القاهرة: محمد عبده حسنين قالت مصادر أمنية متطابقة إن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي حاول الإطاحة بقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي قبل أيام من عزله، بسبب خلافات عميقة بين مؤسسة الرئاسة التي كانت تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين والقوات المسلحة بقيادة السيسي، حول كيفية التعاطي مع عدد من القضايا المهمة؛ أبرزها الوضع الأمني في سيناء. وعزل الجيش مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، في الثالث من يوليو (تموز) الحالي بعد نزول ملايين المصريين للشوارع للمطالبة بتنحيته يوم 30 يونيو (حزيران) الماضي، في ذكرى مرور عام على توليه الحكم.. لكن الآلاف من الإسلاميين أيضا لا يزالون معتصمين في عدة ميادين بالقاهرة؛ أبرزها «رابعة العدوية»، للمطالبة بإعادته للرئاسة. وتتهم جماعة الإخوان السيسي بالانقلاب ضد الرئيس المنتخب وتقويض الديمقراطية. ويقبع مرسي حاليا في منشأة تابعة لوزارة الدفاع، لم يكشف عنها. ويقول الجيش إنه يعامل معاملة كريمة. وقال اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للدراسات السياسية والاستراتيجية، والقريب من الدوائر العسكرية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن مرسي كان يعد العدة في الأشهر الأخيرة من حكمه للإطاحة بالفريق أول عبد الفتاح السيسي، والفريق صدقي صبحي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بإيعاز من مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت تصر على هذا الموقف، بسبب الخلافات العميقة. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية عن مصادر قولها إن مرسي لم يظهر نواياه الحقيقية حتى الأول من يوليو الحالي، بعد مظاهرات 30 يونيو الحاشدة ضده، عندما أعطى قائد الجيش مهلة للرئيس 48 ساعة لإيجاد حل مع معارضيه أو أن الجيش سوف يتدخل، وأوضحت المصادر أن مرسي أبلغ اللواء أحمد وصفي قائد الجيش الثاني الميداني، ومقره منطقة قناة السويس، في محادثات سرية، رغبته في إحلاله محل السيسي، لكن وصفي رفض ذلك وأبلغ السيسي بهذه المكالمة. غير أن اللواء سيف اليزل نفى هذه المعلومات، مؤكدا أن «الحديث عن رغبة الرئيس السابق في تعيين وصفي محل السيسي أمر غير صحيح، وفي كل الأحوال فإن وصفي لم يكن ليقبل إطلاقا»، مؤكدا قوة وتماسك المؤسسة العسكرية المصرية. وعقب عزل مرسي، انتشرت شائعات على مواقع الإنترنت التابعة لجماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها، تزعم انشقاق اللواء وصفي عن الجيش لاعتراضه على ما وصفوه بأنه «انقلاب عسكري على شرعية رئيس منتخب»، وهو ما تم نفيه لاحقا وثبت عدم صحته تماما. وفي تصريح له، شدد اللواء وصفي على أن «الجيش لن ينقسم تحت أي ظروف، لأنه غير طامع في سلطة، ولا يهدف إلا لمصلحة الوطن»، واصفا شائعات انقسام الجيش بـ«المخجلة». وقبل عشرة أيام، ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع أن اللواء وصفي تعرض لمحاولة اغتيال من قبل أشخاص مجهولين أطلقوا النيران على موكبه أثناء تفقده الحالة الأمنية في مدينة الشيخ زويد. وهو ما فسره مراقبون بأنه محاولة من الإسلاميين للانتقام منه لرفضه الاستجابة لطلب مرسي. وقال مسؤولون أمنيون في الاستخبارات المصرية لوكالة «أسوشييتد برس» إن قائد الجيش (السيسي) كان يعتقد أن مرسي يقود البلاد إلى حالة من الاضطراب، وأن درجة الخلاف بين الرئاسة والجيش توحي بأن الجيش كان يخطط منذ شهور لتحمل قدر أكبر من السيطرة على مقاليد السياسة في مصر، معتبرة أن حركة «تمرد» التي دعت لتنحي مرسي في مظاهرات 30 يونيو، وفرت فرصة ذهبية للجيش وقادته للتخلص من الرئيس مرسي. وذكر مسؤولون أن الخلافات بين السيسي ومرسي ترجع لقلق الجيش من إطلاق مرسي اليد للمتشددين الإسلاميين في شبه جزيرة سيناء، وأنه طالب السيسي بوقف الحملات الأمنية ضد الجهاديين، بعد حادث مقتل الجنود المصريين الـ16 في رفح خلال شهر رمضان العام الماضي. وقال سيف اليزل لـ«الشرق الأوسط» إن رفض الرئيس السابق الكشف عن المتهمين في هذا الحادث ومعاقبتهم كان سببا رئيسا في خلاف الجيش معه، متوقعا أن تعلن القوات المسلحة تفاصيل هذا الأمر قريبا، بالإضافة إلى رفضه (مرسي) الحملات الأمنية لتعقب الجهاديين وهدم الأنفاق مع غزة، التي يتم تهريب الأسلحة ودخول المسلحين إلى مصر منها للعبث بأمن سيناء، وأيضا القبض على خاطفي الجنود المصريين السبعة بسيناء في مايو (أيار) الماضي. وقال مسؤولون إن الجيش حدد نشطاء في غزة شاركوا في مقتل الـ16 جنديا، لكن مرسي رفض طلب السيسي من حماس تسليمهم للمحاكمة. ونفت حماس مرارا أي دور لها في عمليات القتل. وقالت مصادر إن المؤسسة العسكرية بدت في الفترة الأخيرة على قناعة بأن جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق مرسي يضعون طموحهم الإقليمي الإسلامي فوق المصالح الأمنية في مصر، بتحالفهم مع حركة حماس في غزة والجماعات الإسلامية الأخرى، وهو ما أزعج العسكريين. وعانت شبه جزيرة سيناء، بالقرب من الحدود المصرية مع إسرائيل، حالة غياب أمني منذ ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بحكم حسني مبارك عام 2011 قبل أن يتصاعد العنف بشكل ملحوظ منذ أسبوعين عقب عزل الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وكان «الإخوان» يعتقدون أن السيسي كان متعاطفا مع أجندتهم الإسلامية، وهو ما دفع الرئيس المعزول لتعيينه وزيرا للدفاع بعد الإطاحة بالمشير حسين طنطاوي في أغسطس (آب) العام الماضي. وقال مسؤولون في المخابرات والدفاع في وقت مبكر من شهر أبريل (نيسان) الماضي، إن الجيش وجه خطة طوارئ للسيطرة على البلاد في حال تصاعد العنف في الشوارع ضد مرسي.
مشاركة :