إن الله لا يحب الفرحين

  • 5/13/2016
  • 00:00
  • 67
  • 0
  • 0
news-picture

تزامنا مع الأوامر الملكية التي صدرت السبت الماضي، والتي تهدف إلى استنهاض الطاقات والقدرات البشرية ومؤسسات الدولة انسجاما مع «خطة التحول الوطني» و«رؤية السعودية 2030»، والتي تهدف في مجملها إلى تحقيق نقلة حضارية مهولة على جميع الأصعدة وكافة المستويات لمواكبة المتغيرات، كانت هناك بعض من ردود الفعل المتناقضة والعجيبة في الفضاء الافتراضي حول صدور الأمر الملكي القاضي بإنشاء الهيئة العامة للترفيه، وهي الجهة الحكومية التي ستكون معنية برفاهية وسعادة المواطنين وفق الضوابط الشرعية والاجتماعية، وبلغ الأمر مبلغه إلى درجة أن البعض يرى وجوب تحريمها من باب سد الذرائع أو «منع ما يجوز، لئلا يُتطرق به إلى ما لا يجوز»، ليشكلوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي حالة من الإحباط ومقاومة التغيير وجبل عثرة أمام المباح في إدخال الفرحة والبهجة والسرور في قلوب المواطنين. ولا شك أن هذه الفئة من المتشائمين والممتعضين وأصحاب العقول المتحجرة ضد «الترفيه»، لا يمكن أن يكونوا أغلبية في مجتمعنا بل هم فئة صغيرة خدمتها القدرة الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي في تحقيق انتشار وترويج لآرائهم السلبية والمتطرفة، وإلا لما بلغ إنفاق السعوديين على السياحة الخارجية أكثر من 77 مليار ريال العام الماضي وبزيادة تتجاوز 4% عن العام الأسبق، وذلك على الرغم من المشكلات الأمنية القائمة في بعض الدول العربية، والتشديدات الأمنية المضاعفة في دول أوروبا والولايات المتحدة، والتي تعد من أهم الوجهات السياحية، ومع ذلك زار قرابة خمسة ملايين سعودي مشارق الأرض ومغاربها الصيف الماضي لغرض الترفيه والترويح عن أنفسهم. وهذه الفئة من المتشائمين وبعض المتشددين تقود حملة تشويه مفتعلة وممنهجة ضد «هيئة الترفيه» من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل التقنية بهدف التأثير على الرأي العام، حتى ولو وصل الأمر إلى اختلاق الأكاذيب والافتراءات حول مفهوم «الترفيه»، وهناك من يروج لمفاهيم خاطئة تماماً. ومن بين بعض المشاهدات في هذا الشأن، استوقفني «تعليق» لأحد متصفحي موقع صحيفة «عكاظ» الإلكتروني، رداً على الخبر المنشور في عدد الأحد الماضي، بعنوان: «هيئة الترفيه.. أول جهة حكومية تعنى بسعادة السعوديين»، حيث استشهد بقوله تعالى (إن الله لا يحب الفرحين)، ليستدل بالآية الكريمة لتحريم الترفيه، وهذا غير صحيح، فهذه الآية الكريمة نزلت في قصة قارون (إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين) والقصد من ذلك الفرح الذي يصحبه الكبر والبغي على الناس والعدوان والبطر واحتقار الناس، وهذا لا علاقة له بمفهوم الترفيه وحق الإنسان في إدخال السرور إلى نفسه بما لا يغضب الله، وللأسف وجد هذا التعليق تأييد البعض، وهكذا تنتشر الأفكار الخاطئة عن عمد وغير عمد من قبل من تجذرت لديهم مفاهيم مغلوطة بأن الترفيه حرام وغير مباح ويجب الحذر منه. وهؤلاء يغضون البصر أو يتغافلون عن أن الترويح في الإسلام أمر مشروع، كما جاء في قصة حديث حنظلة رضي الله عنه في صحيح مسلم، حين قال يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأيُ عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده أن لو تَدُومُون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فُرُشِكم وفي طُرِقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات»، وكذلك الأثر الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (روحوا القلوب ساعة وساعة). ولذلك هناك من يتآمر لحجب الفرح والسعادة والترفيه عن المجتمع، ولا يجب أن نلتفت لمن يكبل الفرح والسرور لأن قلبه الخشبي وفكره المتحجر تأصل على التشدد ويريد فرض وصايته المتطرفة على المجتمع.. هؤلاء وفكرهم وطرحهم العابس لا مساحة له في 2030 إذا أردنا تحقيق تطلعاتنا وطموحنا.

مشاركة :