علقت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على الأحداث في سوريا، بعد إعلان فصائل المعارضة السورية "تحرير مدينة دمشق وإسقاط بشار الأسد". وقالت جامعة الدول العربية إنها تُتابع باهتمام بالغ التطورات المتسارعة في سوريا، معتبرة تلك اللحظات واحدة من أهم وأخطر اللحظات في تاريخها الحديث. وأضاف بيان الأمانة العامة للجامعة العربية أن "المرحلة الدقيقة الحالية تتطلب من جميع السوريين إعلاء مفاهيم التسامح والحوار وصون حقوق جميع مكونات المجتمع السوري ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار". وطالبت الجامعة العربية الفصائل السورية بـ "التحلي بالمسئولية وضبط السلاح حفاظاً على الأرواح والمقدرات، والعمل علي استكمال عملية الانتقال السياسي على نحو سلمي وشامل وآمن". وشددت الأمانة العامة للجامعة العربية على أن الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وسيادتها ورفض التدخلات الأجنبية بكافة أشكالها تظل عناصر محورية وأساسية في الإجماع العربي حيال سوريا يتعين صونها والدفاع عنها. في تحليله للوضع السّوري بعد إعلان فصائل المعارضة "تحرير دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد"، يرى المحلل السياسي عصام لعروسي، ضمن فقرة 3 أسئلة إلى أن هذا الحدث، وإن كان يُمثل انتصاراً، إلا أنه يبقى هشاً، ومحاطاً بتساؤلاتٍ جديّة حول مستقبل سوريا. 1- ما هو تقييمكم لإعلان "تحرير دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد ؟ أشير إلى أن سرعة سقوط نظام الأسد تُثير التساؤلات، وأؤكد أن الأمر "أكثر بكثير من هذا الإخراج الذي يبدو على أنه سهل". أرى أن سقوط النظام، وإن كان بمثابة "القشة التي قسمت ظهر البعير"، فهو نتيجة تراكم عوامل عديدة، وليست مجرّد حدث عابر. أعتبر "تحرير دمشق، وإنهاء هذا النظام الذي جثم على أنفاس السوريين لخمسين سنة"، بمثابة "احتفال طبيعي وعادي لشعب يستحق الحرية". مع ذلك، أُحذّر من السطحية في قراءة المشهد، وأدعو إلى "الكثير من الفهم والاستيعاب لهذه المرحلة"، لأن سقوط نظام الأسد "لم يكن سهلاً ولم يكن متاحاً" لولا الظروف الجيوسياسية والتاريخية والسياسية التي هيأت له.2- كيف ترون المستقبل السياسي لعملية الانتقال في سوريا ؟ أُحذّر من أن "المستقبل السياسي للعملية الانتقالية محفوف بالمخاطر"، وأُحدّد جملةً من التهديدات والتحديات، أبرزها "دور الفصائل السياسية في سوريا". أتساءل: "هل هذه الفصائل سوف تتحد على كلمة رجل واحد؟". أستشهد ببعض مظاهر الاحتفال، وبالكلمة "المعبرة" لقائد هيئة تحرير الشام، محمد الجولاني "أحمد الشرع" و الذي "أعطى تطمينات للشعب السوري". أُؤكد على ضرورة الوحدة الوطنية، كما أستحضر هنا "تاريخ اللحمة الوطنية" الذي يتميّز به الشعب السّوري، والذي "يستطيع أن ينتصر على هذه الهويات الطائفية كما وقع في العراق، وكما هو شائع بالنسبة للصراعات القبلية في ليبيا". 3- ما هي أهم توصياتكم لتحقيق استقرار سوريا ؟ أُشدّد على أهمية "تحييد التدخّل الأجنبي"، الذي يُشكّل "نقطة دفع قوية في القضية السورية"، و أخص بالذكر هنا دعم تركيا لهيئة تحرير الشام، وما مكّنها من إسقاط مدن كانت في حوزة النظام. أُشير إلى الإشكال المطروح بالنسبة للأكراد، ورفض تركيا لوجودهم في المنطقة، رغم رفض الولايات المتحدة الأمريكية لذلك، خوفاً من تقاربهم مع حزب الوحدات الكردي المدعوم أمريكياً، والحزب العمال الكردستاني المحظور تركياً. أُضيف إلى ذلك مستقبل روسيا وإيران في سوريا، في ظلّ التطمينات التي أعطاها أحمد شرع لبقاء القواعد العسكرية الروسية في طرطوس وحميميم. كما أرى أن هذه "التوازنات الاستراتيجية هي العنوان العريض لمستقبل سوريا"، وأُطالب باختيار "مستقبل سوريا" على أساس "الأساليب الدستورية التي سوف تقوم بها المعارضة السورية، وتطبيعها مع كل فصائل المعارضة للِوصول إلى إنشاء دستور سوري جديد، وكذلك مؤسسات دستورية"، و أعتبر أن الإبقاء على رئيس وزراء لتصريف الأعمال، وتشكيل حكومة، وعدم القيام بإجراءات انتقامية، هو "ضمان لاستمرارية الدولة"، و أشدد على أن "مستقبل سوريا رهين برغبة السوريين وإرادتهم في إتمام عملية الانتقال الديمقراطي بسلاسة وموضوعية"، وأدعو إلى "إزاحة كل القوات المتطرفة من سوريا، "كداعش"، حتى يتأتى إنهاء البناء الديمقراطي بشكل طبيعي وفي أقرب الآجال".أشير إلى أن أهم التوصيات التي ذكرتها تتعلق بمواجهة تحديات سوريا الداخلية والخارجية بجرأة وعقلانية، مع ضرورة توخي الحذر وتجنب الاندفاع. لكنني أخشى من شبح الانتقال من نظام شمولي، بدأ ديكتاتورياً شمولياً وانتهى متخاذلاً وضعيفاً، إلى أوثقراطية، أو نخبة سياسية إسلامية متشددة تتحكم في مستقبل سوريا. هذا هو خوفي الأكبر. أعتقد أن الشعب السوري واعٍ بهذه التحديات، ومُدرك للإكراهات التي تواجه المنطقة و للفاعلين الإقليميين التي تتربص بها، وعلى رأسها إسرائيل كما أرى أن سوريا اليوم ليست سوريا الأمس، وأن مستقبلها قد يكون مختلفاً تماماً عن ماضيها. و أؤكد على أهمية الاختيار الوطني الحرّ لأساليب التدبير السياسي، لتمكين السوريين من تحقيق انتقال ديمقراطي، وإعادة سوريا إلى ما كانت عليه، بل وأفضل، خاصةً أنها شهدت في فترات سابقة ازدهاراً اقتصادياً فاق ما كانت عليه بعد الربيع العربي. لذا، أرى ضرورة وجود رؤية ومنهجية واضحة، مع الابتعاد عن التعصب، الذي قد يقود إلى أسوء السيناريوهات، وهو ما أتمنى ألا يحدث في سوريا.
مشاركة :