حمل مشروع قانون المالية لسنة 2025 عدة مستجدات على المستوى الجبائي، ويرتقب أن تهم ضرائب جديدة على صناع المحتوى الرقمي أو "المؤثرين" على مواقع التواصل الاجتماعي، علاوة على ممتهني التجارة الإلكترونية. في 3 أسئلة مع 2m.ma، يوضح مهدي إدريسي، الباحث في السياسات الجبائية، المواد التي جاءت ضمن مشروع قانون المالية الخاصة، التي تسعى إلى توسيع الوعاء الضريبي، ومنها الضريبة التي تخص صناع المحتوى الرقمي. ما هو السياق العام للتعديلات الضريبة والجبائية المرتقبة؟ التعديلات الضريبية التي تضمنتها قوانين المالية للسنوات السابقة، ومن ضمنها التعديلات المقترحة على مشروع قانون المالية لسنة 2025، تأتي في إطار تنزيل توصيات المناظرة الوطنية للجبايات لسنة 2019، وتفعيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي رقم 19/69 لسنة 2021، اللذان أكدا على مبدأ المساواة امام الضريبة، توسيع الوعاء الضريبي ونص أيضا على تكتيف عمليات محاربة الغش والتهرب الضريبي. ماهي بالضبط مواد مشروع قانون المالية المعنية بهذه الضرائب الجديدة؟ جاءت المادة 8 من مشروع قانون المالية لسنة 2025 لكي تغير وتتمم مجموعة من مواد المدونة العامة للضرائب (المحدثة بموجب قانون المالية لسنة 2007)؛ لعل أبرزها تلك التي همت الباب الثالث من القسم الثاني من الكتاب الأول، حيث أضيف إلى هذا الباب، الفرع السادس تحت مسمى "الدخول والمكاسب الأخرى". فالأمر هنا يتعلق بإحداث صنف سادس جديد من الدخول والأرباح، تهم حسب المادة 70 المكررة 3 أنواع: -الدخول التي تم تقييمها في إطار مسطرة فحص مجموع الوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين المنصوص عليها في المادة 216 والتي لم يبرر مصدرها. -مكاسب ألعاب الحظ النقدية أو العينية كيفما كان شكلها. -الدخول والمكاسب المختلفة المتأتية من عمليات هادفة للحصول على ربح والتي لا ترتبط بصنف آخر من الدخول. فالصياغة التي جاء بها النوع الأخير من الصنف السادس تجعلنا نقول إن جميع الأنشطة المدرة للربح، وجميع الدخول المتأتية من مزاولة أنشطة مدرة لدخل أصبحت ضمن نطاق الفرض الضريبي، ومن ضمنها دخول وأرباح صناع المحتوى أو ما يطلق عليهم المؤثرون بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي وممتهني التجارة الإلكترونية. الأمر إذن لن يمكن صناع المحتوى من الإفلات مستقبلا من الرقابة الضريبية؟ يجب التأكيد على أن بعض من هؤلاء يشتغلون بشكل منظم سواء تعلق الأمر بنظام المقاول الذاتي أو نظام المساهمة المهنية الموحدة أو حتى في بعض الأحيان نظام المحاسبة (نظام النتيجة الصافية الحقيقية أو نظام النتيجة الصافية المبسطة)، ويصرحون برقم أعمالهم وأرباحهم، وبالتالي يوجدون في وضعية سليمة اتجاه إدارة الضرائب، بينما هناك الكثيرون من يشتغلون وراء الستار ويحققون مداخيل وأرباح مهمة دون أن تستفيد خزينة الدولة منهم. فهذه المقتضيات الجديدة تسري عليهم وتخاطبهم بشكل صريح، مع ضرورة البيان والإشارة إلى أنه حتى في ظل غياب هذا المقتضى الجديد عن المدونة العامة للضرائب، كانت الإمكانية قائمة أمام الإدارة الضريبية لمراقبتهم وإخضاعهم للضريبة من خلال الاستناد على تفسير مقتضيات متفرقة من قبيل المادة 22 الخاصة بأصناف الدخول أو المادة 30 في فقرتها الثانية (الدخول التي تكتسب طابع التكرار) ، لكن الآن يمكن القول إن الأساس القانوني أصبح أكثر وضوحا لإخضاعهم للتضريب.
مشاركة :