نجحت القوات النظامية السورية أمس في السيطرة على تلة استراتيجية تقع بين ريفي محافظتي اللاذقية وإدلب (شمال غربي البلاد)، بعد أيام من الهجمات التي صدتها فصائل المعارضة. لكن هجوماً كبيراً شنّه النظام وحلفاؤه على مدينة داريا في غوطة دمشق الغربية انتهى بالفشل بعد 16 ساعة من المعارك مع المعارضين المتحصنين في هذه المدينة المحاصرة منذ سنوات. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، في تقرير من محافظة اللاذقية الساحلية أمس، أن الفصائل الإسلامية استهدفت تمركزات لقوات النظام في ناحية كنسبا بالريف الشمالي وأوقعت قتلى وجرحى في صفوفها. لكنه أضاف أن اشتباكات عنيفة جرت «بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط تلة الحدادة ومناطق أخرى في ريف اللاذقية الشمالي، وسط تقدم جديد لقوات النظام وسيطرتها على تل الحدادة قرب الحدود الإدارية مع إدلب، والتي ترصد طرقاً واصلة بين جبل الأكراد وكبانة (اللاذقية) وريف جسر الشغور (إدلب)». وشن النظام وحلفاؤه هجمات عنيفة منذ أيام بهدف السيطرة على تلة حدادة، لكن فصائل المعارضة أعلنت في سلسلة بيانات أنها تمكنت من صدها موقعة خسائر كبيرة في صفوف المهاجمين. وفي محافظة حماة (وسط)، تحدث المرصد عن قصف قوات النظام لبلدة حربنفسة وقرية الزارة بريف حماة الجنوبي، حيث تمكنت فصائل معارضة عدة من تحقيق تقدّم لافت في الأيام الماضية، على رغم شن النظام هجمات كبيرة مدعومة بغطاء جوي من أجل استرجاع ما خسره. ونقلت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة عن ناشطين إن طائرات القوات الحكومية «شنت عشرات الغارات الجوية صباح اليوم (أمس) على خطوط المواجهة في الزارة وحربنفسة وصل عددها إلى أكثر من 30 غارة ... تزامناً مع محاولات حثيثة لقوات الأسد وعناصر الدفاع الوطني للتقدم على جبهات الزارة وحربنفسة بعد خسارتها مواقع عدة أبرزها حاجز المحطة والمباني القريبة منه شرق حربنفسة وبلدة الزارة الموالية والتي سيطر عليها الثوار بعد معارك عنيفة في المنطقة ضمن معركة الثأر لحلب». أما في محافظة حمص المجاورة، فقد شنت طائرات حربية غارات عنيفة على مدينة الرستن بالريف الشمالي، ما أدى إلى سقوط «عشرات الشهداء والجرحى»، وفق المرصد. وأوضح المصدر نفسه أنه «تأكد استشهاد ما لا يقل عن 11 ... معظمهم من عائلة واحدة جرى انتشال جثثهم من تحت الأنقاض، وعدد الشهداء مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بحالات خطرة ووجود مفقودين تحت الأنقاض». وفي الوقت نفسه، استمرت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في محيط حقل شاعر بريف حمص الشرقي، «وسط تقدم لقوات النظام في المنطقة»، وفق المرصد الذي أشار أيضاً إلى مقتل ما لا يقل عن 7 عناصر من قوات النظام خلال اشتباكات مع «داعش» أول من أمس في محيط حقل جزل بريف حمص الشرقي. وتابع أن طائرات حربية أغارت على محيط جبلي المزار والطار بريف مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي. وفي محافظة ريف دمشق، قال المرصد إن طائرات حربية نفّذت ما لا يقل عن 10 غارات على محيط اوتستراد السلام قرب مخيم خان الشيح بالغوطة الغربية، فيما تحدثت «الدرر الشامية» عن تقدم حققته القوات النظامية، مدعومة بـ «لواء ذو الفقار» العراقي، في مدينة داريا بريف دمشق، قبل أن يتمكن المعارضون من استعادة كل المواقع التي خسروها. وأوضحت «أن الهجوم بدأ (ظهر الثلثاء) حيث شنَّت قوات الأسد ولواء ذو الفقار هجوماً من الجبهة الجنوبية للمدينة، وسيطروا على كتلة مبانٍ، ليقوم الثوار بعدها بهجوم معاكس، اندلعت إثره اشتباكات استمرت 16 ساعة، وانتهت مع فجر اليوم (أمس) بتحرير كتلة المباني في شكل كامل». وأضافت: «تشير التقديرات إلى سقوط أكثر من 16 قتيلاً من قوات الأسد والميليشيات العراقية». في غضون ذلك، تعرضت بلدتا بالا وبزينة بالغوطة الشرقية لقصف من قوات النظام، فيما ارتفع إلى 12 عدد الغارات التي نفذتها طائرات حربية منذ الصباح على مناطق في الغوطة الشرقية، بالتزامن مع «تجدد الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى ... حيث تمكن مقاتلو فيلق الرحمن وجيش الإسلام من استعادة كتل أبنية ومواقع ... في منطقة بزينة كان النظام قد تقدم إليها خلال الـ 24 ساعة الفائتة». وفي شمال سورية، نفّذت طائرات حربية غارتين على حي بعيدين بمدينة حلب، بينما ألقى الطيران المروحي ما لا يقل عن 8 براميل متفجرة على مخيم حندرات شمال مدينة حلب، على ما أفاد المرصد. أما «الدرر الشامية» المعارضة فأشارت، من جهتها، إلى أن «طريق إمداد مدينة حلب (طريق الكاستيلو) ما زال يتعرض لهجمات من ميليشيات وحدات حماية الشعب (الكردية) وقوات الأسد، الأمر الذي أدى إلى توقفه في شكل شبه كامل منذ ثلاثة أيام». ونقلت «الدرر» عن «أبو عبدالرحمن» أحد القادة العسكريين على جبهة الشيخ مقصود إن الوحدات الكردية «تحاول استهداف المدنيين المحاولين عبور الطريق (الكاستيلو) بهدف الضغط على الثوار للتراجع من المناطق التي سيطروا عليها مؤخراً في معارك الشيخ مقصود». أما في ريف حلب الشمالي، فقد قال المرصد إنه حصل على شريط مصوّر يُظهر «مقاتلين في الفرقة 16 مشاة العاملة في حلب وريفها، وهم يستقلون سيارة ويقومون بسحل جثة مقيّدة إلى السيارة بواسطة حبل». وأظهر الشريط المصور، والذي تم تسجيله بريف حلب الشمالي كما أفاد المرصد، «مقاتلين صغار السن يتحدثون قائلين: تم الشحط ... تم ذبح هذا الخنزير في قرية البل». وكانت الفصائل المقاتلة والإسلامية سيطرت أول من أمس على قرية البل الواقعة في شمال بلدة صوران بريف حلب الشمالي، عقب اشتباكات عنيفة مع «داعش». وفي دير الزور (شرق البلاد)، قال المرصد إنه «ارتفع إلى ما لا يقل عن 40 عدد الغارات ... التي نفذتها طائرات حربية منذ منتصف ليلة (أول من) أمس وحتى الآن، مستهدفة مناطق في مدينة دير الزور ومحيط مطارها العسكري ومنطقتي البانوراما والمجبل بجنوب غربي مدينة دير الزور». ورجّح أن يكون الهدف من «تكثيف النظام لقصفه الجوي التمهيد لبدء هجوم بغية استعادة النقاط التي خسرها خلال الأيام الفائتة». وعرض تنظيم «داعش»، من جهته، صوراً لعناصره بعد طردهم قوات النظام من «دوار البانوراما» في دير الزور. أما في محافظة الحسكة المجاورة (شمال شرقي سورية)، فقد أشار المرصد إلى وقوع اشتباكات «بين قوات الأمن الداخلي الكردي (الأسايش) من جهة، وقوات النظام ومسلحين موالين لها من جهة أخرى، في منطقة شارع القامشلي وسط مدينة الحسكة»، مضيفاً أن «المدينة تشهد توتراً بين المواطنين المدنيين، وسط تخوف من تطورات الوضع فيها».
مشاركة :