ضمن الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لمكافحة آثار الجفاف على مستوى العالم، أطلقت المملكة بالشراكة مع عدد من الأطراف، شراكة الرياض العالمية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف خلال اليوم الأول من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر "كوب 16" الذي تستضيفه الرياض في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر الجاري. وبالشراكة مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والدول والمنظمات الدولية وأصحاب العلاقة الآخرين، ستعمل المبادرة على تحفيز التحول في كيفية التعامل مع تحديات الجفاف في جميع أنحاء العالم. وبالاعتماد على التأثير الجماعي للمؤسسات العالمية الكبرى، ستتحول آليات مواجهة الجفاف بطريقة جذرية، وبدلاً من الاستجابة الطارئة بعد وقوع الأزمات، سيتم التعامل معها وفق نهج استباقي، وذلك من خلال تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والتمويل وتقييم جوانب الضعف، والتخفيف من مخاطر الجفاف. وقال د. أسامة فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون البيئة، ومستشار رئاسة مؤتمر الأطراف "كوب 16" الرياض: "ستعمل شراكة الرياض العالمية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف كمبادرة لتيسير العمل المشترك القائم على التعاون والتنسيق حول العالم، كما ستكون بمثابة "نقطة مركزية شاملة" لتعزيز القدرات والاستعدادات لمواجهة تحديات الجفاف. وستلعب أيضاً دوراً مهماً للغاية في دعم الجهود الرامية للتحول من الاستجابة الطارئة التي تقتصر على تقديم العون والإغاثة بعد وقوع أزمات الجفاف، إلى الاستعداد المسبق لها. ونسعى في الوقت ذاته إلى توفير الموارد العالمية لإنقاذ الأرواح وسبل العيش في جميع أنحاء العالم". وأضاف د. فقيها: "إننا ندعو كافة الدول والشركات والمؤسسات المعنية والعلماء والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية والمجتمعات، للانضمام إلى هذه الشراكة المهمة، واتخاذها مكوناً رئيسياً من حركة عالمية لبناء مستقبل قادر على مواجهة الجفاف. وبما أنها تعدّ ضرورة بيئية واقتصادية، يتعين علينا الانطلاق من نهج استباقي لمواجهة الجفاف، والابتعاد عن الممارسات السابقة التي كانت تقوم على تقديم الإغاثة في حالات الطوارئ بعد وقوع الكارثة. ومن المؤكد أن هذه الطريقة ستكون أكثر فاعلية وأقل كلفة. ومما لا شك فيه أنه من خلال عملنا المشترك كمجتمع دولي، سنتمكن من إبطاء التأثير المدمر للجفاف، وعكس اتجاه مساره التصاعدي، خاصة وأننا نمتلك الأدوات اللازمة التي تساعدنا على اتخاذ الإجراءات الحاسمة. وهنا تكمن أهمية شراكة الرياض العالمية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف التي تضمن توجيه جهودنا بتناغم تام لتحقيق النتائج التي نتطلع إليها جميعاً". وتحت إشراف الأعضاء المساهمين، ستتولى هذه الشراكة إدارة مكتب دائم لربط الدول والمجتمعات المعرضة للخطر بالموارد الحالية المتاحة، إلى جانب التعاون والتنسيق مع المبادرات الجاري تنفيذها في هذا المجال على مستوى العالم، من أجل مضاعفة التأثير الإيجابي. وستعطي شراكة الرياض الأولوية أيضاً لإطلاق آليات تمويل جديدة لمواجهة الجفاف، إلى جانب زيادة فرص الحصول على الائتمان وتمويل الأسهم ومنتجات التأمين والمنح المالية. وحرصاً منها على ضمان توفير الدعم للعمليات المستدامة وتحقيق التأثيرات طويلة الأجل، ستغطي المملكة العربية السعودية نفقات مكتب الشراكة لمدة 10 سنوات على الأقل. وقال إبراهيم ثياو، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر: "مع أنه لا توجد دولة محصنة ضد الجفاف، يعيش 85% من الأشخاص المتضررين منه في دول منخفضة ومتوسطة الدخل. وفي ظل عالمنا الراهن مترابط الأركان في الكثير من المجالات والأنشطة، تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية، كما تربطنا مصلحة مشتركة تستدعي مشاركة الجميع في كل مكان، للتعامل مع آثار الجفاف الكارثية التي لا تستثني أي دولة. إنني على ثقة تامة من أن شراكة الرياض العالمية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف ستلعب دوراً مهماً في حشد التمويل والإرادة السياسية لمستقبل أكثر استدامة". تجدر الإشارة إلى أن موجات الجفاف تؤثر على كافة أركان الأرض تقريباً، وطالت تأثيراتها 1.84 مليار شخص في عام 2022، وأعلنت أكثر من 55 دولة حالات الطوارئ بسبب الجفاف بين عامي 2020 و2023، وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وفي الوقت نفسه، يبدو أن تأثيرها يزداد سوءاً. ففي أفريقيا، تأثر 38% من مساحات الأراضي على مستوى القارة بالجفاف بين عامي 2016 و2019 وفق التقارير الرسمية، وشهدت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي دماراً مماثلاً، حيث تأثر 37.9% من مساحة الأراضي خلال نفس الفترة، بناءً على تقارير صدرت عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. ويعتبر الجفاف السبب الرئيسي لانعدام الأمن الغذائي والمائي، كما أدى إلى نزوح الملايين، فضلاً عن تكبُّد الدول المتضررة خسائر اقتصادية فادحة.
مشاركة :