كل يوم يقترب مشروع تطوير مطار الملك عبدالعزيز من الانتهاء؛ تتزايد لهفة الناس على الوصول إلى يوم اكتماله وتشغليه، فهو مشروع طال انتظاره، وكثرت المطالبات به، واشتدت الحاجة إليه، لذلك فالمشروع يُشكِّل في مجمله تحقيقًا لآمال وطموحات وتطلعات متراكمة. وفي كل مرحلة من مراحل الانشاء؛ يقوم مسؤول بزيارة الموقع، ونراه وهو يتجوَّل، ونسمعه وهو يُصرِّح، فتكبر أحلامنا، ويتنامى إعجابنا بما نرى وبما نسمع، فنتلهَّف أكثر لذلك اليوم الموعود. المطار العملاق سيكون بلا شك فخرًا لنا، فالصور الصادرة بعد كل مرحلة تشهد بأنه مبنى يتمثل آفاقًا عصرية تتماشى مع الرؤية المستقبلية لخطة التنمية التحولية، ففخامته وضخامته وتصميماته الراقية تجعله معلمًا حيويًّا يتواكب مع متطلبات الحركة الاقتصادية، ويدعم البنية الاستثمارية لمنطقة مكة المكرمة. وأول ملمح يتمثل ذلك الدور الهادف هو إمكانية الوصول إلى المطار ليس فقط من محاور الطرق الإسفلتية المجاورة، بل ومن سكة حديد الحرمين ومن ترام المترو، وذلك في تشابك رائع بين وسائل النقل المختلفة التي يتم إنجازها في أوقاتٍ متقاربة، ليتم الاستفادة منها في شكل تكاملي بديع. في مراحل متدرجة، سيرفع المطار درجته الاستيعابية إلى 80 مليون مسافر سنويًّا، وقد تهيأ لذلك الهدف بالمباني الضخمة والمعدات والتجهيزات والتقنيات الحديثة، فله 200 كاونتر لإنهاء إجراءات السفر، و46 بوابة لصعود الطائرة، ونظام آلي لنقل المسافرين إلى صالات السفر، وبه مصاعد وسيور أرضية، وأنفاق وجسور متحركة لخدمة الطائرات من مختلف الأحجام، كما له برج ملاحي هو أعلى ثاني برج في العالم. كل التفاصيل الدقيقة التي تدخل في ضخامة هذا المنجز الوطني الهائل؛ تزيد من انبهار الزائرين، فمن تطبيق إمداد الطائرات بالوقود والمياه عبر تمديدات تحت الأرض، إلى مواقف السيارات متعددة الطوابق، ومن المباني الخدمية المساعدة والرقابية، كالإنقاذ والإطفاء وإدارة الأزمات، والبيانات والصيانة والخدمات والتحكم، إلى فندق ركاب الترانزيت الكبير بتصميماته الحجازية الأصيلة. شرائح أما من الناحية الجمالية فسيكون بالمطار حديقة داخلية بمساحة 18 ألف م2، وحوض مائي لأسماك الزينة بارتفاع 14.2م وقطر 10م من أجل أن يتماشى المطار مع بيئة جدة البحرية. كما ستزين المطار الجديد أربع منحوتات ضوئية من الفن المعاصر تحمل اسم (الفجر)، فاز بتقديمها الفنانان نيل موسون وجونو ريتاليك، في مسابقة عالمية وبعد منافسة شرسة. وتستوحي هذه المنحوتات حركة السحب، وتستخدم انعكاس الإضاءة الثنائية فوق شرائح الأكريليك التي تدل على تجربة السفر وبهجتها، وعلى حرية الطيران وروح الانطلاق. لقد حظي هذا المشروع بمتابعة دقيقة من سمو أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل؛ لشدّة اهتمامه وحرصه على بروزه فوق أرض الواقع في هيئة مشرفة تستحقها المرحلة التاريخية ومكانة المملكة واحتياجات مواطنيها. ويطمح خالد الفيصل أن يُمثِّل هذا المشروع وغيره من المشاريع المستقبلية الضخمة نقلة إلى العالم الأول، فكلها تقوم وفق أعلى المقاييس العالمية لتُشكِّل ازدهارًا كبيرًا في البلاد. كلما اكتمل مشروع جبار نرفع به رؤوسنا؛ وضعنا أكفّنا على قلوبنا تخوّفًا من أشباح الإهمال التي تُهدِّد بتشويهه وتشتيت طموحاتنا. ونحن إذ نشكر جهودك سمو الأمير، وندعو لك بالتوفيق وتحقيق آمالك لخير هذا الوطن، نجد في أنفسنا أملًا بأن تستمر هذه المتابعة وهذا الحرص حتى بعد التشغيل، فخطة إنشاء هذا المطار لا تكتمل إلا باستمرارية خدمة الأهداف التي قام من أجلها، ولكي يتكلل جمال هذا المطار وضخامته بالنجاح لا بد من متابعة صيانته ونظافته، ولا بد من الحرص على صقل مهارات العاملين بلا انقطاع ولا توقُّف.
مشاركة :