بياض التفاؤل ورمادية التشاؤم | عبدالرحمن عربي المغربي

  • 5/15/2016
  • 00:00
  • 67
  • 0
  • 0
news-picture

المتفائل يبدأ يومه الصباحي برشاقة وهو يبتسم أمام المرآة، يتعطَّر وهو يُردِّد بينه وبين نفسه بأن كل شيء سيكون على ما يرام، يبتسم لكل من يلتقيه، ويتوقع دائمًا أن كل تفاصيل يومه تحمل الكثير من النجاحات، وأن النشرات الإخبارية ستحمل البشرى بانتهاء كل أزمات العالم، وأن الطقس ربما تتعدَّل درجة حرارته؛ رغم أننا في فصل الصيف، يبتسم رغم كل الظروف، مثل ازدحام الطرقات، أو من ذلك السائق المُتهوِّر الذي كاد أن يصطدم بسيارته أكثر من مرة، إلا أنه يُعطيه العُذر في ذلك، ويظل برغم ذلك مُتفائلًا، وعندما يتوقَّف عند الإشارة الحمراء، يتحرك بنظرات عينيه المُشعّة بالسعادة، وكأنه يُرسل رسائل إيجابية كلها تفاؤل لمن حوله. فالتفاؤل، هو حسن الظن بالله، وهو يعني أن تتوقع الخير، وأن ترى أن ما عند الله هو الأفضل، وأن تكون غنيًا بالله عن الناس، فالمتفائل صفة العظماء والناجحين والمبدعين في الحياة، والدين الإسلامي دين تفاؤل واستبشار، وسعادة وثقة، وانقياد لله سبحانه وتعالى واستسلام، عليه يتوكل المتوكلون، وعليه يُحسن الظن المؤمنون. التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وتعالى، والمتشائم دائمًا ما يُلقي اللوم على الحظ السيئ في كل مطب يقع فيه، ويُقارن بينه وبين الآخرين ممَّن حققوا نجاحات في حياتهم بفضل التخطيط الجيّد الذي يفتقده، ولا تُفارق عيناه النظرة السوداوية لكل شيء في حياته، والابتسامة لا تكون حاضرة إلا في المناسبات التي تستدعي ذلك، ثم سرعان ما تعود تعابير وجهه إلى طبيعتها الجامدة، لا يُؤمن بالتطوير ولا بالتجديد، ويتوقع دائمًا الأسوأ لكل مشكلة تُواجهه، أو ممّن يُحاول الاستعانة به لمساعدته في حلها، ويرفض كل محاولة لإخراجه من عقدة الذنب أو جلد الذات في أنه المسؤول دائمًا عن فشله، أو فشل الآخرين، وهو التفكير السلبي في رؤية الأشياء، والمبالغة في تقييم الظروف والمواقف.. وهناك الكثير من المتشائمين ينظرون إلى الإيجابيات والإنجازات على أنها محض صدفة، أو ضربة حظ، لم تخضع للتخطيط. إن النظرة المتفائلة تُشبه ابتسامة على ثغر طفل، تشبه زهرة متفتحة على غصن، ونستطيع أن نعيش دائمًا بتفاؤل وثقة وحسن ظن بالله؛ الذي وعد عباده فيما ورد في الحديث القدسي قوله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء). الحياة لا تحتمل وضع الفرضيات المُعقَّدة، ولا التفكير من داخل الصندوق الضيّق للبحث عن حلول لمشكلات قد يكون حلها مُجرَّد جرعة تُفاؤل، تُحوِّلك إلى فنان ترسم لوحة حياتك بألوان وردية، وتجعل شخصيّتك جذَّابة تبعث التفاؤل، وروحك تُشبه الفراشة التي تطير بين الزهور، فالطرق المُظلمة نستطيع أن ننيرها بشموع الأمل. * رسالة... سيكون يومك مشابهًا للتعبير المرتسم على وجهك، سواء كان ذلك ابتسامًا، أو عبوسًا. ستيفن كوفي maghrabiaa@ngha.med.sa

مشاركة :