أرى أن الإصلاح السياسي يكون ناجعًا ومستمرًا في تأثيره إذا ما سبقه الإصلاح الاقتصادي، فالإصلاح السياسي قبل الاقتصادي يؤدي بطبعه إلى انتشار الفوضى بين الناس الذين اعتادوا أن تقودهم حكومة مركزية.. فيعبثون بحرياتهم مقابل المردود المالي ولا يقدّرون الحرية فيبيعون أصواتهم في الانتخابات ويتبعون شيوخ العشائر. هذا لأنهم فقراء ولأنهم ما اعتادوا الحرية وأن تكون لهم آراء مرتبطة بمصالح اقتصادية. ولكن إذا ما سبق الإصلاح السياسي (إعطاء الناس حرياتهم) الإصلاح الاقتصادي (برفع الناس عن خط الفقر والعدل في توزيع الفرص). فسيكون للجميع مصالح سياسية يترتب عليها مصالح اقتصادية ولن ينجرفوا في رأيي مع رؤساء العشائر أو أصحاب المال. وربما مع الوقت تتكوّن طبقة وسطى تغلب في عدد أفرادها ومجموع ثرواتها القلة من النخب المسيطرة. وستطالب قسرًا هذه الطبقة الوسطى بحقوق قد لا تطالب بها إذا ما كانت محاصرة بالفقر. صحيح أن عدم العدل وسوء توزيع الفرص منتشر حتى في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أننا في الشرق الأوسط نواجه فرصة سانحة لوضع الإصلاح الاقتصادي قبل السياسي، المهم أن لا نقع في فخ نشر السياسي قبل الاقتصادي. إذ أنه إذا سبق الإصلاح السياسي الاقتصادي فقد -في رأيي- ينقلب الحال على نفسه وتتكوّر المسرحية الساخرة مع تغيّر أسماء الممثلين.
مشاركة :