الكتاب يقوم على فكرة أن توليد المعاني يمكن أن يتم أيضا من خلال طقوسنا اليومية، ومنها حلاقة شعورنا، وتنظيم مطبخنا وحفلاتنا، وقراءتنا للصحف، وارتياد المسارح، والحديث عن أحوال الطقس وأخبار الإجرام والرياضة. ويتوزع الكتاب على 36 موضوعا ذا صلة بالحياة اليومية، وتحمل هذه المواضيع عناوين خفيفة من قبيل: “ضربة جزاء”، و”الضحك الذهبي”، و”الفلسفة على نحو مغاير”، و”مسألة السيادة”، و”من الأيقونة إلى اللوغو”. ولا نعثر في الكتاب على تحليل سيميولوجي بالمعنى الأكاديمي للكلمة، وإنما نتعرف على طرق عفوية لتفسير علامات الحياة اليومية، وجعلها مفهومة ضمن سياقها الثقافي. كما يسلط الكاتب تأملاته النقدية على عدد من المفاهيم السائدة في الحياة الثقافية، مثل الخبير، والمثقف، والناشر، والمؤلف، والمفكر. وحول هذا الأخير، وهو المفكر، ينتقد بن عبدالعالي كلمة “المشروع الفكري”، التي تطلق عادة على أعمال المفكرين، معتبرا أن “اشتغال المفكر غالبا ما لا يحيد عن اهتمامات بعينها، إلا أن ذلك قد لا يكفي للنظر إلى مساره، كما لو رسمته إرادة واعية وبرمجه عقل مهيمن جبار”. ويقول في كتابه “يُصر بعض النقاد على أن يقدموا أعمال المفكر كما لو كانت تندرج ضمن مشروع فكري متكامل، وهم يعرضونها كما لو تمخضت عن قرار تأليف وتخطيط معقلن محسوب، هذا رغم تَبيُّنِهِم أنها غالبا ما تكون استجابات لحظية وتفاعلا متحولا مع المحيط الثقافي والظرف التاريخي”. وتحت عنوان “الضحك الذهبي” نقرأ مقارنة مطوّلة بين التهكم والسخرية، فـ”التهكم يصدر دوما عن ادعاء صريح أو ضمني، يشعر المتهكم دوما أنه من سلالة رفيعة، لذلك فهو لا يتهكم على نفسه. على عكس السخرية التي تسخر من نفسها قبل كل شيء”. يقول بن عبدالعالي “السخرية متواضعة، أما التهكم فيصدر عن إحساس بالقوة. إنه دائما في موقع من يتصيد نقاط الضعف”. لكن كيف يرى المؤلف الصمت؟ في كتابه “سيميولوجيا الحياة اليومية” يقول المؤلف “ليس الصمت مجرد سلب، مجرد غياب للكلام. إنه ليس خواء وعدما، بل إنه يتمخض عن فعالية وينطوي على بلاغة. وهذا أمر يدركه أصحاب الموسيقى الذين ينظرون إلى مقاطع الصمت على أنها مقاطع من المعزوفة الموسيقية، وليس على أنها توقف لتلك المعزوفة”. :: اقرأ أيضاً صور قلميّة عن صناع الحياة اليومية في مصر على مر العصور المربد الشعري يحتضن الموسيقى والغناء والفن التشكيلي أعلام الرواية اليابانية وأبرز ملامحها في كتاب نقدي 550 مشاركة في معرض الرياض للكتاب
مشاركة :