تحت مجهر النقد، تربعت رواية سيف للكاتبة فتحية النمر مساء أول من أمس، فاتحةً خزائنها بكل ثقة، ومستلقية بكل طواعية استعداداً لمبضع الجراح، الذي حمله بحرفية الناقد الدكتور سليمان حسين، في الندوة التي أقامها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في قاعة أحمد راشد ثاني في القصباء بالشارقة، مستعرضاً في قراءته النقدية مكامن قوة الرواية، ومسلطاً الضوء على بعض النقاط طارحاً علامات استفهام وتعجب حولها. الندوة التي اقتصر الحضور فيها على بعض النخبة، وأدارها الناقد صالح هويدي، تطرق فيها سليمان حسين للحديث عن بنية نص الرواية، متناولاً اللغة والألفاظ وبنية الفصول، مشيراً إلى أن النص أفرط في المقدمات والمداخل وبنى على اللغة والتصوير. محاور ولفت حسين إلى أن الرواية تتوزع على مجموعة من الموضوعات الاجتماعية والإنسانية والأيديولوجية، وهي تشكل المرامي الأساسية للنص، ومحور الخطاب الروائي له، متناولاً عدة جوانب أهمها الهموم الاجتماعية والعلاقات البشرية، ومقولة الجشع والطمع الذي سيطر على بعض الشخصيات ليودي بحياتها، وركز على العلاقة المتأزمة بين المرأة والمرأة، وهي أزمة تقليدية عندما تتمثل في العلاقة بين المرأة وحماتها، ولكنها أزمة سيكولوجية نفسية ذات أبعاد ثقافية وفكرية عندما تتعلق برؤية المرأة لذاتها وللمرأة التي تنتمي إلى عالمها، كما تطرق للحديث عن الموضوع المحوري الذي يعالجه النص، متمثلاً في الذكورة والأنوثة، فتراجع ذكورة سيف أو فقدانها أزمة استلهمت مقولات سيكولوجية لتعرض الحالة في إطار نفسي مأزوم محتقن، نجح كثيراً في استخدام لغة تصويرية تنقل المعادل الشعوري للشخصية إلى المتلقي، وفي المقابل، فإن هناك أنوثة مفقودة عند نورة التي كانت تعاني عدم القدرة على الإنجاب، لتكتشف بعد ذلك أنها حامل بعد أن فصمت عرى علاقتها بزوجها. وفيما يتعلق ببنية النص، تطرق حسين إلى العنوان، لافتاً إلى أن استخدام اسم العلم سيف قدم مجموعة مفارقات أهمها التناقض بين دلالة سيف والواقع الذي يعيشه، و وذكر الناقد أنه ربما كان من الأمثل اختيار عنوان اختزالي يحقق شمولاً أكبر للنص. تجربة جديدة فتحية النمر التي فتحت قلبها وأذنيها جيداً للقراءة النقدية، ودونت بعض النقاط التي لفتت نظرها في النقد الذي قدمه الدكتور سليمان حسين، أشارت إلى أن الأدب بحاجة ماسة إلى النقد، وسط الزخم الكبير من الإصدارات، لافتة إلى أهمية الجلسات النقدية، ومؤكدة أن سيف تعد تجربة جديدة بالنسبة لها، كونها أول تكليف من قِبل جهة معينة، إذ جاءت بطلب من المجلس الأعلى لشؤون الأسرة لتكون فصلاً ضمن إصدار روائي يجمع أكثر من قلم مبدع، إلا أن ذلك لم يتحقق لضيق الوقت وبعض الظروف الأخرى. وذكرت أن ثيمة الرواية تلخصت في الولاء والإيثار، مشيرة إلى أنها حاولت الإمساك بخيوط اللغة الجمالية دون أن تغرق في الزخرفة. مرامي الناقد سليمان حسين أنهى قراءته النقدية بالتأكيد على أن سيف نص ينتمي إلى رواية المقولات والمرامي على الرغم من أنها تحاول أن تقدم لنا مقومات رواية الشخصية، إلى جانب أنها رواية تدخل في مجال الروايات الثقافية التي تطرح قضايا إنسانية في سياق لغوي خاص.
مشاركة :