأة تأخذ قصب السبق في الكتابة القصصية.. حتى كأن هذا السرد، كما يقول.. وقد بدا أشبه شيء بجبل الجليد العائم، الذي يخفي أكثر مما يظهر. أقسام الكتاب الأساسية دارت في العناوين المركزية التالية: (التنظير لمسيرة السرد الإماراتي) و(مقاربات نصية لعوالم القصاصين)، ويتبع د. هويدي هذين القسمين بقسم ثالث هو ملحق بالنصوص القصصية المختارة لأحد عشر قاصاً وقاصة من الإمارات. ماذا أراد د. هويدي من وراء هذه المقاربات النقدية؟ يقول أردت أن أقدم قراءات نصية في مسيرة وإنجاز عدد من القصاصين الإماراتيين، من راحل زمنية مختلفة، إذ لم يكن قصدي التأريخ لمسيرة القصة أو القصاصين، بقدر ما أردت الكشف عن خصوصية منجز كل منهم. في هذا السياق يختار د. هويدي نصوصاً لكل من: عبدالحميد أحمد، عبدالرضا السجواني، سلمى مطر سيف، فاطمة الكعبي، ابتسام المعلا، مريم الساعدي، فاطمة المزروعي، باسمة يونس، أسماء الزرعوني، ليلى سالم الصم، مريم سعيد المري.. ويبني على هذه المختارات جبله السردي العائم. الكتاب يقرأ بمستوى نقدي بالطبع أولاً وثانياً، ولكنه في الوقت نفسه يؤشر إلى نوع خفي من التأريخ للقصة القصيرة في الإمارات. الكتاب: جبل السرد العائم - مقاربات نصية في القصة الإماراتية القصيرة (نقد). المؤلف: د. صالح هويدي. الناشر: وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بالتعاون مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات (الطبعة الأولى 2011).

مشاركة :